شؤون مصرية
القاهرة - علاء عبدالحميد
ازمة حقيقية تعيشها الصحافة المصرية على خلفية صدور حكم بحبس اربعة رؤساء تحرير صحف يومية واسبوعية دفعة واحدة في واحدة من اخطر القضايا التي تهدد حرية الصحافة في مصر، ولم تقتصر ردود الافعال على الداخل المصري فقط بل تجاوزت الحدود ايضا، وكانت لها اصداء وردود افعال دولية لم تنته بعد، ويمكن القول: ان الحكم الذي صدر ليس بمنزلة اعلان حرب فقط - كما قال بيان لنقابة الصحافيين المصرية - انما وضع صاحبة الجلالة في مرمى نيران الحكومة والسلطة، خصوصا الصحف المستقلة قبل الصحف الحزبية والمعارضة، فرؤساء التحرير الاربعة لا يمثلون صحفا معارضة بقدر ما يمثلون صحفا مستقلة، خاصة «الكرامة، الفجر، الدستور، وصوت الامة» اما جريدة «الكرامة» التي تمثل حزبا تم رفض تأسيسه حتى الآن فإنها تصدر عن شركة خاصة، وهو ما يلقي بظلال كثيفة وغامضة حول دور وجدوى صحف المعارضة الرئيسية مثل «الوفد، التجمع، العربي، والغد» والبعيدة عن اي صدام مع الحكومة والدولة منذ سنوات.
وقد نجحت هذه الصحف المستقلة والخاصة في جذب الكثير من قراء الصحف القومية وشبه الحكومية والحزبية على حد سواء وهو ما دفع المعركة في اتجاه الاشتعال فالصحف الحكومية وجدتها فرصة للتخلص من ازعاج ومزاحمة الصحف المستقلة، ومحاولة استعادة القراء والمعلنين الذين هرعوا الى الصحف المستقلة واسعة الانتشار.
على جانب آخر، فإن نقابة الصحافيين اعلنت عن اتخاذ اجراءات تصاعدية احتجاجا على هذا الحكم، خصوصا ان الامر تحول الى ما يشبه المزايدة على «حرية الصحافة» من قبل الجميع كما ان انتخابات نقابة الصحافيين على الابواب وبعض اعضاء مجلس النقابة الحاليين وجدوها فرصة لاكتساب مواقف عنترية وبطولية من اجل حصد اكبر عدد من الاصوات في الانتخابات المقبلة، اما اسعد الصحفيين حالا في الازمة فهم رؤساء التحرير الاربعة الذين صدر حكم بحبسهم في دعوى اقامها محام بطريقة توكيل التوكيل، فهناك توكيل من الرئيس مبارك بصفته رئيسا للحزب الوطني للمحامي ومستشاره القانوني محمد الدكروري، وهناك توكيل منه للدكتور انور رسلان استاذ القانون وعميد كلية الحقوق السابق، واكتشف الجميع ان هناك تخريجة قانونية ادت لقبول الدعوى، وهي ان اي محام منتم للحزب الوطني الحاكم، من حقه الدفاع عن الحزب الذي ينتمي اليه كل في دائرته، ضد اي شيء يمس الحزب الوطني الحاكم من قريب او من بعيد، وبواسطة هذه "اللغة" الغريبة صدر الحكم الذي بموجبه تمت محاكمة رؤساء التحرير الاربعة بدعوى الاساءة لرموز الحزب وقياداته واقطابه عبر نشر اخبار وتقارير تسيء لشخصيات مثل جمال مبارك، مفيد شهاب، صفوت الشريف، كمال الشاذلي والرئيس مبارك نفسه وقدم المحامي حافظة اوراق ومستندات ضمت نماذج لما تم نشره، وبموجب هذا الحكم، تحول رؤساء التحرير الاربعة الى شهداء وابطال، واشتعلت المزايدة.
صفحات شؤون مصرية في ملف ( pdf )