أعلن الرئيس المصري محمد حسني مبارك تفويض صلاحياته لنائب الرئيس عمر سليمان وقال: «وإنني إذ أعي خطورة الوضع الذي يفرض علينا تغليب المصلحة العليا للوطن وأن نضع مصر أولا، رأيت تفويض نائب رئيس الجمهورية في اختصاص الرئيس على النحو الذي يحدده الدستور وأنا أعلم أن مصر ستتجاوز أزمتها ستقف من جديد بصدق واخلاص أبنائها وسترد كيد الكائدين».
واذ توجه بخطابه المنتظر أمس الى الشباب قائلا «اتوجه الى شباب مصر بميدان التحرير وعلى اتساع أرضها بحديث من القلب، حديث الاب لأبنائه وبناته، أنا أعتز بكم رمزا لجيل مصري يدعو للتغيير للأفضل ويصنع المستقبل «واعتبر أن دماء شهدائكم وجرحاكم لن تضيع هدرا وسأحاسب الذين أجرموا بحق شبابنا بأقصى ما تقرره أحكام القانون من عقوبات رادعة، وأقول لعائلاتهم انني تألمت كل الألم من أجلهم، والتزامي بصوتكم ومطالبكم التزام لا رجعة فيه وأنا عازم كل العزم على الوفاء بما تعهدت به بكل الجدية والصدق».
واعلن الرئيس المصري أن التزامه هذا «ينطلق من اقتناع بصدق ونقاء نواياكم وتحرككم وأن مطالبكم عادلة ومشروعة فالأخطاء واردة في اي دولة ولكن المهم الاعتراف بها ومحاسبة من قام بها، وأنا لا أجد غضاضة في الاستماع لشباب بلادي والتجاوب معهم ولكن ما لن أقبله أبدا أن أستمع لاملاءات أجنبية من الخارج أيا كان مصدرها».
وجدد مبارك رفضه الترشح لولاية ثانية قائلا «أعلنت بعبارات لا تحتمل الجدل أو التأويل عدم ترشيحي للانتخابات المقبلة مكتفيا بما قدمته من عطاءات للوطن وأعلنت تمسكي بذلك وتمسكا مماثلا وبذات القدر بالمضي في النهوض بمسؤولياتي في حماية الدستور حتى يتم تسليم السلطة والمسؤولية لمن يختاره الناخبون في سبتمبر المقبل بانتخابات حرة ونزيهة وسأحافظ على هذا القسم حتى نبلغ بمصر بر الأمان.
وأضاف: لقد طرحت رؤيتي ملتزما بمسؤوليتي للخروج بالوطن من هذه الأوقات العصيبة متطلعا لدعم كل حريص على مصر وشعبها لننجح في تحويلها الى واقع ملموس وفق تضامن تسهر على تنفيذه قواتنا المسلحة.
وبالإشارة الى الحوار الوطني قال «بدأنا حوارا بناء يضم شباب مصر الذين دعوا للتغيير وكافة القوى السياسية وقد توافق الحوار على توافق مبدئي يضع أقدامنا على بداية الطريق الصحيح للخروج من الأزمة ويتعين مواصلته بجدول زمني محدد يمضي يوما بعد يوم على طريق الانتقال السلمي للسلطة من الآن الى سبتمبر المقبل».
واعتبر أن هذا الحوار تلاقى على «تشكيل لجنة دستورية تتولى دراسة تعديل الدستور وتشكيل لجنة متابعة تتولى متابعة تنفيذ ما تعهدت به أمام الشعب وقد حرصت على تشكيل اللجنتين من الشخصيات المشهود لها بالتجرد»
واضاف «تلقيت بالأمس تقريرا بالتعديلات الدستورية ذات الاولوية المقترحة من اللجنة التي شكلتها من فقهاء القانون وإنني تجاوبا مع ما تضمنه تقرير اللجنة من مقترحات وبمقتضى صلاحياتي وفقا للدستور فقد تقدمت اليوم بطلب تعديل المواد 76 و77 و88 و93 و189 فضلا عن الغاء المادة 179 من الدستور مع تأكيد الاستعداد للتقدم بطلب تعديل كل المواد التي تنتهي اليها اللجنة الدستورية وفق ما تراه».
وأشار الى ان هذه التعديلات تستهدف «تسهيل الترشح للرئاسة واعتماد عدد محدد من الرئاسات لضمان تداول السلطة كما تؤكد اختصاص القضاء في النظر بصحة انتخاب أعضاء البرلمان والغاء المادة 179 يفتح الباب أمام ايقاف العمل بقانون الطوارئ فور عودة الهدوء وتوافر الحالات الممكنة لرفع حالة الطوارئ».
الأولوية
وأكد ان الأولوية اليوم هي استعادة الثقة بين المصريين والثقة بأن التغيير الذي بدأناه لا عودة فيه، مصر تشهد أوقاتا صعبة لا يصح الاستمرار بها وتلحق بنا خسائر اقتصادية وننتهي ليوم يصبح معها الشباب الداعون للإصلاح أول المتضررين منها، الأمر ليس متعلقا بحسني مبارك لقد بات الامر متعلقا بمصر بحاضرها ومستقبل أبنائها والمصريون جميعا بخندق واحد وعلينا مواصلة الحوار الذي بدأناه بعيدا عن الخلاف والتناحر».
