عاد الى مدينة النجف العراقية أمس بشكل مفاجئ زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بعد غياب استمر ثلاثة اعوام قضاها في إيران اثر خلافات مع رئيس الوزراء نوري المالكي الذي شن حملة مسلحة ضد عناصر جيش المهدي التابع للتيار عام 2007 ثم قال مقربون منه فيما بعد انه غادر لكي يتلقى في مدينة قم الإيرانية علومه الدينية.
وتأتي عودة الصدر الى العراق بعد تسوية مشاكله مع المالكي ومشاركته بعدد من وزراء التيار في حكومته الجديدة التي تشكلت مؤخرا إضافة الى انتخاب القيادي في التيار قصي السهيل نائبا اول لرئيس مجلس النواب.
وقال مصدر في مكتب الصدر بمحافظة النجف ان الصدر وصل النجف بعد مغادرته العراق منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة من دون الإدلاء بأي تفاصيل أخرى عن هذه العودة بحسب ما نقلت عنه وكالة السومرية نيوز العراقية.
وأشارت مصادر عراقية الى ان تسوية بين المالكي والصدر قد تحققت بضغوط إيرانية تقضي بإطلاق سراح معتقلي التيار الصدري والعفو عن المحكومين منهم مقابل مشاركة التيار في الحكومة. وتوطدت العلاقات بين التيار الصدري والحكومة العراقية إثر لقاء المالكي في نوفمبر الماضي بالصدر خلال زيارته إلى إيران والتي تمخض عنها دعم التيار لترشيح المالكي لولاية ثانية.
وقاد المالكي عام 2007 حملة عسكرية شاركت فيها القوات العراقية والأميركية ضد المسلحين من انصار الصدر انطلاقا من البصرة اكبر مدن الجنوب العراقي اطلق عليها صولة الفرسان سرعان ما امتدت الى بقية محافظات الجنوب التسع إضافة الى العاصمة بغداد وأدت الى مقتل العشرات منهم واعتقال مئات آخرين.
وقد غادر الصدر اثرها العراق متوجها الى مدينة قم الإيرانية لتلقي علومه الدينية والحصول على درجة الاجتهاد الأمر الذي يتيح له التمتع بقيادة دينية وسياسية لكنه لم يعرف بعد فيما اذا كان الصدر قد أنهى دراسته الحوزوية في قم وحصل على هذه المرتبة الدينية العليا.
ويشكل التيار الصدري قوة كبيرة داخل التحالف الوطني العراقي «الشيعي» وله 40 نائبا من مجموع نوابه الفائزين في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في مارس الماضي والبالغ 159 نائبا من إجمالي عدد أعضاء مجلس النواب الحالي البالغ 325 نائبا.
الى ذلك، أعلن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري امس حرص حكومة بلاده على إقامة «أفضل العلاقات الثنائية بين العراق وإيران في جميع المجالات».
وقال زيباري، في مؤتمر صحافي مع نظيره الإيراني علي أكبر صالحي الذي وصل إلى بغداد امس: «أرحب بضيف العراق العزيز..صالحي وهو عراقي المولد في مدينة كربلاء ويتحدث العربية وعاش في حي الكاظمية ببغداد».
وأضاف «هذه أول زيارة بعد تكليفه (صالحي) بالمسؤولية.. جاء ينقل تحيات وتبريكات الجمهورية الإسلامية (إيران) إلى الحكومة العراقية الجديدة التي تشكلت..هذه الحكومة حريصة على إبداء أفضل العلاقات الاخوية والمتوازنة مع إيران ودول الجوار والاقليم وخاصة مع إيران التي تربطنا (بها) علاقات حضارية وتاريخية ودينية وجعرافية».
وتابع «اتفقنا على مجموعة من الأمور والقضايا، أهمها انعقاد اجتماعات اللجنة العراقية ـ الإيرانية العليا في بغداد في أقرب فرصة ممكنة لمراجعة كل الاتفاقات ومذكرات التفاهم التي وقعت بين البلدين، وعقد اجتماع للجنة العليا للحدود بين البلدين بعد أن قامت اللجان الفنية بأعمالها في المجالات البرية والنهرية وأنجزوا أعمالهم».
وأوضح «هناك تعاون طيب وايجابي وممتاز من الجانب الإيراني في هذه المسائل واتفقنا ايضا على مسألة تنظيم الزوار الإيرانيين إلى العتبات المقدسة كما تمت مناقشة عدد من القضايا الاقليمية والتشاور حولها».
وقال «تمت مناقشة موضوع منظمة «مجاهدي خلق» بالتفصيل مع رئيس الحكومة وخلال المباحثات التي جرت اليوم.. لأن هذا الموضوع مهم بالنسبة لأمن إيران وأيضا المنظمات الإرهابية الأخرى التي تعمل ضد المصالح الإيرانية».
وأضاف «نحن عانينا أكثر من أي طرف اخر من موضوع هذه المنظمات ضد مصالحنا، والدستور العراقي لا يسمح إطلاقا بوجود أي منظمة مسلحة على أرضنا وتقوم بهجمات ضد دول الجوار».
وأوضح أن «الحكومة العراقية الحالية جادة ومصممة على أن تكون صاحبة السيادة على أرضها ولا تسمح لأي جهة او منظمة تنتقص او تقوض من هذه السيادة ونحن معنيون بمعالجة موضوع المنظمة». من جانبه، قال وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي «أنا سعيد جدا بزيارة العراق ونتطلع الى المزيد من التعاون وهناك تفاعل وثيق بين شعبي البلدين وليست لدينا مشاكل لتطوير العلاقات».
وأضاف «نؤكد على العلاقات الاخوية القائمة بين البلدين والالتزام المشترك بتعزيز وتطوير العلاقات في كل المجالات ونعلن كما أعلنا سابقا بأننا سوف نستمر بدعمنا للعملية السياسية في العراق المبنية على السيادة الشعبية والمشاركة الجماعية لكل الأطراف والفئات في العراق وسنساند الحكومة والشعب، ونؤكد ثانيا على الوحدة الوطنية».
وأردف «تمت مناقشة موضوع المياه المالحة المتدفقة من إيران الى عدد من المدن الجنوبية العراقية مع وزير الخارجية العراقي ومن جملة القضايا التي تبنيتها منذ توليت هذه المهمة مؤخرا هي التعاطي مع هذا الموضوع وحسم هذه المشكلة ذات الطابع الفني وأوعزت للفنيين بالقيام بدراسة فاحصة للوصول الى حل يرضي الجانبين».