تعهد الرئيس السوداني عمر البشير لاهل الجنوب السوداني أمس «بقبول واحترام خيارهم في الاستفتاء على تقرير مصير الاقليم» الذي يبدأ التصويت عليه الاحد المقبل.
وقال البشير في كلمة ألقاها أمام قادة المجتمع المدني والاحزاب السياسية بعاصمة الجنوب (جوبا) «ان قناعة حزب (المؤتمر الوطني الحاكم) كانت ولاتزال لصالح الوحدة بين شمال السودان وجنوبه، الا ان ذلك لا يعني ان نرفض خيار الجنوبيين اذا جاءت النتيجة لصالح الانفصال».
واستعرض الرئيس السوداني المجهودات التي قامت بها حكومته من اجل تحقيق السلام مرورا بانعقاد «مؤتمر الحوار الوطني لقضايا السلام» عام 1989 وصولا الى اتفاقية «نيفاشا» عام 2005 التي وصفها بأنها «حققت مطالب الجنوبيين في السلطة والثروة».
في السياق ذاته، دعا البشير الى تجاوز ما اسماها «سلبيات الانفصال» في حال وقوعه «بالعمل على تحقيق مصالح الجنوب والشمال وانطلاقة نهضة تنموية واستغلال الامكانات الشحيحة بالمنطقتين لصالح انسان الجنوب والشمال». واعرب عن استعداد حكومته للمشاركة في احتفالات الدولة الجديدة المحتملة مبديا الاستعداد لأي دعم تحتاجه.
وقال ان تلك الدولة «ستحتاج للعون وليس هناك اولى من الشمال لتقديم هذا الدعم».
وفيما يخص الاستعدادات للاستفتاء اكد الرئيس السوداني «ان المراحل السابقة بما فيها تسجيل الناخبين تمت بصورة جيدة»، معربا عن التوقع بأن تتم باقي الاجراءات «بصورة سلسلة». وكان الرئيس السوداني قد وصل الى مدينة «جوبا» عاصمة الجنوب كآخر زيارة للمدينة قبل الأنفصال على ما يتوقع المراقبون، واستقبله لدى وصوله مطار المدينة المئات من ابناء الجنوب وفي مقدمتهم نائبه الاول ورئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت واعضائها. واذ أكد البشير أن الخلاف لايزال قائما بين شمال السودان وجنوبه حول منطقة «ابيي»، لكنه أعرب عن قناعته بأن الحوار يمكن أن يحل أي خلاف. وفيما يتعلق بموضوع ترسيم الحدود، قال البشير إنه تم الاتفاق على ترسيم ما نسبته 80% منها ولم يتبق سوى 20%، معربا عن أمله أن يتم ذلك بحلول التاسع من يوليو المقبل وفقا للبروتوكولات المكملة لاتفاقية السلام الشامل والموقعة مع الحركة الشعبية عام 2005. أما على الارض، فتسيطر موجة من الحيرة والقلق على الشارع السوداني الذي لا حديث له هذه الايام سوى عن الانفصال المرجح لجنوب السودان بموجب الاستفتاء. ويبدو ان الشماليين باتوا على يقين قاطع ان احلام الوحدة قد تبددت تماما وان كان ثمة شيء يأملونه الآن فهو ان يمر الاستفتاء بأمان وسلام وألا يعيد الحرب الاهلية مع الجنوب مرة اخرى.
اما ابناء الجنوب السوداني وخاصة المقيمين منهم بالشمال فيؤيد معظمهم الانفصال بيد انهم يخشون المصير المجهول فعودتهم للجنوب مسألة صعبة لدى الكثيرين منهم، خاصة ان بعضهم لم ير هذا الاقليم وارتبطت حياته تماما بالشمال من عمل وتعليم وغيرها، فضلا عن ان بعضهم يخشى من اندلاع صراعات قبلية في الجنوب بعد الانفصال. واجمعت شرائح مختلفة من السودانيين الشماليين والجنوبيين في استطلاع اجرته «كونا» عن ان الامل في المستقبل يكمن في التزام النخب الحاكمة في الشمال والجنوب بالتعهدات التي اطلقتها ان تكون العلاقات بين الطرفين قائمة على التعاون.