رغم التحسن الامني الذي شهدته تونس وأدى الى تقليص ساعات حظر التجول لتصبح من الثامنة مساء وحتى الخامسة فجرا، شهدت عدة مدن تونسية تجددا للمظاهرات لليوم الرابع من عمر الحكومة المؤقتة التي فشلت على مايبدو في عقد أول اجتماعاتها أمس كما اعلن سابقا. وطالب آلاف التونسيون بانسحاب أعضاء الحكومة السابقة من فريق الوزارة الانتقالية التي تعاني من انسحابات وتهديدات بالانسحاب.
وفيما اعلن في تونس ان تحقيقا قضائيا فتح بشأن ممتلكات الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وعائلته وقرار سويسرا تجميد ممتلكاته على اراضيها، قال التلفزيون التونسي أمس ان 33 من أفراد عائلة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي اعتقلوا للاشتباه في ارتكابهم «جرائم ضد تونس» وعرضت صور كميات مصادرة من الذهب والمجوهرات. وقال بيان قرئ في التلفزيون نقلا عن «مصدر رسمي»: انه سيتم التحقيق معهم حتى يواجهوا العدالة. واعتذر البيان عن عدم اعلان مزيد من التفاصيل بشأن أفراد العائلة، لكن التلفزيون عرض صورا لذهب ومجوهرات قال انها عثر عليها بحوزتهم.
في هذا الوقت رفع المتظاهرون الذين طوقهم عدد كبير من رجال الامن علم تونس وهتفوا مطالبين بـ «برلمان ودستور جديد». كما رفعوا شعارات تدعو الى «الثورة ضد بقايا نظام بن علي» الرئيس التونسي الذي فر الجمعة الى المملكة العربية السعودية.
كذلك رفعوا لافتات كتب عليها «وزير المالية صديق الطرابلسية» في اشارة الى عائلة زوجة الرئيس السابق و«حزب بن علي ارحل» و«يا بوليس يا ضحية تعالى وشارك في الثورة» قبل ان ينشدوا النشيد التونسي. من جهتها، اعلنت الحكومة تخفيف حظر التجول اعتبارا من أمس «بسبب تحسن الاوضاع الامنية». الا انها ابقت على اجراءات حالة الطوارئ الاخرى بما في ذلك منع التجمع في الاماكن العامة لاكثر من ثلاثة اشخاص والسماح لقوى الامن باطلاق النار على الذين يهربون من عمليات التفتيش. وأعيد فتح شارع الحبيب بورقيبة بوسط العاصمة امام حركة المرور للمرة الاولى منذ عدة ايام. وشهد الشارع اول من أمس الثلاثاء مشاهد عنف بين المحتجين الذين يطالبون بإقصاء حزب التجمع الدستوري الديموقراطي الذي كان يتزعمه بن علي من الحكم وبين الشرطة التي استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.
وقال سكان بالعاصمة ان الشوارع هدأت خلال الليل ولم ترد تقارير عن اطلاق نار او اعمال نهب. في سياق متصل، أعلنت المفوضة العليا لحقوق الانسان في الامم المتحدة نافي بيلاي أمس ان عدد القتلى تجاوز مائة شخص في اعمال العنف في تونس خلال الاسابيع الخمسة الاخيرة بحسب معلومات جمعتها الامم المتحدة في المكان. وعلى هامش التظاهرات، اعلن وزير التنمية الجهوية والمحلية نجيب الشابي لفرانس برس ان الحكومة الجديدة ستعقد اجتماعا صباح اليوم. من جهته قال مصدر حكومي اخر ردا على اسئلة لـ «فرانس برس» ان «النقطة الاهم التي سيتم التطرق اليها ستكون مشروع العفو العام» الذي تحدث عنه الاثنين الماضي رئيس الوزراء محمد الغنوشي عند اعلانه عن الحكومة. واضاف المصدر رافضا الكشف عن اسمه ان «وزارة العدل تقوم بتحضير» تطبيق هذا العفو العام مؤكدا ان الاجتماع سيعقد اليوم. والموضوع الآخر الحساس على جدول الاعمال هو تطبيق مبدأ فصل الدولة عن الحزب الحاكم الوحيد السابق التجمع الدستوري الديموقراطي. من جهة اخرى، اعلن عبد السلام جراد الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) لـ «فرانس برس» ان المنظمة ترفض المشاركة في الحكومة الانتقالية التونسية.
وقال جراد بعيد لقاء مع رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي «موقفنا هو عدم المشاركة» في الحكومة. واضاف «يصعب على الاتحاد المشاركة في حكومة فيها رموز سابقة» في اشارة الى وجود وزراء من نظام بن علي في «حكومة الوحدة الوطنية» التي اعلنت الاثنين في تونس. من جانبها، امرت النيابة العامة التونسية بفتح تحقيق عدلي بتهمتي «الاستيلاء على املاك» و«مسك وتصدير عملة اجنبية» ضد الرئيس المخلوع وعائلته. وقالت وكالة الانباء الرسمية نقلا عن مصدر مأذون ان التحقيق يشمل بن علي وزوجته ليلى و«اشقاء واصهار ليلى بن علي». في غضون ذلك، امرت الحكومة السويسرية بتجميد اي اموال يمكن ان يكون بن علي يحتفظ بها في سويسرا، حسبما افادت وزيرة الخارجية ميشلين كالمي راي.