رغم النزاعات بين اديان واعراق مختلفة في السودان لعقود طويلة، يحتفظ جنوب السودان بمظاهر تسامح بين المسلمين والمسيحيين تشمل احيانا العائلة الواحدة التي يتوزع افرادها بين الديانتين بحسب القناعات من دون اي اكراه او احراج.
مايكل جيمس لاتور (25 سنة) سائق سيارة اجرة في جوبا هو نموذج حي لهذا الاختلاط بين الديانتين المسيحية والاسلامية في جنوب السودان. فهو مسيحي ووالده مسلم ويتوزع اخوانه واخواته العشر من زوجات والده الاربع على الديانتين، ليكونوا ثمانية مسلمين وثلاثة مسيحيين.
يروي مايكل الداكن السحنة والفارع الطول الى حدود المترين روايته مع عائلته الكبيرة بشغف وحماسة، مكررا مرارا خلال حديثه، ان التنوع بين الديانتين داخل عائلته «لا يشكل مشكلة على الاطلاق».
يقول مايكل «نحن عائلة تتحدر من ملكال عاصمة ولاية اعالي النيل الجنوبية القريبة من الحد الفاصل بين الشمال والجنوب السودانيين، الوالد المسلم جيمس درس في اكاديمية الشرطة بالخرطوم وعاد وتسلم مهمات امنية في ملكال لفترة طويلة قبل ان ينقل الى الخرطوم».
ويشرح مايكل ان والده من الاعيان في ملكال يرتدي العباءة والعمامة ويلقب في محيطه بـ «الشيخ جيمس» وقد تزوج اربع نساء، الاولى مسلمة رزق منها اربعة ابناء هم اليوم ثلاثة مسلمين ومسيحي، الثانية رزق منها ابنين هما حاليا مسلمان، الثالثة وهي والدة مايكل مسيحية رزق منها صبيين وبنتين انقسموا مناصفة بين مسلمين ومسيحيين، في حين ان الزوجة الرابعة مسلمة وقد رزق منها ولدا لا يزال طفلا.
ويضيف مايكل «انا وشقيقتي ناشول من امي المسيحية اخترنا ان نكون مسيحيين، في حين ان شقيقي الاخرين احمد وخديجة قررا ان يكونا مسلمين».
ويؤكد ان هذه العائلة الكبيرة عاشت في منزل واحد بوئام ولم يكن الفرد يترك المنزل العائلي الا عند الزواج.
وعن تقاليد هذه العائلة المختلطة في الاعياد المسيحية والاسلامية يقول مايكل «في عيد الاضحى مثلا نحن الاخوة الثلاثة المسيحيين وقد تزوجنا، نزور المنزل العائلي ونتناول طعام الغداء مع جميع افراد العائلة. وبعد الظهر نتوجه جميعا مع الوالد لزيارة الاعيان من المسلمين لتهنئتهم بعيد الاضحى».
ويشدد على ان هذا الاختلاط الديني بين افراد العائلة لا يعود فقط الى جيل والده الشيخ جيمس. ويوضح «عمتي نيروب اختارت ان تكون مسيحية مع ان والدها اي جدي مسلم ويدعى لاتور، في حين ان جدي الاكبر والد لاتور مسيحي ويدعى شول».