عاد الزعيم الإسلامي التونسي المعارض راشد الغنوشي إلى تونس بعد ظهر أمس بعد أكثر من 20 عاما في المنفى في خطوة تشكل اختبارا لمرحلة ما بعد زين العابدين بن علي الرئيس المخلوع الذي قمع بعنف الإسلاميين مطلع التسعينيات. وأعلن للآلاف من انصاره احتشدوا لاستقباله في المطار أنه لن يترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة.
وقال الغنوشي (69 عاما) قبيل مغادرته لندن أمس ترافقه واحدة من بناته «انني سعيد جدا». وأضاف «أعود اليوم الى بيتي لكنني أعود ايضا الى العالم العربي».
وأوضح ناطق باسم الغنوشي ان عودته التي تخشى قطاعات عديدة من المجتمع التونسي وخصوصا دعاة تحرر المرأة والأوساط العلمانية لن تجري وسط «احتفالات».
وتابع ان الزعيم الإسلامي يريد ان ينقل قيادة الحركة الى الشباب ويعود «رجلا حرا».
لكن قبل ان يغادر منفاه وبعدما التقطت له صور مع العلم التونسي، لم يتجنب السياسة بل قال ردا على سؤال عن نواياه ان حزبه ينوي المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة.
وأضاف «اذا نظمت انتخابات حرة وعادلة فسيشارك فيها النهضة. في الانتخابات التشريعية وليس في الانتخابات الرئاسية». وحول الوضع في تونس بعد سقوط بن علي، قال ان «الوضع مازال ملتبسا. الحكومة الانتقالية تغير الوزراء كل يوم. الوضع ليس مستقرا وسلطاتها لم تحدد بوضوح. لا نعرف بوضوح كم من الوقت ستبقى».
وردا على سؤال عن معلومات تحدثت عن احتمال استقباله بتظاهرات معادية له عند وصوله الى تونس، قال «انها مخاوف نابعة من الجهل». وتابع ان النظام التونسي السابق حاول «تشويه صورة كل معارضيه ووصفهم بالإرهابيين».
وأكد ان «الشريعة لا مكان لها في تونس». وشاركت مئات التونسيات في تظاهرة للتأكيد على عزمهن على الدفاع عن المكاسب التي حققتها المرأة في هذا البلد منذ أكثر من نصف قرن.
وكرست مجلة الأحوال الشخصية منذ صدورها العام 1956 للمرة الأولى في بلد إسلامي مساواة المرأة بالرجل والزواج المدني، ومنع تعدد الزوجات وحق المرأة في طلب الطلاق.
ورفعت متظاهرات شابات لافتات كتب عليها «لا للظلامية نعم للحداثة» و«من أجل جمهورية ديموقراطية علمانية».
وصباح أمس قالت نعيمة التي ترتدي الحجاب انها «ترفض رفضا قاطعا» عودة الغنوشي.
وأضافت ان «عددا كبيرا من الأشخاص اعتقلوا بسببه وحرم شبان من مستقبلهم. لا احد تسره عودته. لقد عاش بسلام في لندن بينما كان آخرون يدفعون ثمنا باهظا في تونس».
وكان الغنوشي (69 عاما) أسس في 1981 حزب النهضة مع مثقفين استوحوا مبادئه من جماعة الإخوان المسلمين المصرية.
وهو يقول انه يمثل اليوم تيارا إسلاميا معتدلا قريبا من حزب العدالة والتنمية التركي. وقد غض بن علي النظر عنه عند وصوله الى السلطة في 1987.
لكن الحزب قمع بعد انتخابات 1989 بعدما حصلت اللائحة التي يدعمها على أصوات 17% من الناخبين.وغادر الغنوشي تونس حينذاك، متوجها الى الجزائر ومنها الى لندن.
وفي 1992 حكم عليه غيابيا بالسجن مدى الحياة مع مسؤولين دينيين آخرين بتهمة التآمر ضد النظام.