تفاقم مشكلة نقص المياه في العراق يزيد من حدة التوتر في محافظة كركوك المتعددة القوميات، بحيث يتهم المزارعون العرب إقليم كردستان المجاور بإغلاق منافذ سد دوكان خلال الشتاء.
وطالب الشيخ خالد المفرجي الحكومة المركزية بـ «التدخل العاجل لتنبيه الإخوان في الشمال، وإطلاق الكميات المطلوبة من مياه الري لتدارك الوضع الزراعي المتردي» في إشارة الى الأكراد.
وقد بني سد دوكان العام 1955 في محافظة السليمانية (75 كلم شمال شرق كركوك).
واضاف ان «إلحاق الأذى بالعرب يتم عبر إطلاق كميات كبيرة من المياه من سد دوكان (في إقليم كردستان) في الأشهر السادس والسابع والثامن والتاسع من العام الماضي يفوق الحاجة والتبذير كان واضحا للعيان».
وتابع المفرجي «لكن منذ الشهر العاشر حتى الآن، فإن الكميات لا تفي بحاجة مياه الشفة اما المزروعات فإن الفلاح لم يحصل على شيء وبذلك ذهب جهده وماله وسط صمت من المسؤولين في بغداد وكركوك».
وكركوك من المناطق المتنازع عليها بين العرب والأكراد الذين يريدون ضمها الى منطقتهم، ويسكنها أكثر من مليون نسمة، ينتمون الى جميع الأديان والقوميات العربية والتركمانية والكردية.
اضافة الى انها غنية بالنفط، هناك 250 ألف هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة في المحافظة حيث يعمل 16% في هذا القطاع، وفقا لإحصاءات جمعتها الأمم المتحدة.
وأبرز الزراعات القمح والذرة والسمسم في فصل الشتاء والطماطم والبطيخ في الصيف.
من جهته، قال عبدالرحمن العبيدي الذي يملك 450 هكتارا من الأراضي غرب كركوك «بعد تكرار المعاناة عاما بعد آخر اضطر المزارعون الى ترك ثلث أراضيهم أو بيع ماشيتهم او الاكتفاء بزراعة مساحات بسيطة اعتمادا على آبار ارتوازية غير مجدية».
وأضاف ان «الفلاحين يشعرون باليأس والمشكلة أخطر لأن المزارعين في المناطق البعيدة يرون ان سد دوكان بقبضة الاقليم بالتالي يتهمون الأكراد بأنهم يقطعون المياه عنهم لإخضاعهم او إرغامهم على الرحيل فالمزارع لا يفهم ان هناك أزمة مياه بل يعدها جزءا من الصراع الدائر في العراق».
فالأمطار أصبحت نادرة بشكل مطرد في العراق، وفقا لتقرير للأمم المتحدة في أكتوبر 2010 يشير الى ان هطول الأمطار العام 2009 كان أدنى بنسبة 50% من المتوسط.
كما ان السدود في الدول المجاورة للعراق تؤدي ايضا الى انخفاض كبير في كمية المياه المتاحة في هذا البلد الذي كان حتى أواخر الخمسينيات بمثابة سلة خبز للعالم العربي.
من جهته، قال شهاب حكيم نادر مدير الموارد المائية في المحافظة ان «كميات المياه في سد دوكان تبلغ 1.3 مليون متر مكعب، وهناك احتياطي استراتيجي (700 ألف متر مكعب) لا ينبغي استخدامها، لكن بما ان الأمطار أصبحت نادرة، فإن مستوى السد ينخفض».
واضاف ان «ما نتسلمه اليوم من حصة مائية يبلغ 30 مترا مكعبا في الثانية وهذا يكفي لمياه الشفة فقط. في حين ان الكمية اللازمة للري هي 75 مترا مكعبا في الثانية».
وهذه المشكلة فضلا عن التراكمات السياسية الموجودة تعتبر بمثابة قنبلة موقوتة في المحافظة.
بدورهم، يسعى الأكراد الى الدفاع عن أنفسهم.
وقال وزير الموارد المائية السابق في حكومة إقليم كردستان تحسين عبدالقادر «في كل عام، حتى في ظل حقبة النظام السابق، كنا نقوم بإغلاق منافذ السد في فصل الشتاء للاحتفاظ بالمياه المخصصة لأغراض الزراعة أواخر الربيع وإنتاج الطاقة الكهربائية».
في سياق مختلف، أعلن مسؤول بريطاني بارز أمس الأول أن رئيس وزراء بلاده الأسبق توني بلير تردد في إجراء مناقشات مع وزرائه بشأن العراق بسبب خشيته من تسريب تفاصيلها.
وأبلغ غاس أودونال سكرتير الحكومة البريطانية المسؤول عن الخدمة المدنية لجنة التحقيق في حرب العراق أمس الأول إن بلير «لم يعتقد أن مجلس الوزراء كان المكان الآمن لمناقشة قضايا المشاركة في غزو العراق كما أن الاجتماعات غير الرسمية عنت أن محاضر النقاشات لم تكن كاملة كما أراد».
وشغل أودونال منصبا بارزا بوزارة الخزانة (المالية) في الفترة التي سبقت غزو العراق في العام 2003 قبل أن يصبح سكرتير الحكومة ورئيس الخدمة المدنية في العام 2005. ونسبت «بي بي سي» إلى أودونال قوله أمام لجنة التحقيق في حرب العراق إن حكومة بلير «عقدت اجتماعات أقل بالمقارنة مع رؤساء الوزراء البريطانيين الذين سبقوه وخلفوه ومن بينهم مارغريت تاتشر «لأنه اتخذ وجهة نظر معينة حول ما يمكن تحقيقه من خلال القرارات الجماعية».