أكد الرئيس السوداني عمر حسن البشير أن بلاده تمر بمرحلة تاريخية حاسمة، مشيرا الى عملية الاقتراع لتقرير مصير جنوب السودان الجارية الآن للاختيار ما بين الوحدة أو الانفصال.
وقال البشير خلال افتتاحه مسجد العارف بالله ادريس بن أرباب بالخرطوم امس إن الحق أعطى حصريا للجنوبيين أما أن يتحدوا مع الشمال أو ينفصلوا عنه، مشيرا الى أن الظلم الذي يتحدث عنه البعض هو ظلم تاريخي لأن الحرب في الجنوب بدأت عام 1955 فيما حصل السودان على استقلاله عام 1956، مشيرا الى أن الجنوب انفصل فعليا وعمليا عندما وضع الانجليز قانون المناطق المقفولة بحجة أن هناك دينا مختلفا وثقافة مختلفة ولغة مختلفة عن الشمال.
وأضاف ان الحرب استمرت بعد ذلك من أجل الوحدة لكنها كانت مكلفة، وكان من الضروري إعطاء الفرصة للجنوبيين اما بالاتحاد او الانفصال، وقال إن المستهدف ليس فصل الجنوب وانما الإسلام في السودان.
وأكد البشير أنه ماض في تطبيق الشريعة الإسلامية ولن تكون هناك دولة علمانية في السودان، بل دولة قائمة على الشريعة «وهذا أمر منته ولا رجعة عنه» ودعا أهل الشمال الى ضرورة وحدة الصف وتوظيف القدرات والطاقات من أجل بناء ونهضة السودان.
من جهة ثانية، أكد رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت أهمية بناء علاقات تعاون وثيق وتعزيز السلام بين الشمال والجنوب في حال اختار الجنوبيون الانفصال في الاستفتاء الجاري حاليا.
جاء ذلك خلال لقائه في جوبا فيرونيك دي كيسر رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الاستفتاء التي أعربت عن تقديرها لإجراء الاستفتاء في أجواء من الهدوء والسلام.
الى ذلك، قال دينج أروب كول حاكم منطقة أبيي امس إن القبيلتين المتناحرتين في الإقليم السوداني المضطرب توصلتا إلى اتفاق إطاري للحيلولة دون وقوع مشكلات في المستقبل.
ولقي عشرات حتفهم خلال ثلاثة أيام من القتال الذي اندلع الجمعة الماضية في المنطقة المنتجة للنفط ما ألقى بظلاله على الاستفتاء الجاري بشأن استقلال جنوب السودان.
وقعت المصادمات في المنطقة الغنية بالنفط بطول الخط الحدودي الفاصل بين الشمال والجنوب، بعد أن منعت قوات الامن الجنوبية، بدو قبيلة «المسيرية» الشمالية من الاقتراب بقطعان ماشيتهم من موارد الماء جنوب أبيي. وتنتقل قبائل المسيرية كل عام إلى الجنوب بحثا عن المياه وتعتبر أي محاولة لعرقلة اقترابهم من الماء تهديدا لوجودها.
وقال كول إن قبيلة دينكا نقوك الموالية لحكومة الجنوب اتفقت وقبيلة المسيرية على دفع الديات عن سلسلة أعمال القتل التي وقعت عام 2010 كما اتفقتا على تأمين مرور الجنوبيين إلى أبيي. وأضاف كول: «هذان أمران يتعين القيام بهما قبل أن نناقش مسارات المرور لماشيتهم».
وقال فيليب أجور المتحدث باسم جيش الجنوب عبر الهاتف من جوبا عاصمة جنوب السودان، إن أيام القتال الثلاثة شهدت قيام بدو المسيرية بهجمات ضد قواعد الشرطة في أبيي.
وبحسب أجور فإن ما لا يقل عن 50 شخصا من بدو المسيرية و26 جنوبيا قتلوا خلال الاشتباكات التي هددت بجر كلا الجيشين ثانية لأتون الحرب الأهلية.
وأوضح كول إن الاتفاق الإطاري أبرم أمس الخميس في مدينة كادوقلي بولاية جنوب كردفان لا يضمن انتهاء القتال، فالأمر يتوقف على ما يدور بأذهان المسيرية.
من جانبه، قال مسؤول كبير في شمال السودان ان الاستفتاء على انفصال الجنوب «نزيه بدرجة كبيرة» وان حزبه الحاكم سيقبل بنتيجته المرجحة وهي الانفصال.
ومن شأن أقوى تصريحات تصالحية حتى الآن من جانب عضو كبير في حزب المؤتمر الوطني الحاكم أن تهدئ المخاوف من أن يحاول الشمال تعطيل الاستفتاء في محاولة للسيطرة على احتياطيات الجنوب النفطية. كما قد تقلل من خطر العودة الى الصراع الشامل بين الشمال والجنوب بعد الاستفتاء. ولايزال زعماء الشمال والجنوب مختلفين بشأن بعض القضايا الحساسة ومن بينها كيفية اقتسام عائدات النفط بعد الانفصال وما اذا كانت منطقة ابيي ستنضم الى الشمال ام الجنوب. واندلعت اشتباكات في هذه المنطقة مع بدء الاستفتاء.