واشنطن ـ أحمد عبدالله والوكالات
يشحذ الجمهوريون سكاكينهم مع وصول ثلة جديدة من النواب للعاصمة الأميركية هذا الاسبوع استعدادا لتحدي سياسات الرئيس الأميركي باراك أوباما المتعلقة بحزمة كاملة من القضايا الداخلية بل وإخراجها عن مسارها، في حال أمكن ذلك. وتتراوح من الفساد في افغانستان الى القواعد التي نظمت منح المساعدات المالية لمؤسسات وول ستريت.
ويشهد العام الجديد المرة الأولى في عهد أوباما التي يكون للجمهوريين فيها يد في الحكم، وذلك في وقت لايزال فيه أكبر اقتصاد في العالم هشا، وقد اقترب معدل البطالة 10%.
وما من شك في أن الخسائر الهائلة التي مني بها أوباما في انتخابات الكونغرس في نوفمبر الماضي تعني أن المحافظين سيفرضون سطوتهم على مجلس النواب لدى عودة الاعضاء إلى واشنطن غدا الاربعاء، في حين يحتفظ الديموقراطيون اليساريون بأغلبية هزيلة في مجلس الشيوخ.
وقال رئيس لجنة الرقابة والإصلاح الحكومي الجمهوري داريل عيسى الذي يمثل دائرة في كاليفورنيا ان لجنته ستبدأ في 6 تحقيقات مختلفة في الوقت ذاته. وسوف يؤدي ذلك الى شغل الفضاء الاعلامي الاميركي بتفصيلات عن اوجه التقصير التي شابت اداء ادارة الرئيس اوباما كما يراها خصومه السياسيون.
وكشف عيسى ان احد اهم القضايا التي سيحقق فيها الكونغرس الجديد هو تسريبات «ويكيليكس» التي اربكت الديبلوماسية الاميركية واساءت الى علاقات واشنطن بالدول الاخرى، حسب قوله، واضاف عيسى «تسربت ادق اسرار العمل الديبلوماسي للولايات المتحدة ولم يحقق احد في هذه القضية لتحديد المسؤولين عن هذا التسريب الذي اضر بالبلاد. وقد جاء وقت الحساب».
فضلا عن ذلك، فستشمل التحقيقات التلاعب المالي بحالات اخراج مالكي المنازل من منازلهم بعد عجزهم عن سداد الاقساط وبيع قروض سيئة لمؤسسات مالية حكومية بعد تقديم معلومات مزورة عن اصحابها والجهات المسؤولة عن الازمة المالية والاقتصادية التي اجتاحت البلاد قبل اكثر من عامين، ويمتلك رئيس لجنة الرقابة والاصلاح الحكومي دستوريا حق استدعاء مسؤولين في الادارة للشهادة وحق اجبارهم على ذلك اذا رفضوا اذ ينص القانون على احالة المسؤول الذي يرفض الى القضاء ومعاقبته بالحبس.
وستشمل التحقيقات التي يجريها الكونغرس تحقيقا تجريه لجنة الامن الوطني حول اسباب انتشار المواقف الراديكالية بين مسلمي الولايات المتحدة كما اوضح رئيس اللجنة بيتر كينغ، ومن المقرر ان يتضمن ذلك التحقيق استدعاء قادة المنظمات الاسلامية الى الكونغرس وتقديم شهادات من اشخاص عرفوا عادة بعدائهم للمسلمين بصفة عامة. ويعرض ذلك التحقيق اتهاما لوزارة العدل في ادارة الرئيس اوباما بتراخيها في تعقب «الخلايا الاصولية» في صفوف المسلمين الاميركيين، حسب قول كينغ.
ويشمل الأسبوع الأول بعض المراسم الاحتفالية، إذ انه من المقرر قيام الجمهوريين غدا بأداء القسم باحترام الدستور بصوت مرتفع، وذلك للمرة الاولى على الاطلاق في الكونغرس، في اشارة الى حركة حفلات الشاي الشعبوية التي كان لها الفضل في إحياء فرص التأييد الشعبي للحزب الجمهوري العام الماضي.
هذا الواقع السياسي الجديد سيضطر أوباما على الارجح إلى الانتقال إلى دائرة الوسط السياسي، شأنه في ذلك شأن الكثير من الرؤساء السابقين، وذلك بعد عامين من استحواذ رفاقه الديموقراطيين على الاغلبية في الكونغرس بمجلسيه.
في هذا الصدد، كتب المحلل السياسي ستيوارت روتينبرغ الشهر الماضي قائلا «سيضطر أوباما إلى السير فوق خط دقيق بين البراغماتية والمبادئ».
من جهته، أعرب أوباما عن أمله بأن يعي القادة الجمهوريون أن ثمة وقتا كافيا قبل موعد الحملات الانتخابية الرئاسية في 2012 وانه لابد من أن يتم التركيز حاليا على تعافي الاقتصاد الأميركي.
وتحدث أوباما مع الصحافيين على متن الطائرة الرئاسية في طريق العودة من إجازة أمضاها مع عائلته في هاواي، فتمنى أن «يعي (رئيس مجلس النواب الجديد جون بوهنر وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل) أن ثمة وقتا كافيا لبدء الحملات من أجل (الانتخابات) في 2012».
وردا على سؤال من الصحافيين إن كان يتوقع استقبالا باردا من الجمهوريين في واشنطن في ظل ما يتردد عن عزمهم رفض قانون الرعاية الصحية، فأجاب «أظن اننا سنشهد أعمالا سياسية وهذا ما سيحصل في واشنطن سوف يلعبون في قاعدتهم لبعض الوقت لكنني واثق أنهم سيعون أن مهمتنا هي الحكم والتأكد من تأمين الوظائف للشعب الأميركي وقيام اقتصاد تنافسي في القرن 21 ليس لهذا الجيل فقط إنما للجيل التالي».
إلى ذلك، قال مسؤولون أميركيون ان المستشارين القانونيين للرئيس الأميركي يبحثون في ما إذا كانوا سيوصونه بإصدار بيان رئاسي يؤكد ان صلاحياته التنفيذية تسمح له بتجاهل القيود الجديدة المفروضة على نقل معتقلي غوانتانامو إلى الولايات المتحدة.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين في البيت الأبيض انه إذا أصدر أوباما مثل هذا البيان فإنه سيكون أكثر قسوة في استخدام صلاحياته التنفيذية بشكل أحادي مما فعل في السنتين الأوليين من ولايته وهذا مرده إلى أن الجمهوريين سيطروا على مجلس النواب.