بموازاة الاصلاحات السياسية التي يواصل الرئيس محمد حسني مبارك الاعلان عنها، تواصلت المظاهرات الاحتجاجية في القاهرة وعدة مدن مصرية. والجديد أمس ما اعلن عن تظاهرات جرت أما مجلسي الشعب والشورى ووزارة الداخلية. فيما قالت قناة الجزيرة ان عددا آخر من المحتجين اعاقوا وصول رئيس الحكومة أحمد شفيق الى مقر رئاسة الحكومة.
من جهته، أعلن نائب الرئيس المصري عمر سليمان أمس ان مصر لديها خطة وجدول زمني لانتقال سلمي للسلطة.
ووعد سليمان المتظاهرين الذي خرجوا بالآلاف بألا تلاحقهم الحكومة، وقال في تصريحات صحافية بثها التلفزيون المصري بعد اجتماعه بمبارك «عرضت على الرئيس اجتماعات الحوار الوطني مع جميع القوى السياسية بما في ذلك شباب 25 يناير وما خلص إليه الحوار من توافق مبدئى في الآراء والمواقف».
ونقل أن الرئيس أعلن «ترحيبه بهذا الوفاق الوطني مؤكدا أنه يضع أقدامنا على بداية الطريق الصحيح للخروج من الأزمة الراهنة ومشددا على ضرورة مواصلته والانتقال به من الخطوط العريضة لما تم الاتفاق عليه الى خريطة طريق واضحة بجدول زمني محدد تمضي بمصر على طريق الانتقال السلمي والمنظم للسلطة في إطار احترام الشرعية الدستورية».
كما نقل سليمان عن مبارك تشديده على ضرورة مواصلة ما تحقق «والانتقال به من الخطوط العريضة لما تم الاتفاق عليه الى خريطة طريق واضحة بجدول زمني محدد تمضي بمصر على طريق الانتقال السلمي والمنظم للسلطة في إطار احترام الشرعية الدستورية».
لجنة دستورية
وأعلن سليمان أن مبارك وقع قرارا جمهوريا بتشكيل (اللجنة الدستورية) التي ستضطلع بتناول التعديلات المطلوبة في الدستور، وما تقتضيه من تعديلات تشريعية مصاحبة. كذلك أصدر مبارك تعليمات لرئيس مجلس الوزراء لتشكيل (لجنة المتابعة).. التي ستضطلع بمتابعة التنفيذ الأمين لما تم التوافق عليه بين أطراف الحوار الوطني، مع تعليمات موازية بتشكيل لجنة ثالثة لتقصي الحقائق حول أحداث ومواجهات يوم «الأربعاء» الماضي، وإحالة ما تتوصل إليه الى النائب العام ليتخذ بشأنه ما يلزم من إجراءات.
وقال سليمان ان اللجنة الدستورية ولجنة المتابعة بدأتا أعمالهما اعتبارا من أمس. في حين ستشرع لجنة تقصي الحقائق في مباشرة مهامها فور تشكيلها في غضون الأيام القليلة المقبلة، وفقا لما أعلنه سليمان.
وفي اجتماع مع رؤساء تحرير الصحف القومية والحزبية، أكد سليمان أن الحوار والتفاهم هو الطريقة الأولى لتحقيق الاستقرار في البلاد والخروج من الأزمة، محذرا من أن البديل هو حدوث انقلاب شامل.
وقال نحن نريد أن نتجنب الوصول إلى هذا الانقلاب الذي يعني خطوات غير محسوبة ومتعجلة وبها المزيد من اللاعقلانية.
واعتبر أن كلمة الرحيل التي يرددها بعض المتظاهرين ضد أخلاق المصريين التي تحترم كبيرها ورئيسها، كما أنها كلمة مهينة ليست للرئيس فقط، وإنما للشعب المصري كله.
وأشار نائب الرئيس إلى ما يتردد عن العصيان المدني باعتباره دعوة خطيرة جدا على المجتمع، «ونحن لا نتحمل ذلك على الإطلاق ولا نريد أن نتعامل مع المجتمع المصري بالأداة الشرطية وإنما يتم التعامل بالحوار والموضوعية وطبقا للقدرات المتاحة»، ودعا إلى استمرار الحوار مع الشباب والقوى السياسية للخروج من الأزمة. وحول ما قيل عن دعوة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للرئيس مبارك لمغادرة مصر إلى ألمانيا للعلاج قال «ان الرئيس بحالة صحية جيدة ولم يحدث اتفاق مع ميركل على أي شيء وما أعلنته يمثل تدخل سافر في شؤوننا.
