على وقع مطالب شعبية داخلية تنادي بالإصلاح وإجراء تعديلات دستورية وحراك شعبي يلف دول المنطقة يدخل الملك عبدالله الثاني اليوم عامه الثاني عشر في حكم الأردن، الدولة قليلة الموارد المحاطة بدول اكبر حجما وأكثر قوة تتباين طروحاتها السياسية والاقتصادية. كما يبدأ الملك عاما جديدا من حكمه مع استمرار التحدي الأبرز الذي رافق سنوات حكمه الماضية والمتمثل بتعثر العملية السلمية في المنطقة.
عندما أدى الملك عبدالله الثاني اليمين الدستورية في السابع من فبراير عام 1999 ملكا رابعا للأردن بعد ساعات من وفاة والده الملك حسين بن طلال الذي حكم بلاده 47 عاما تحدث بلغة إصلاحية وعرض خططه للإصلاح السياسي والاقتصادي في المملكة.
وخلال سنوات حكمه شكلت عشر حكومات كانت مهمتها الرئيسية المضي بعملية الإصلاح بشقيه السياسي والاقتصادي ولكن بعد هذه السنوات اقر الملك بأن عملية الإصلاح التي رسمها لمملكته تعثرت وآخر تصريحاته بهذا الخصوص كانت خلال لقاء له بوفد يمثل قيادات الحركة الإسلامية الخميس الماضي عندما قال «عملية الإصلاح تعثرت وتباطأت مما كلف الوطن فرصا كثيرة».
ويرجع مراقبون تعثر عملية الإصلاح الى جملة من العوامل أبرزها ما يسمى بقوى الشد العكسي التي ترى في الإصلاح السياسي او الاقتصادي تهديدا لمكتسباتها.
كما يحبذ بعض المراقبين الربط بين تعثر عملية الإصلاح الداخلي بجملة عوامل إقليمية أبرزها استمرار الصراع العربي ـ الإسرائيلي خاصة وان الأردن يضم اكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين على أراضيه ويواجه بين الحين والآخر طروحات اليمين المتطرف في اسرائيل فيما يتعلق بانه الوطن البديل للفلسطينيين.
وكان الملك عبدالله الثاني كلف العسكري ورئيس الوزراء السابق معروف البخيت بتشكيل حكومة جديدة وهو أمر لاقى ترحيب القوى المحافظة في المملكة وتحفظ ورفض من قوى أخرى لاسيما القوى التي تنادي بالإصلاح.
وأعلن الرئيس المكلف بعد ايام من المشاورات انه بصدد اجراء تعديلات جوهرية على التشريعات الناظمة للحياة السياسية في المملكة أبرزها قانون الانتخابات المؤقت لعام 2010.وهو القانون الذي يسمح للقوى العشائرية التقليدية بالسيطرة على مجلس النواب مقابل تهميش بقية القوى في البلاد. وقال الخبير والمحلل الإستراتيجي مصطفى حمارنة لـ «يونايتد برس إنترناشونال»: «تصريحات الملك الأخيرة بخصوص تعثر عملية الإصلاح لم تكن الاولى بل سبقتها تصريحات مماثلة. كما انها ليست المرة الأولى التي يتعهد فيها رؤساء الحكومات بالسير قدما في عملية الإصلاح فدائما تتعهد الحكومات بممارسة سياسات إصلاحية ولكن ما يحدث على ارض الواقع فعليا هو التراجع بدلا من التقدم».
من جهته، قال رئيس الدائرة السياسية في حزب جبهة العمل الإسلامي زكي بني ارشيد لـ «يونايتد برس إنترناشونال»: «الإصلاح الحقيقي يتطلب تعديلا على الدستور الأردني يسمح بتخويل رئيس الأغلبية النيابية بتولي منصب رئيس الوزراء في البلاد».
وأضاف بني ارشيد ان تعديل الدستور بهذا الشكل «يعطي للنظام الملكي شكلا أوسع ويصبح هناك نص دستوري ملزم بتكليف رئيس الغالبية في البرلمان».
لكن حمارنة يعتقد ان الدستور وثيقة مهمة لا يجوز اللعب بها ويؤكد ان أي تعديلات على الدستور لابد ان تحتوي على تعديلات معاصرة ومحددة تطرح لمناقشتها قبل اي اجراء بهذا الشأن.
من جانبه، قال الناشط السياسي ومدير مركز جذور لحقوق الإنسان فوزي السمهوري انه لا إصلاحات حقيقية دون التأكيد على مبدأ المواطنة وإزالة جميع أشكال التمييز بين الأردنيين مهما اختلفت أصولهم ومنابتهم في إشارة من السمهوري الى التمييز الذي يعاني منه الأردنيون من أصول فلسطينية في المملكة.
وقال السمهوري لـ «يونايتد برس إنترناشونال» «لم تأخذ قضية تعزيز مبدأ المواطنة حيزا واسعا من تصريحات رئيس الوزاء المكلف التي تعهد فيها بالإصلاح».
ويخشى السمهوري من ان ما تقوم به من أسماها «الفئة المتنفذة» في المملكة حاليا فيما يتعلق بالتشديد على قضية الإصلاح هو مجرد انحناء امام العاصفة ينتهي بمجرد توقف الحراك الشعبي الداخلي، مشيرا في هذا الصدد الى تصريحات للبخيت قال فيها ان منظومة الإصلاحات التشريعية التي ستقوم بها حكومته ستستغرق عاما.
ومن اجل ذلك يؤكد السمهوري على ضرورة اجراء تعديلات دستورية تضمن انتخاب رئيس الوزراء وإلغاء مجلس الأعيان الذي يعين أعضاءه الملك.