قبل أن تنتهي عمليات الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان التي انطلقت الأحد الماضي وتستمر أسبوعا، بدأت ملامح التأزم بين الشمال والجنوب وخاصة في منطقة أبيي تزداد عمقا حيث نفت قبيلة المسيرية العربية الاتهامات التي ساقتها قبيلة الدينكا الجنوبية الهوى بقتل 10 من مهاجري الجنوب العائدين الى بلادهم قادمين من شمال السودان.
ناهيك عن نفي وزارة الخارجية السودانية في تصريح نشرته أمس الأول وكالة الأنباء السودانية، عزم الخرطوم أخذ كامل الديون السودانية على عاتقها بما فيها ديون الجنوب، وذلك خلافا لما قاله الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر. وكان كارتر نقل عن الرئيس السوداني عمر البشير قوله ان هذه الديون المقدرة بـ 36 مليار دولار ينبغي ان تؤول الى الشمال السوداني في حال انفصال الجنوب.
وذكرت وكالة الأنباء السودانية ان «وزارة الخارجية نفت نفيا قاطعا تصريحات الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر»، وأوضح المتحدث باسم الوزارة خالد موسى، كما ذكرت الوكالة السودانية، ان البشير رأى «خلال لقائه مع كارتر ان تسوية الديون مسؤولية مشتركة بين الشمال والجنوب والمجتمع الدولي»، موضحا ان مسألة الديون هي احد المواضيع العالقة في المفاوضات بين الشمال والجنوب.
ميدانيا، اتهم مسؤولون جنوبيون أمس عناصر من قبيلة المسيرية العربية بمهاجمة قافلة تقل جنوبيين عائدين من الشمال الى الجنوب، ما ادى الى مقتل عشرة اشخاص من القافلة. لكن مسؤولا بالأمن الاتحادي السوداني في منطقة أبيي نفى في تصريح للجزيرة الاتهام ورده الى مسلحين من قبيلة الدينكا بهدف زرع الفتنة في إقليم ابيي المتنازع عليه.
إلا أن الوزير الجنوبي غير غوانغ قال خلال مؤتمر صحافي عقده في جوبا عاصمة الجنوب السوداني ان «موكبا يضم جنوبيين عائدين من الشمال الى الجنوب تعرض لكمين أمس الأول من قبل قبائل المسيرية ما أدى الى مقتل عشرة أشخاص وإصابة 18 آخرين بجروح».
وأوضح المسؤول الجنوبي ان الهجوم وقع على الحدود بين ولاية جنوب كردوفان وولاية بحر الغزال (الجنوبية)، مضيفا ان «الموكب كان يضم 30 حافلة وسبع شاحنات. الشاحنات تم نهبها والحافلات عادت الى الشمال»، وتابع ان «الهاجمين كانوا على متن ست او سبع آليات وكانوا مسلحين».
واضاف الوزير الجنوبي «ان قبائل المسيرية تنتمي إلى دولة وهذه الدولة يجب ان تكون مسؤولة عنهم» في إشارة الى حكومة الخرطوم.
في المقابل وبعد إعلان الأمم المتحدة انها قامت بتعزيز وجودها في منطقة ابيي اثر الاشتباكات التي بدأت يوم الجمعة الماضي وأودت بأكثر من 36 قتيلا، قال أحد زعماء قبيلة المسيرية لوكالة «فرانس برس»: «كيف يمكن ان نكون مسؤولين عن هذه الأعمال في حين ان قوة الأمم المتحدة تنتشر بيننا وبين قبائل الدينكا نقوك»، مضيفا «كما ان الكثيرين من الجنوبيين العائدين عدلوا طريقهم خلال الايام الاخيرة لتجنب المرور في مناطقنا». وبالعودة الى عملية الاستفتاء، قال منظمون في اليوم الثالث أمس إن نسبة الإقبال الكبيرة على الاستفتاء بشأن انفصال جنوب السودان تأتي على خلاف تكهنات مظلمة ومن المؤكد تقريبا أن تصل إلى نسبة الـ 60% المطلوبة لكي يكون الاستفتاء ملزما. لكن مراقبين قالوا ان الاقبال تراجع بشكل ملحوظ في اليوم الثالث أمس.
وقد قال محمد إبراهيم خليل رئيس مفوضية الاستفتاء إن التصويت يسير بسلاسة شديدة وإنه لا يبدو أن هناك خوفا من الفشل في الوصول إلى نسبة الـ 60%، وذكر أنه يعتقد أن النسبة ستكون أكثر بكثير من ذلك.