تستضيف اسطنبول اليوم وغدا جولة جديدة من المحادثات بين مجموعة «5 + 1» وايران لبحث القضايا المتعلقة بملف طهران النووي المثير للجدل بعد الجولة التي استضافتها مدينة جنيف السويسرية بين الجانبين يومي السادس والسابع من ديسمبر الماضي.
وتتشكل مجموعة «5 + 1» الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن وهي: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين بالاضافة الى المانيا. وقد أعربت الولايات المتحدة عن رغبتها في رؤية «عملية تفاوضية جادة» خلال جولة اسطنبول الجديدة، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيليب كراولي «نحن وشركاؤنا ملتزمون تجاه الجهود العملية لتبديد مخاوف المجتمع الدولي ازاء برنامج ايران النووي»، وأضاف كراولي «لكننا ملتزمون ايضا تجاه تحميل ايران مسؤولية التزاماتها الدولية».
وقد استبقت إيران عقد هذه الجولة من المحادثات بتحركات ديبلوماسية لتهيئة المجتمع الدولي لإبداء نوع من المرونة تجاه ملفها النووي ولتحقيق مجموعة من الأهداف والمكاسب، إذ وجهت الدعوة إلى عدد من الدول لزيارة محطتها لتخصيب اليورانيوم في نطنز ومفاعل أراك الذي يعمل بالماء الثقيل ومازال قيد الإنشاء.
وتسعى إيران إلى تحقيق عدد من الأهداف والمكاسب من خلال تحركاتها الديبلوماسية الأخيرة في مقدمتها كسب التأييد والتعاطف لبرنامجها النووي قبل المحادثات المرتقبة مع الدول الست الكبرى باسطنبول في وقت تؤكد أنها أنتجت أكثر من 3200 كيلوغرام من اليورانيوم المنخفض التخصيب (بنسبة 5%)، وأنها باشرت تخصيب يورانيوم بنسبة 20% منذ فبراير الماضي، ما يرجح امتلاكها أكثر من 40 كيلوغراما منه. كما جاءت تلك التحركات الديبلوماسية الإيرانية للرد على تعليقات وزيرة الخارجية الأميركية خلال زيارتها لأبوظبي مؤخرا، حين أكدت أن البرنامج النووي الإيراني تأثر بالعقوبات الدولية التي قالت إنها «ضاعفت صعوبات تحقيق طهران طموحاتها النووية، وعرضتها لمشاكل فنية أخرت جدولها الزمني». واعتبر خبراء في شؤون إيران أن الدعوة الإيرانية بتحركاتها الديبلوماسية تعد احدى الآليات التي تسلكها طهران ابتعادا عن خطاب المواجهة.
من جانبه، رأى مارك فيتسباتريك أحد خبراء المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن التحركات الديبلوماسية الإيرانية حيلة دعائية تستهدف تعميق الانقسامات بين الدول الأعضاء في الوكالة الذرية.
ويرى خبراء في الشأن الإيراني أن جولة اسطنبول قد تكون محدودة النتائج وأن التوقعات بإحراز تقدم في هذه المحادثات تبدو ضئيلة بعد فشل الجولة الأولى منها في جنيف الشهر الماضي.
وكان الاتفاق الوحيد الذي توصلت اليه جميع الاطراف في المحادثات النووية في جنيف هو عقد المزيد من المحادثات في اسطنبول في يناير 2011. يدعم هذه الرؤية المستقبلية إصرار إيران على تحدي المجتمع الدولي من خلال التأكيد أن اختبارات ستجرى لمفاعل محطة بوشهر النووية في مطلع فبراير يليها إغلاق قلب المفاعل لنقل الوقود إليه في ترتيب سيستغرق مدة شهر على أن يبدأ إنتاج الطاقة الكهروذرية في بداية مارس المقبل.
وإذا كانت طهران تراهن على دعم ومساندة الموقفين الصيني والروسي في الملف النووي، فإن المراقبين يرون أن عام 2011 له أهمية كبرى للصين وروسيا من أجل تنمية العلاقات الثنائية في شتى المجالات.
وتأسيسا على ما سبق، يبقى خيار الحوار بين الغرب وإيران مفتوحا ومستمرا، وستكون محادثات اسطنبول مرحلة جديدة ضمن هذا الخيار، في ضوء انتهاج النظام الإيراني لديبلوماسية المماطلة واستنزاف الوقت حتى تتمكن في النهاية من امتلاك جميع الحقوق النووية.