ألقت الاضطرابات في مصر بظلالها على نسخة العام الحالي لمؤتمر الأمن العالمي المنعقد في مدينة ميونيخ حيث تحتل هذه القضية مكانا بارزا في جدول اعمال المؤتمر الذي انطلق امس الأول في المدينة الواقعة جنوب المانيا.
وافتتح الامين العام للامم المتحدة بان كي مون مناقشة بشان الامن عبر الاطلسي بالاشارة الى الاحتجاجات في العالم العربي المدفوعة «بعدم الامن الانساني والفقر والفساد وغياب الديموقراطية» على حد قوله.
وفي كلمة له أمس، قال كي مون إن الاضطرابات في مصر وتونس ودول عربية أخرى تظهر أن خطر انعدام الأمن نجم عن نقص الديموقراطية.
وقال أمام المؤتمر إن الأمن يحقق السلام والتنمية ولكن «حيثما يغيب الأمن تكون الفوضى والغموض. ونرى هذا بالطبع مؤخرا جدا في تونس ومصر ودول أخرى في الشرق الأوسط».
وأضاف أن أسباب عدم الاستقرار هذه تشمل «انعدام الأمن الإنساني والفقر وتراجع التوقعات أو إحباطها وغياب الحكم الرشيد والفساد وعدم فاعلية إدارة المؤسسات العامة وغياب الديموقراطية».
وكشف عن أن الأمم المتحدة تحذر منذ عشر سنوات من الوضع في العالم العربي من خلال تقارير التنمية البشرية التي تصدرها، مضيفا أن «المشكلات والمظالم في المنطقة نموذج مصغر من عدة نواح للعالم الأوسع».
وكانت أقوى الرسائل وجهتها هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية معتبرة أن منطقة الشرق الأوسط تواجه «عاصفة بكل معاني الكلمة» من الاضطرابات فيما يتعين على زعماء المنطقة أن يسارعوا بتطبيق الإصلاحات الديموقراطية الحقيقية والا خاطروا بمزيد من زعزعة الاستقرار.
وقالت كلينتون في كلمتها أمام المؤتمر «تجتاح المنطقة عاصفة بكل معاني الكلمة ذات تيارات قوية». وأضافت «هذا هو ما دفع المتظاهرين الى الشوارع في تونس والقاهرة ومدن في مختلف انحاء المنطقة». وقالت «الوضع القائم حاليا لا يمكن ان يستمر».
ودعت القادة العرب إلى فهم ما يجري وقالت «يخطئ من يعتقد من زعماء الشرق الأوسط أنهم في مأمن من التهديدات السياسية. وأضافت أنها تؤيد انتقال السلطة في مصر بأقصى قدر من السرعة والنظام».
من جهتها، أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل استعداد الاتحاد الأوروبي في المشاركة في صياغة التحول في شمال أفريقيا.
وقالت ميركل على هامش المؤتمر أمس: «سيكون في مصر تغيرات».
وأكدت المستشارة الألمانية ضرورة صياغة هذا التحول، مؤكدة في الوقت نفسه استعداد أوروبا لدعم هذه العملية من خلال شراكة جديدة.
كما أكدت ميركل مجددا ضرورة حماية حقوق الحرية للمواطنين في مصر، معربة في الوقت نفسه عن ارتياحها من أن الاحتجاجات في مصر تسير حاليا بشكل سلمي إلى حد كبير. إلا أنها اعتبرت أن إجراء انتخابات مبكرة في مصر في بداية عملية للإصلاح الديموقراطي لن يساعد و«قد يكون أسلوبا خاطئا».
وفي سياق متصل ذكرت المستشارة أنه يتعين أن تكون السياسة الخارجية موجهة دائما بحقوق الإنسان، إلا أنها اعترفت في المقابل بأنه لا يمكن تصدير نموذج الديموقراطية الغربي بحذافيره إلى كل منطقة في العالم.
وفي الوقت نفسه ذكرت ميركل أن هناك «خطوطا حمراء» للديموقراطية لا ينبغي تجاوزها، موضحة أن تلك الخطوط تحددها حقوق الإنسان العالمية للأمم المتحدة. وأوضحت المستشارة أنه يمكن في هذا المفهوم تعريف سياسة خارجية مرتبطة بالقيم.
من جهته، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن انتقالا سريعا إلى قيادة جديدة وإصلاح سياسي في مصر ضروري لأن التأجيل سيؤدي إلى دولة غير مستقرة وهو امر لا يلقى قبولا لدى الغرب.
وقال كاميرون أمام المؤتمر «لا يوجد استقرار في مصر. نريد تغييرا وإصلاحا وانتقالا لتحقيق الاستقرار». وأضاف أن التغيير يجب أن يكون سريعا. وقال «كلما تأخر (التغيير) كلما ازداد احتمال ألا تكون مصر موضع ترحيب».