طرح خطاب الرئيس محمد حسني مبارك الذي قال فيه انه لن يترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة العديد من الأسئلة والأجوبة عما سيحدث فيما بعد.. وهذه بعضها:
هل يستطيع مبارك أن يبقى حتى سبتمبر؟
الأمر غير مرجح بدرجة كبيرة على ما يبدو. فالدعوة التي توحد حولها جميع المصريين هي أن مبارك يجب أن يتنحى الآن وأنهم لن يعودوا إلى بيوتهم قبل تحقيق هدفهم. اذ قلما جذبت المظاهرات المناهضة للحكومة أكثر من بضع مئات قبل اندلاع هذه الاحتجاجات في 25 يناير الماضي. ولم يبد المحتجون أي علامة على استسلامهم الآن بعد أن حصلوا في أسبوع واحد على الكثير مما كانوا يطالبون به. والمحتجون لديهم أعداد تصيب الدولة بشلل.
لكن أحد العناصر الجديدة التي تضيف إلى الفوضى كان الظهور المفاجئ بعد ساعات من كلمة مبارك لمظاهرات حاشدة أيضا مؤيدة لمبارك سارع التلفزيون المصري للتركيز عليها. ويشير ذلك إلى أن الموالين المتشددين غير مستعدين للتنازل بسهولة ومن المحتمل أنهم غير مستعدين للتنازل دون قتال.
وقد تكون الكيفية التي سيرد بها الجيش الآن حاسمة. فالجيش تعهد بأنه لن يستعمل القوة ضد المحتجين وقال إنه يعترف «بمطالبهم المشروعة». وأمام الجيش اختيارات محدودة لأن الشرطة بأساليبها الفظة فقدت السيطرة على الحشود. فإما أن يتخلى عن الرئيس وهو من أفراد الجيش أو أن يبدد شعبيته لدى الشارع. وإلى الآن فإن الجيش يرغب على ما يبدو في إبقاء الشارع في صفه.
ماذا سيحدث إذا تنحى؟
بصورة عامة هناك مساران قد يحدثان إذا تنحى مبارك. أحد المسارين يضع المسؤولية في يد الجيش إما من خلال تنصيب عمر سليمان الذي عينه مبارك نائبا للرئيس في الأيام القليلة الماضية أو تعيين قائد آخر إذا ثبت أن سليمان غير مقبول.
وسيتضمن المسار الثاني تبديلات متنوعة لحكومة انتقالية من المحتمل أن تتضمن تعاونا وثيقا مع الجيش في البداية إلى أن يتم ترتيب الانتخابات أو أن تتولى حكومة مدنية السلطة.
هل يمكن للجيش أن يحتفظ بالسلطة؟
يصر القسم الرئيسي للمتظاهرين على أن سليمان الذي عين على عجل نائبا للرئيس بمجرد أن خرجت الاحتجاجات عن السيطرة أو أي شخص آخر مقرب من مبارك لن يكون مقبولا.
ومشهد جماعات المعارضة التي كانت تصطف تدريجيا وهي تشم رائحة النصر أقل وضوحا. ورغم أنهم لن يرضوا عن بقاء سليمان رئيسا فإن البعض يدرج اسمه ضمن أولئك الذين قد يشكلون مجلسا للأوصياء في فترة تحول أولية للإعداد لانتخابات حرة.
وإذا لم يكن سليمان فإن الجيش قد يسعى لتصعيد شخصية أخرى للرئاسة وكثيرا ما يبرز فجأة اسم سامي عنان رئيس أركان الجيش المصري. ولكن تلك قد تكون حيلة صعبة التحقق إذا كان الجيش المصري يريد أن يكون في صف الولايات المتحدة ويستمر في الحصول على مساعدات عسكرية أميركية قدرها 1.3 مليار دولار. وبموجب أحد السيناريوهات فإن مصر قد تحذو حذو السودان في عام 1985 عندما أدى الاضطراب العام إلى انقلاب وزعيم عسكري مؤقت قاد السودان لإجراء انتخابات في العام التالي.
وإذا لم يكن الجيش فمن إذا؟
جرى إضعاف أحزاب المعارضة المصرية المسجلة أو تفتيتها أو إجبارها على القبول بتسويات مذلة في عهد مبارك. وثبت أن جماعات الاحتجاج التي تشكلت في السنوات القليلة الماضية أكثر مهارة بكثير واحتشدت بسرعة بمجرد أن تراخت قبضة مبارك على ما يبدو. ومن بين الأفراد ذوي التأثير الذين ظهروا بسرعة محمد البرادعي الديبلوماسي المصري المتقاعد أو المفكر المصري أحمد زويل وكلاهما حائز على جائزة نوبل. ولكن أساسهما السياسي المشترك قد لا يتجاوز كثيرا هدفهما المشترك الخاص بالإطاحة بمبارك. قد ينقسما بأسرع مما يتجمعا عندما يتعلق الأمر بتفاصيل صياغة سياسة الحكومة.
والمجموعة الوحيدة التي لديها شبكة قومية منسقة تمتد إلى التنظيمات القاعدية للمجتمع المصري هي جماعة الإخوان المسلمين. وبالرغم من الضربات التي تلقتها من أمن الدولة طوال السنين تظل قوة صعبة. ولكن إلى أي مدى تكون صعبة فإن ذلك سؤال بلا حل. ويميل محللون إلى تقدير نسبة التأييد الذي تتمتع به بين السكان بين 20 و40%. وفي الواقع فإن أحدا لا يعلم،، لأنه لا توجد انتخابات حرة أو استطلاعات للرأي يمكن التعويل عليها لاختبار هذه التقديرات.
ومع هذا تستطيع جماعة الإخوان المسلمين حشد جماهير الأنصار لملء الفراغ السياسي بينما جماعات المعارضة تكافح كي تنظم نفسها. وهذا يفترض أن الإخوان المسلمين يريدون السلطة أو أنهم يريدونها الآن. لكن الجماعة تعلمت أن تتحلى بالصبر. وتضع نصب عينيها المسلمين الذين يشكلون أغلبية السكان في رؤيتها للديموقراطية التعددية أو للدولة الإسلامية. إنها قد تشعر بأنها ليست جاهزة بعد للحكم ولا تريد أن تقفز إليه.
وستواجه الحكومة القادمة في أعقاب احتجاجات 25 يناير بعض العقبات الهائلة وعلقت عليها توقعات كبيرة يتعين عليها تحقيقها. واحتمال تعثرها كبير. ولا يتعين على أي حكومة جديدة أن تشعر بالقلق بخصوص كسب ثقة قطاع الأعمال وخلق فرص عمل وحسب وإنما يجب أن تحتاج إلى أن تنفذ ما يتعين عليها عمله في عملية السلام وبشأن ما يتعين عمله بخصوص حصار فعلي على قطاع غزة جلب انتقادات كبيرة.