بين المظاهرات المليونية المطالبة بالتغيير، والتي تجاوزت 8 ملايين في معظم المحافظات، والمظاهرات المؤيدة والمطالبة ببقاء الرئيس محمد حسني مبارك، انقسم المشهد الميداني في مصر أمس.
وفيما طالبت المظاهرات التي نظمها أنصار الحزب الوطني ببقاء مبارك ودعا آخرون الى اعطائه فرصة حتى انتهاء ولايته الحالية نهاية العام، احتشد مئات الآلاف من المصريين بعد ظهر أمس في ميدان التحرير وسط القاهرة استجابة للدعوة الى تظاهرة «مليونية» التي اطلقها «شباب الانتفاضة». كما امتدت التظاهرات خارج القاهرة وفي الإسكندرية قال مراسل العربية ان أكثر من 3 ملايين متظاهر تجمعوا في شوارع الاسكندرية. وخرج عشرات الآلاف في مدن في دلتا النيل وهي المنصورة وطنطا والمحلة الكبرى.
وابدى المحتجون اطمئنانا تاما الى جنود الجيش المصري المتمركزين بدباباتهم في ميدان التحرير خصوصا ان الجيش تعهد في بيان رسمي بأنه «لم ولن يستخدم القوة ضد الشعب المصري» واصفا مطالبهم بانها «مشروعة».
لكن وفي بيان آخر أمس حذر الجيش المتظاهرين من المخربين داعيا الى الالتزام بالسلم في مظاهراتهم.
وجاء في البيان: «من حقكم التعبير عن آرائكم ومطالبكم بشكل حضاري وإنساني إلا أن عدم التزام العناصر المنحرفة والهدامة يتسبب في نشر الذعر وأعمال السرقة والنهب والتخريب مما قد تضطر القوات المسلحة معه إلى التعامل مع هذه العناصر أيا كانت بكل شدة وطبقا للقانون وحفاظا على أمن وسلام الوطن والمواطنين».
وقال اسامة علام (43 سنة) وهو محام ان «الجيش هو الشعب والشعب هو الجيش».
من جهتها، دعت خمسون منظمة حقوقية مصرية في بيان مشترك أمس الرئيس المصري الى «الانسحاب حقنا لدماء المصريين». واكدت المنظمات الموقعة على البيان والتي تشمل ابرز منظمات الدفاع عن حقوق الانسان في مصر مثل مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان والجمعية المصرية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمركز العربي لاستقلال القضاء، انه «على الرئيس مبارك ان يحترم ارادة الشعب المصري وينسحب حقنا لدماء المصريين».
وطالبت «بإصدار دستور جديد للبلاد من خلال جمعية وطنية مشكلة من ممثلي الاحزاب والقوى السياسية والمجتمع المدني».
المعارضة تدعو
بدورها، قالت «اللجنة الوطنية لتحقيق مطالب الشعب» التي تضم المعارض البارز محمد البرادعي وممثلين لقوى المعارضة الرئيسية ومنها الاخوان المسلمون انها لن تدخل في تفاوض مع الدولة حتى يرحل رئيس الجمهورية عن موقعه»، بحسب بيان تلقته وكالة فرانس برس.
واعلنت اللجنة التي شكلت قبل يومين انها «لن تدخل في تفاوض حتى يرحل رئيس الجمهورية (حسني مبارك) عن موقعه وعندها يبدأ التفاوض الجماعي من اجل الانتقال السلمي للسلطة وتحقيق مطالب الشعب».
رحيل آمن قبل الجمعة
من جانبه دعا البرادعي في مقابلة مع قناة العربية الرئيس المصري الى ان يترك السلطة قبل يوم الجمعة المقبل الذي اطلق عليه المتظاهرون «جمعة الرحيل».
واكد في تصريحات اخرى لقناة الحرة انه «مع خروج آمن» للرئيس المصري مؤكدا ان المعارضة تريد ان تطوي صفحة الماضي ولا تريد محاسبة مبارك عما حدث في عهده مشيرا الى انها ستقول «عفا الله عما سلف».
وفي وقت لاحق قد أعلن مسؤول أميركي لوكالة فرانس برس، ان سفيرة الولايات المتحدة في القاهرة مارغرت سكوبي تحدثت هاتفيا مع البرادعي اما الحركات الاحتجاجية الشبابية التي اطلقت انتفاضة الخامس والعشرين من يناير فأكدت على لسان احد قيادييها انها ستختار ممثلها للحوار مع الدولة «ولكن بعد تنحي الرئيس».
وقال شادي الغزالي حرب (32 سنة)، وهو طبيب جراح تخرج في جامعة القاهرة ثم نال درجة الدكتوراه في زراعة الكبد من احدى الجامعات البريطانية، لوكالة فرانس برس ان «الشباب الليبرالي سيكون له الاثر الاكبر في مسيرة مصر ما بعد مبارك».
واوضح ان شباب الحركات الاحتجاجية «سيختارون ممثليهم من بين عدة شخصيات مطروحة ابرزها محمد البرادعي والحائز على جائزة نوبل وأحمد زويل الحائز أيضا على جائزة نوبل».
عمرو موسى
من جانبه اكد الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في مقابلة مع قناة العربية دعمه للتغيير في مصر ولكن عبر الحوار، مبديا استعداده لتولي اي منصب لخدمة بلاده اذا ما طلب منه ذلك.
لكن موسى لم يتخذ موقفا مباشرا من المطالبات بتنحية الرئيس حسني مبارك. وقال ان «هذا المطلب يجب ان يكون محل الحوار القادم وان تسير الامور بسلاسة وسلام وبلياقة».
وعن التظاهرات، قال موسى «انا اؤيد، هذه المظاهرات ومعجب بها وبهذا الشباب واحيي هذه المواقف واطالب بهذا الحوار». وردا على سؤال عن امكانية ان يكون رئيسا لمصر في المستقبل او ان يقود بلاده في مرحلة انتقالية، شدد موسى على انه مستعد لخدمة مصر «في اي موقع».