إذا قدر لثورة الشعب المصري الحالية تحقيق هدفها الرئيسي برحيل الرئيس حسني مبارك، فإن ذلك قد يكرس الآراء السائدة بأن الغرب يتخلى دوما عن حلفائه إذا ما تفجرت ضدهم براكين الغضب الشعبي ببلدانهم.
ومن شأن نجاح الانتفاضة المصرية في الإطاحة بنظام الرئيس مبارك أن يعيد إلى الأذهان سيرة حكام آخرين حظوا بدعم الولايات المتحدة والغرب قبل أن تتم التضحية بهم تحت ضغط الشعوب.
ويبرز في هذا الإطار شاه إيران السابق محمد رضا بهلوي الذي حول بلاده منذ توليه الحكم عام 1949 إلى تابع مسلوب الإرادة للولايات المتحدة، ووظف كل إمكانيات إيران ومواردها في خدمة سياسة واشنطن وأهدافها الإقليمية والدولية قبل أن تتركه يواجه بمفرده مصير السقوط المحتوم.
وفي عام 1986 رفضت الولايات المتحدة استقبال الرئيس السوداني الراحل جعفر النميري على أراضيها ليكون لاجئا سياسيا بعد ثورة السودانيين عليه، وتناسى الأميركيون ما أسداه لهم نميري من خدمات لاسيما دفنه المزعوم لنفاياتهم النووية في بلاده، ومساعدته في ترحيل يهود الفلاشا من إثيوبيا إلى فلسطين المحتلة.
وتكرر نفس السيناريو الأميركي مع الرئيس البنمي الأسبق مانويل نوريغا -الذي يمضي الآن عقوبة السجن 19 عاما في السجون الفرنسية، بعد قضائه سنوات بالسجون الأميركية بتهمة اغتيال معارضين سياسيين- الذي حرضته الولايات المتحدة عام 1983 على القيام بانقلاب تخلص فيه من الرئيس عمر توريخوس الذي أنهى النفوذ الأميركي في بنما وأمم قناتها.
وفي عام 2008 ترك الرئيس الأميركي السابق جورج بوش أحد أبرز حلفائه وهو الرئيس الباكستاني برويز مشرف يسقط تحت وقع غليان الشارع الباكستاني، ليغادر مشرف السلطة دون أن يتحرك للأميركيين جفن وهو الذي حول باكستان إلى مركز متقدم للولايات المتحدة في العمل العسكري والاستخباري في حربها على ما يسمى الإرهاب.
ولم تمض سوى فترة قصيرة على رحيل مشرف حتى تخلت أميركا عن صنو له هو الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي صاحب السجل الحافل في خدمتها داخل وخارج بلاده، وذكرت تقارير صحافية أن فرار الرئيس التونسي السابق جاء عقب إيعاز واشنطن لقائد الجيش رشيد عمار بترك بن علي يسقط.