من جهتها، قالت وكالة انباء الشرق الاوسط ان لجنة تقصي الحقائق ستكون مستقلة ومحايدة «من شخصيات مصرية مشهود لها بالنزاهة والمصداقية».
وأضافت ان هذه اللجنة «ستتولى تقصي الحقائق حول احداث الاربعاء الماضي والتجاوزات المشينة والمرفوضة في حق المتظاهرين وما أوقعته من ضحايا أبرياء بين أبناء الوطن». وأشارت الوكالة الى ان مبارك «أكد انه يشعر تماما بمصاب عائلات هؤلاء الضحايا ويضع نفسه مكان من فقد الأب او الأخ او الابن او الحفيد ويعرب لهم جميعا بقلب حزين وموجع عن خالص عزائه لهم ومواساته للمصابين الابرياء».
حركة المرور
من جانب آخر أعلن سليمان أن الرئيس كلفه بمواصلة اجتماعات الحوار الوطني، لكن شخصيات مصرية معارضة قالت مجددا انه لم يتحقق الكثير خلال الحوار مع الحكومة. في حين اعلنت جماعة الاخوان المسلمين أكثر جماعات المعارضة تنظيما أمس الأول انها قد تنسحب من المحادثات التي بدأت مع الحكومة إذا لم يتم الوفاء بمطالب المحتجين ومنها التنحي الفوري لمبارك.
وفي هذا السياق، تقدمت مجموعة من الشخصيات القبطية بمذكرة إلى سليمان يطلبون فيها المشاركة في الحوار الوطني الذي بدأه مع عدد من قوى المعارضة المصرية.
واعتبر النشطاء في مذكرتهم أنه تم اقصاؤهم عن المشاركة في صنع القرار. لذلك «فإننا نرجو تحديد موعد لطرح رؤية النشطاء الأقباط من خلال قاعدة المشاركة الوطنية المصرية».
ومن النشطاء رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان نجيب جبرائيل ومنسق التيار القبطي العلماني كمال زاخر وأستاذ القانون إيهاب رمزي.
وشددت المذكرة، على أن رؤية النشطاء الأقباط «تنصب على ضرورة تكريس فكرة الدولة المدنية بما يستلزم ذلك من ضرورة إحداث تعديلات دستورية وما ينبثق عنها من تشريعات تكون متسقة مع فكرة الدولة المدنية».
أوباما يعتبر
بيد أن الرئيس الأميركي باراك أوباما قال إن المحادثات الجارية لحل الأزمة في مصر تحرز تقدما وقال أوباما للصحافيين في واشنطن «من الواضح انه يجب ان تتفاوض مصر بشأن طريق للمضي قدما وهم يحققون تقدما».
من جهته، أقر بي. جي. كراولي المتحدث باسم الخارجية بأن ثمة شكوكا في مصر وغيرها بخصوص مصداقية العملية وثمة مخاوف من ألا تؤدي إلا لنقل السلطة إلى نظام استبدادي آخر. وذكر كراولي أن من غير المرجح أن تجرى انتخابات مرضية في غضون فترة الستين يوما التي ينص عليها الدستور المصري في حالة تنحي الرئيس، معتبرا انها «ستكون مهمة صعبة». ومع عودة مئات الآلاف الى ميدان التحرير أمس ومثلهم في شوارع الاسكندرية وغيرها من المدن، عادت حركة المرور على استحياء الى منطقة وسط البلد أمس وسرعان ما تشكلت طوابير أمام البنوك التي تفتح أبوابها لفترة قصيرة.
وإذ رفض المتظاهرين في ميدان التحرير أمس الحوار، دعوا إلى إعادة كتابة الدستور من أجل السماح بإجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة ووضع حد لفترة تولي الرئاسة وحل البرلمان وإطلاق سراح السجناء السياسيين وإلغاء قانون الطوارئ. وقد انضم متظاهرون شاركوا للمرة الأولى الى المتظاهرين في ميدان التحرير مع دخول المظاهرات أسبوعها الثالث. وقال هؤلاء إنهم تحمسوا بعض الشيء بعد الافراج عن وائل غنيم المصري الذي يعمل مديرا للتسويق في شركة غوغل والذي قال إن جهاز أمن الدولة احتجزه نحو أسبوعين. لكن اللافت وبحسب شهود العيان أن وزير النقل المصري السابق عصام شرف قاد أمس احدى المسيرات التي طافت بالمنطقة التي يوجد فيها مجلسا الشعب والشورى ومجلس الوزراء وعدة وزارات من بينها وزارة الداخلية في وسط القاهرة.