روى أحد ضحايا نظام الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي لصحيفة بريطانية ما تعرض له هو وغيره من أبناء جلدته من صنوف التعذيب في سجون بلدهم.
الضحية ـ كما تقول صحيفة «ذي أوبزرفر» بعددها امس ـ هو التونسي آدم بوقديدة، خريج جامعة الأزهر البالغ من العمر 30 عاما. فعندما جاء الحراس لإطلاق بوقديدة و20 سجينا آخر من السجن ذي الأسوار البيضاء بالقرب من العاصمة، اكتفوا بالقول «اذهب واجمع حاجياتك».
وتضيف الصــحيفة أن قصص رجال مثل بوقديــدة، الذي أطلق سراحه أخيرا الخميس الماضي، هي بمنزلة الوقود الذي يؤجج مشاعر الغضب ضد من هم في الحكومة الانتقالية ممن ارتبطوا بعلاقة وثيقة بنظام بن علي.
قصص وحشية
إنها ـ كما تصفها «أوبزرفر» ـ قصص للوحشية والفساد والقسوة التي مورست بشكل يومي بحق السجناء على أيدي زبانية الدولة البوليسية، والتي وجدت أخيرا طريقها إلى النشر من دون رقابة بأجهزة التلفاز والراديو والصحافة المقروءة.
كان بوقديدة الشاب قصير القامة الممتلئ الجسم ذو اللحية الكاملة يهم بالهروب في نوفمبر عندما دفعته الشرطة من نافذة الطابق الثاني في منزله بمدينة سوسة.
يقول بوقديدة للصحيفة البريطانية «كان شرطيان اثنان قد أرديا قتيلين بالرصاص في حارتي، وطوقت الشرطة كل شباب الحي».
وأشار إلى أنه جرب السجن قبل 11 شهرا عام 2007، وأنه كان طالبا بمصر وعاد إلى تونس حيث اتهم بتحريض الناس للذهاب إلى العراق والالتحاق بالمقاومة هناك. وهي التهمة التي ينفيها بوقديدة، لكنها وضعته في دائرة اهتمام النظام. وفي يوم 16 نوفمبر، توقفت 4 سيارات محملة برجال شرطة أمام منزل والده بينما كانت العائلة تحتفل بعيد الأضحى.
وشرع رجال الشرطة في مطاردة بوقديدة، الذي حاول الهرب من النافذة إلى إحدى الشرفات المجاورة. وهناك قام أحد أفراد الشرطة بدفعه من الخلف فهوى إلى الأرض من علو 10 أمتار.
اتهام كاذب
يقول بوقديدة إنه يعرف الشرطي الذي دفعه من النافذة واسمه خالد، واسم الضابط الذي دأب على ضربه وهو رضا الجمال.
وترى «أوبزرفر» أنه بقراءة ملفه، يبدو من المستحيل أن يكون بوقديدة ـ وهو بائع ملابس جاهزة ـ قد قام بالأعمال التي اتهم بارتكابها حيث قيل إنه أشرف على تنظيم خلية إرهابية مع آخرين في سوسة تمهيدا لشن هجمات بالقنابل.
وقد كان في ذلك الوقت يرقد طريح المستشفى في سحلول للعلاج من آثار سقوطه من النافذة. ووصفت الصحيفة البريطانية التهم الموجهة إليه من قبل الشهود بأنها محض اختلاق.
ولكن بعد الضرب المبرح والرضوض التي أصابته جراء ذلك، مهر بوقديدة ببصمته اعترافا بالتهم لأنه لم يكن قادرا على الكتابة.
ثم تفجرت ثورة الياسمين، لكن لم يخبر أحد داخل السجن النزلاء بما كان يدور خارجه. يحكي بوقديــدة قائلا «كنا نسمع صوت الطلقات لكننا لم نكن نعرف بفرار بن علي».
ويتابع «أحيانا كنا نستنشق رائحــة الغاز المسيل للدموع.
وأخيرا أبلغنا أحد الحراس ما جرى في الخارج بذهاب الرئيس».
ويروي بوقديدة أن بعض نزلاء السجن ذرف الدمع والبعض ظل يصفق، وثلة طفقت تردد الأناشيد وأخرى ظلت ترقص فرحا.