ما عدا ميدان التحرير الذي توافد اليه العديد من المحتجين رغم ان اعدادهم لم تكن كالسابق، عادت الحياة بشكل تدريجي الى طبيعتها في باقي اجزاء القاهرة والمدن المصرية.
وواكب ذلك الاجتماعات الحوارية الحثيثة التي عقدها نائب الرئيس عمر سليمان مع أقطاب المعارضة والتي شملت أمس تغييرا جذريا في موقف الاخوان المسلمين، الذين انخرطوا بدورهم في هذه الحوارات. حيث برر القيادي في جماعة الاخوان المسلمين عصام العريان هذا التغيير بالرغبة في «مناقشة المرحلة الانتقالية وانتخاب رئيس جديد وبرلمان جديد يمثل الشعب».
وقال مسؤول في حزب معارض شارك في الحوار ان سليمان رفض طلب المعارضة بأن يقوم الرئيس حسني مبارك بـ «تفويض سلطاته له».
وأضاف المسؤول الحزبي، ان البيان الذي تلاه المتحدث باسم مجلس الوزراء مجدي راضي على الصحافيين عقب انتهاء جلسة الحوار «لم يأخذ في الاعتبار الاقتراحات والمطالب التي كانت محل تأييد من ممثلي المعارضة وخصوصا ضرورة تعديل المادة 88 من الدستور».
انتقال سلمي للسلطة
من جهة أخرى، أكد البيان أن مجموعة الاحزاب الرسمية والقوى السياسية التي شاركت في الحوار قبلت بعد اجتماعها مع سليمان ببقاء الرئيس في منصبه حتى نهاية ولايته الخامسة في سبتمبر المقبل وبإجراء ترتيبات لانتقال سلمي للسلطة وتشكيل لجنة من قضاة وسياسيين لدراسة واقتراح تعديلات دستورية.
وأشار البيان الذي بثته وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية إلى أن الاتفاق اقرته ايضا مجموعة من الشباب الذين شاركوا في الاحتجاجات كانوا من بين الذين شاركوا في الاجتماع مع سليمان ومثلوا شباب المتظاهرين في «ميدان التحرير».
وأكد البيان اتفاق المجتمعين على «ضرورة التعامل الجاد والعاجل والأمين مع المطالب المشروعة لشباب 25 يناير والقوى السياسية في المجتمع».
الشرعية الدستورية
وشدد المجتمعون على «التمسك بالشرعية الدستورية في مواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه مصر في أعقاب هذه الأزمة».
وأضاف البيان ان الترتيبات التي توافق عليها المجتمعون «ذات طبيعة مؤقتة ولحين انتخاب رئيس للبلاد بعد انتهاء الولاية الحالية للرئاسة».
ومن بين تلك الترتيبات «عدم ترشح مبارك لولاية رئاسية جديدة بعد سبتمبر وتحقيق الانتقال السلمي للسلطة وفقا لأحكام الدستور» وإجراء تعديلات دستورية تشمل المواد 76 و77، وما يلزم من تعديلات دستورية أخرى تتطلبها عملية الانتقال السلمي للسلطة.
لكن البيان لم يشر الى المواد 88 الخاصة بالاشراف القضائي على الانتخابات ومواد دستورية اخرى تم تعديلها في العام2007.
ونص الاتفاق ايضا على «تشكيل لجنة تضم أعضاء من السلطة القضائية وبعض من الشخصيات السياسية تتولى دراسة واقتراح التعديلات الدستورية وما تتطلبه من تعديلات تشريعية لبعض القوانين المكملة للدستور في ميعاد ينتهي في الأسبوع الأول من مارس».
كما شمل «إنهاء حالة الطوارىء طبقا للظروف الأمنية وحالة إنهاء التهديد الأمني للمجتمع وتشكيل لجنة وطنية لـ«متابعة تنفيذ الاتفاق» تضم شخصيات عامة ومستقلة من الخبراء والمتخصصين وممثلين عن الحركات الشبابية».
ومن بين المشاركين في جلسة الحوار الوطني ممثلون عن الاخوان المسلمين وعن المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي بالإضافة إلى رجل الاعمال نجيب ساويروس.
كلينتون ترحب
من جهتها، رحبت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون أنها «تؤيد الحوار مع الاخوان المسلمين في الازمة المصرية» وقالت ان واشنطن «ستنتظر لترى» كيف ستتطور هذه المحادثات.
وصرحت كلينتون للاذاعة الوطنية العامة الاميركية من المانيا «علمنا ان الاخوان المسلمين قرروا المشاركة «في الحوار» ما يشير الى انهم على الاقل اصبحوا الان مشاركين في الحوار الذي شجعنا على اقامته».
واضافت «سننتظر ونرى كيف يتطور ذلك، ولكننا كنا واضحين جدا حول ما نتوقعه».
وقالت كلينتون ان «الشعب المصري يتطلع الى الانتقال المنظم الذي يمكن ان يقود الى انتخابات حرة ونزيهة. هذا ما دعمته الولايات المتحدة باستمرار».
واضافت ان «الشعب نفسه وقادة مختلف الجماعات.. هم الذين سيقررون في النهاية ما يلبي مطالبهم».
وتابعت «أريد ان اوضح اننا حددنا المبادئ التي ندعمها. ونحن متمسكون بمعارضتنا للعنف».
واكدت «نريد ان نرى تظاهرات سلمية تمثل، حتى الان على كل حال، تطلعات نعتبرها مشروعة للغاية». وقالت «ونحن نريد ان نرى انتقالا منظما وسريعا».
قداس وصلاة
ميدانيا، عزز الجيش أمس وجوده تدريجيا في ميدان التحرير بينما تعود الحياة الى طبيعتها تدريجيا في القاهرة. بينما استمر توافد المحتجين الى الميدان متحدين الاحوال الجوية. لكن اعدادهم لم تكن كما في الاحتجاجات السابقة، وفتحت المصارف ومحلات تجارية عدة أبوابها، كما فتحت طرق وجسور في اليوم الثالث عشر من التظاهرات الاحتجاجية.
وفي الساحة الواقعة وسط العاصمة، جرى قداس امام حوالى الف شخص، يحييه كاهن قبطي يحمل صليبا.
والى جانبه وقف شيخ يحمل المصحف بينما هتف الحاضرون بصوت واحد «يد واحدة». كما اديت صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء جماعة في الميدان.
وعادت الحياة في وسط العاصمة الى وتيرتها الطبيعية وفتحت محلات تجارية بينما ازدحمت الشوارع بالسيارات والمشاة.
وعاد العاملون والموظفون في الهيئات والمؤسسات الحكومية وغيرها الى العمل أمس ليعود الزحام والحركة الى شوارع القاهرة في حين اكتظ مترو انفاق القاهرة بالالاف من العائدين الى اعمالهم وسط تطلعات بعودة الحياة الى طبيعتها.