بيروت - عمر حبنجر
إنها النهاية المحتومة لظاهرة «فتح الاسلام» التي عصفت بمخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين، في شمال لبنان، كتبها الجيش اللبناني والقوى الامنية بأحرف من دم.
النهاية اختارها رجال هذه المجموعة المنتحلة لفتح فلسطين والمتدثرة بعباءة الاسلام، على طريقتهم الانتحارية، لقد رفضوا مختلف المساعي لتسليم أنفسهم للعدالة اللبنانية، رغم التعهد بتمييز القاتل منهم عن المقاتل، واصروا على المقاومة في غير موقعها، وعلى القتال حيث لا ضرورة للقتال، بعيدا عن حياض العدو الذين يدعون معاداته (اسرائيل)، واثروا بعد اخراج النساء والاولاد، الهروب الجماعي بمساندة عناصر تابعة أو حليفة، أتت من طرابلس بسيارات، حاول من فيها اشغال نقاط الجيش في المحمرة والعبدة وايهامها بأن ثمة هجوما عسكريا على محاور الجيش المحاصر للمخيم من الخلف، لكن مغاوير الجيش وفهود الأمن الداخلي الذين انتشروا على الطرق من ضبية شمالي بيروت الى طرابلس فالمنية وعكار، كانوا لهم بالمرصاد.
وقال مصدر أمني رفيع لـ «الأنباء» ان مروحيات الجيش لعبت دورا اساسيا في المعارك التي اندلعت منذ الفجر، سواء أكان على صعيد القصف الصاروخي، أم على صعيد الاستطلاع وارشاد قوى الجيش والأمن الى أماكن فرار العناصر المسلحة، خصوصا في الوديان القريبة الملأى بالكهوف.
ويضيف المصدر الامني الرفيع ان القوة الضاربة لدى الجيش تفرغت لقصف وضرب الهاربين والمجموعات المتحصنة في بعض المباني المكلفة بتغطية انسحابهم، فيما تولت القوى الامنية مراقبة الطرق من خلال الحواجز وتتبع آثار المسلحين في الوديان، مع تعزيز الحواجز على مداخل مخيم البداوي الفلسطيني القريب، لمنع وصول الهاربين اليه.
أبرز المواجهات حصلت في «خان العبدة» بين الجيش ومجموعة من هذا التنظيم المسلح، لجأت الى مبنى هناك، وبين عناصرها ابوسليم طه، الناطق باسم «فتح الاسلام» ومعه خمسة من مجموعته، وتردد ان طه اعتقل حيا.
واعقبت ذلك معارك وادي الجاموس، حيث لجأ الخارجون من المخيم الى المغاور الكثيرة هناك. ووسط الركام وزحمة سيارات الاسعاف التي كانت تلتقط الجثث داخل المخيم، أو من حوله، كان البعض من القوى الاساسية، يبحث عن شاكر العبسي، بين جثث القتلى أو الموقوفين بلا طائل، علما ان طبيبا روسيا كان داخل المخيم قال انه شاهد شاكر يحلق لحيته قبل يوم، وكان في وضع سليم!
وتعقيبا على ذلك قال مصدر عسكري ان الاهم فيما حصل هو انتهاء المعركة التي تجاوزت المائة يوم عمليا، لصالح الجيش الذي تصرف أساسا، ردا على الاعتداء عليه، أما مصير شاكر العبسي فقد بات ثانويا، اذ ربما يكون قتل منذ شهر أو هرب، ما يعني انه تخلى عن جماعته.
وكانت زوجة شاكر التي خرجت من المخيم مع 63 امرأة وولد ابلغت محققي الجيش ان زوجها مصاب، وان وضعه الصحي حرج. لكن مرجعا أمنيا كبيرا اكد لـ «الأنباء» ظهر أمس، انه لم يعثر على أي أثر له حتى ساعة الاتصال.
المرجع الأمني لم يستبعد العثور على العبسي بين الجرحى من ذوي الحالات الصعبة الذين وجدوا داخل ملاجئ المخيم، وهذا احتمال ضئيل اذا ما تذكرنا قول الطبيب الروسي.
ولم تغب مروحيات الجيش عن سماء المخيم ومحيطه فيما كان الجنود «يمشطون» حطام المباني والملاجئ والوديان بحثا عن احياء أو اموات استدلوا عليهم من الروائح المنبعثة.
وقدر مصدر عسكري حصيلة اليوم الاخير من حرب نهر البارد بعشرين قتيلا من المسلحين وعشرين جريحا ومثلهم من الموقوفين، بحسب التقديرات الاولية.
وبين الموقفين شخصان يمنيان كانا يحاولان الفرار سباحة في البحر، كما انتشلت المروحيات بعض الجثث من الماء، وبدا انها لمسلحين حاولوا الهرب، بنفس الطريقة ولم يحالفهم الحظ.
وفي معلومات وردت من المخيم ان هناك عددا من الجثث لمسلحين وجد في «محطة هزيم» حيث كان يتمركز المسلحون على المدخل الشمالي للمخيم.
ولعب اهالي القرى المحيطة بالمخيم دورا أساسيا في ارشاد الجيش والامن الداخلي الى العناصر الهاربة. بدورها، أصدرت قيادة الجيش ظهر أمس بيانا بالوقائع الحاصلة منذ الصباح، وفيه انه فجر امس هاجم مسلحو فتح الاسلام مراكز الجيش في محاولة يائسة للفرار من مخيم نهر البارد، فتصدت لهم قوى الجيش وأوقعت في صفوفهم عددا كبيرا من القتلى والمعتقلين. وتتابع قوى الجيش مهاجمة معاقل ما تبقى من المسلحين وملاحقتهم خارج المخيم. وذكرت مصادر أمنية ان بعض القتلى والفارين من جنسيات عربية وأجنبية، وقد باشرت الجهات المعنية وضع لوائح اسمية بالقتلى منهم خصوصا تمهيدا لمراجعة سفارات بلادهم.
الصفحة في ملف ( pdf )