لم تفلح جميع الإجراءات التي اتخذتها وتتخذها الحكومة التونسية المؤقتة في تخفيف الانتقادات الشعبية.
واستمرت المظاهرات المطالبة برحيل الحكومة وخاصة أعضاءها من رموز نظام الرئيس زين العابدين بن علي.
ومن بعض هذه الإجراءات التي مازالت حكومة محمد الغنوشي تتخذها، أفادت وكالة الأنباء التونسية أمس بأنه تم وضع اثنين من اقرب المقربين إلى الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي احدهما وزير الداخلية السابق، قيد الإقامة الجبرية فيما يجري البحث عن ثالث.
وأوقف عبدالله القلال رئيس مجلس المستشارين ووزير الداخلية السابق وعبدالعزيز بن ضيا مستشار بن علي وأحد مهندسي سياسته، وأودعا قيد الاقامة الجبرية كما أفادت وكالة الانباء التونسية.
وأضافت الوكالة ان عبدالوهاب عبدالله الذي كان اقرب المقربين من بن علي ووزيرا مستشارا في الرئاسة يهيمن على الاعلام «مطلوب من الأجهزة المعنية» ومازال مكانه غير معروف.
والمسؤولون الثلاثة كانوا ينتمون الى الهيئات القيادية العليا في الحزب الحاكم السابق «التجمع الدستوري الديموقراطي» الذي يطالب المتظاهرون كل يوم بحله.
وقد استمرت هذه المظاهرات أمس حيث وصل آلاف من ولايات تونس المختلفة الى وسط تونس العاصمة للمطالبة باستقالة الحكومة الانتقالية.
وردد المتظاهرون «الشعب يريد استقالة الحكومة» و«يسقط نظام السابع يسقط عميل وتابع» في اشارة الى نظام زين العابدين بن علي الذي تولى السلطة في السابع من نوفمبر 1987 ومن ثم تولى رئيس حكوماته محمد الغنوشي الحكومة الحالية. حيث كان بين المتظاهرين عدد كبير من الشبان. وقد انطلق عدد منهم من وسط تونس وتقدموا نحو العاصمة مراوحين بين المشي واستخدام الشاحنات والسيارات.
وقال رجل مسن اتشح بعلم تونسي «جئنا من منزل بوزيان ومن سيدي بوزيد والرقاب لإسقاط بقايا الديكتاتورية». وكان يشير الى ابرز معاقل الاحتجاج في الوسط الغربي الفقير الذي شكل مهد «ثورة الياسمين» في تونس.
وقد حطت «مسيرة الحرية» رحالها أمام أبواب الوزارة الأولى الموصدة وأنظار الأمن والجيش الوطني حطت رحالها، وهي تضم أعدادا كبيرة من شباب وكهول وشيوخ ولاية سيدي بوزيد بكل معتمدياتها وقراها.
وذكرت وكالة الأنباء التونسية ان هؤلاء جاؤوا للعاصمة للمطالبة بإسقاط الحكومة الحالية التي أسموها بـ «حكومة إجهاض الثورة» حكومة قالوا إنهم لم ولن يثقوا فيها صارخين «لن نصمت حتى نحقق أهدافنا ولن نعطي الفرصة للخونة حتى يعيدوا تنظيم أنفسهم لوضعنا مجددا تحت أقدامهم».
أحد هؤلاء الشباب من ربوع ولاية سيدي بوزيد وتحديدا من معتمدية المكناسي تحدث لوكالة تونس افريقيا للأنباء عن معاناة أبناء وبنات جهته، معاناة لم تعد خافية على أحد اليوم بفضل دماء الشهداء مطالبا بالإسراع في تكوين لجنة تقصي حقائق لتحديد المسؤوليات في التجاوزات التي ارتكبتها أطراف موالية للنظام السابق والقصاص منها.
وفي اليوم الثالث والأخير من الحداد العام الذي اعلن في تونس على ضحايا المواجهات مع قوات الحرس الرئاسي لبن علي، أحاط مئات بمقر الغنوشي في وسط تونس العاصمة.
وقال محفوظي شوقي وهو من منطقة قرب المدينة «نحن مهمشون، أراضينا تملكها الحكومة، نحن لا نملك شيئا».
وتقع المدينة على بعد 300 كيلومتر إلى الجنوب من تونس وعلى مسافة بعيدة من المنتجعات السياحية الفاخرة التي كانت الوجهة المفضلة للنخبة التي كانت تحيط ببن علي. وقال متظاهرون إنهم لن يسمحوا بانتهاء ذكرى البوعزيزي بمجرد فرار بن علي للسعودية وتأسيس حكومة يسيطر عليها أعوانه. وقال أمين الكاهلي وهو أيضا من سيدي بوزيد إنه يحترم ذكرى عشرات قتلوا عندما اشتبك المتظاهرون مع قوة الشرطة المسلحة وليس البوعزيزي فحسب.
الرياض استقبلت بن علي «حقناً للدماء».. والمرزوقي يحذرها: يمكن أن «يسرق الكعبة»
من جهة أخرى قال متحدث باسم وزارة الخارجية السعودية ان المملكة استضافت الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي حقنا لدماء الشعب التونسي ولنزع فتيل الأزمة. وأكد أسامة النقلي لوكالة «فرانس برس» ان «السعودية ليست طرفا في أزمة تونس لكنها كانت جزءا من الحل»، عبر استقبال بن علي في 14 يناير بعد مغادرته تونس تحت وطأة الانتفاضة الشعبية.
وأضاف المتحدث ان «السعودية تشعر بالارتياح لأنها ساهمت في نزع فتيل الأزمة وحقن دماء الشعب التونسي الشقيق».
وشدد النقلي على ان استضافة بن علي في السعودية تأتي «وفقا لأن الأعراف والقوانين، وأنظمة المملكة لا تسمح لضيوفها بممارسة أي نشاط سياسي او انتهاك مبادئها السياسية بعدم التدخل بالشؤون السياسية للدول الأخرى». وكان المعارض التونسي منصف المرزوقي دعا السعوديين الى الانتباه الى أن بن علي «يمكن ان يسرق الكعبة».