شؤون سورية
تواجه المصارف العامة تحديات عصية بعد تحرير الأسواق والسؤال أين تصب قنوات التمويل في مرحلة ما بعد الانفتاح؟ وهل حان الوقت لمناقشة استراتيجيتها من زاوية التخصيص؟ ولماذا تعجز عن إيجاد دور أكبر للسيولة المتوافرة في دعم انطلاقة الاقتصاد؟ هل يأتي يوم تضخ فيه المصارف العامة جزءا من ودائعها في خزائن المصارف الخاصة؟ أسئلة كثيرة تبحث عن إجابات لها، حيث تبدو المصارف العامة هذه الأيام ساحة الاختبار في تحرير النشاط الاقتصادي، إذ تعول الحكومة عليها في تمويل مشاريع التنمية وجذب المدخرات المالية وتحريك الاقتصاد، في الوقت الذي تتخوف أوساط اقتصادية من أن عملية تحديث التشريعات المالية والمصرفية لا تكفي ما لم تتم مواكبة هذه الأخيرة إصلاح الخطط المصرفية ومعالجة نقاط الضعف في السياسة المالية، عمليا شهدت المصارف العامة اخيرا تطورا لا بأس به في أدائها المالي مدفوعا بالبيئة الاقتصادية المحلية الملائمة بفضل تعديل مراسيم إحداثها وإعادة النظر بآليات القروض، وانعكس ذلك في تقديم الخدمة الجيدة وفتح قنوات جديدة للتوظيف وفي زيادة حجم القروض والودائع، كما أن إمكانية دخول مصارف أجنبية جديدة إلى السوق السورية جعل المصارف العامة تؤسس لامتيازات مقارنة بوضعها السابق، لكن الخوف الآن من أن تعجز هذه الأخيرة عن مواجهة تحديات المنافسة وتحرير الأسواق مستقبلا.
ولعل أهم التحديات التي تعترض المصارف العامة العمل ضمن بيئة متقلبة تتأثر بالأحداث الاقليمية، والافتقار إلى التوسع الاقليمي وتأهيل الكوادر وتدريبها على استخدام الأدوات المصرفية والمالية الجديدة فضلا عن مشكلة توظيف الودائع - علما أن هناك 350 مليار ليرة سورية أموال تبحث عن توظيفات - وكيفية ابتكار قنوات توظيفية جديدة تنسجم مع رغبات المودعين والمقترضين، فمشكلة المصارف العامة تتعلق بكيفية إدارتها وفق المفاهيم الحديثة إضافة إلى معالجة وضع كل منها على حدة.
ويراهن مصرفيون على أن المصارف العامة ستضطر - إذا بقيت على حالها - لضخ جزء من ودائعها في خزائن المصارف الخاصة بسبب عدم قدرة الأولى على توظيفها بشكل قروض في السوق ما يشكل عقدة للعمل المصرفي الذي يبحث عن وسيلة تتلخص بكيفية إعطاء دور أكبر للسيولة المتوافرة في دعم انطلاقة الاقتصاد، لكن مستشار وزير المالية للشؤون المصرفية فاروق عياش لديه وجهة نظر مختلفة، وبدا متحمسا للحديث عن تغييرات مهمة حدثت على الساحة المصرفية لاسيما على صعيد المصارف العامة، مؤكدا أنها تسير بالاتجاه الصحيح مع تعديل مراسيم إحداثها وأنظمة عملياتها ومع هامش الحرية الممنوح لها إضافة إلى إعادة النظر بآلية عمل القروض وتوفير الجهد والوقت من خلال إلغاء الكثير من التواقيع غير المبررة فضلا عن عمليات الأتمتة المتوقع إنجازها بداية العام المقبل، و لم يخف استياءه من حجم التحديث الذي يواجه قطاع المصارف مع احتدام المنافسة، معتبرا أن المصارف العامة تعمل على التطوير منذ 4 سنوات فقط وتحتاج إلى وقت كاف للتطوير حيث اعتمدت وزارة المالية خطة لتطوير المصارف من خلال مراسيم احداث جديدة علما أن مراسيم إحداثها لم تتغير منذ 30 عاما، وتوفير الاعتمادات اللازمة لأتمتة العمل وتدريب الكوادر المصرفية وتأهيلها بأحدث العلوم المصرفية والتقنية.
صفحة شؤون سورية في ملف ( pdf )