وأضاف أمضيت عمري دفاعا عن مصر عشت أيام الانكسار والاحتلال وأيام العبور والنصر والتحرير وواجهت الموت مرات عديدة طيارا وفي أديس ابابا، لم أخضع يوما لضغوط أجنبية أو املاءات، لم اسع يوما لسلطة زائفة والأغلبية الكاسحة من ابناء الشعب يعرفون من هو حسني مبارك ويحز في أنفسهم ما ألاقيه اليوم من أبناء وطني.
من جانبه، اجتمع الرئيس الأميركي باراك أوباما بفريق الامن القومي لبحث الوضع بعد خطاب مبارك.
وقبل ذلك قال في كلمة ألقاها في ولاية ميتشغن الأميركية بمناسبة تطورات الأحداث التي تشهدها مصر حاليا: «نشهد تاريخا يتشكل... لأن شعب مصر يطالب بالتغيير».
ونوه أوباما بدور الشباب المصري في حركة التغيير، مؤكدا أنهم «كانوا في الصدارة» بالنسبة لقيادة موجة التعبير عن تطلعات الشعب المصري.
وتابع الرئيس الأميركي: «إذا ما أردنا أن نمضي قدما للأمام فعليهم (المصريين) التأكد من دعم الولايات المتحدة للعملية الديموقراطية في مصر».
الانعقاد بشكل دائم
وكانت وكالة انباء الشرق الاوسط ذكرت ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة قرر الانعقاد بشكل دائم لمتابعة الاوضاع في مصر.
واضافت الوكالة ان المجلس عقد اجتماعه برئاسة المشير محمد حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع.
ونقلت الوكالة عن «البيان رقم واحد» قوله «انطلاقا من مسؤولية القوات المسلحة والتزاما بحماية الشعب ورعاية مصالحه وأمنه وحرصا على سلامة الوطن والمواطنين ومكتسبات شعب مصر العظيم وممتلكاته وتأكيدا وتأييدا لمطالب الشعب المشروعة..انعقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة لبحث تطورات الموقف حتى تاريخه.
وقرر المجلس الاستمرار في الانعقاد بشكل متواصل لبحث ما يمكن اتخاذه من اجراءات وتدابير للحفاظ على الوطن ومكتسبات وطموحات شعب مصر العظيم».
وقد عرض التلفزيون المصري لقطات أمس ظهر فيها الرئيس حسني مبارك في اجتماع مع نائبه عمر سليمان.
وظهر الرئيس مبارك جالسا إلى مكتبه صامتا بينما كان سليمان يتحدث. ولم يتضح على الفور التوقيت الذي عقد فيه الاجتماع. وقد أعقبه اجتماع مع رئيس الحكومة احمد شفيق.
وقال مراسل وكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ) إن المتظاهرين الذين تجاوز عددهم مليون شخص مساء استقبلوا بفرحة مشوبة بالحذر بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة على أنه في حالة انعقاد دائم لبحث ما يمكن اتخاذه من إجراءات.
وقال شهود عيان تحدثوا لـ «د.ب.أ» إن أهالي المناطق والأحياء المحيطة بميدان التحرير بدأوا في التدفق بكثافة على ميدان التحرير مصطحبين معهم أطفالهم الصغار.
من جانبه دعا وائل غنيم مفجر «ثورة 25 يناير» عبر صفحته على الفيس بوك المتظاهرين الى توخي الحذر. وقال لهم على موقع تويتر «ايها الشباب لم تستسلموا للتكهنات من الان انتظروا حتى تروا»، مضيفا «تحيا مصر».
30 ألف محام أمام قصر عابدين
ولفت أمس انضمام المحامين الى المتظاهرين حيث انطلقت مسيرة لرجال القانون المصريين أمس من أمام مقر نقابتهم العامة في شارع رمسيس، وسط القاهرة، لتصل إلى قصر عابدين بالعاصمة المصرية، والذي يبعد نحو خمسة كيلومترات عن مقر النقابة.
وذكر شهود عيان أن المحامين اقتحموا الحاجز الأمني الذي تقيمه قوات الأمن المركزي حول القصر، مرددين «سلمية.. سلمية».
وتشير تقديرات المحامين إلى مشاركة ما يتراوح بين 30 ألفا و40 ألف محام في المسيرة.
وأفاد الشهود بأن المحامين حملوا لافتات ورددوا شعارات تؤكد تضامنهم مع مطالب الشعب.
العاملون في القصر العيني
على غرار المحامين، نظم العاملون في القصر العيني اكبر مستشفيات القاهرة أمس، مسيرة توجهت الى مبنى مجلس الشعب للانضمام الى مئات المتظاهرين الذين يعتصمون هناك منذ يومين كما افاد مراسل الوكالة الفرنسية للانباء.
وسار نحو ثلاثة آلاف من العاملين في المستشفى التعليمي الواقع في جزيرة المنيل، الى مبنى البرلمان غير البعيد لينضموا الى غيرهم من العاملين في القطاع الطبي القادمين من مناطق مختلفة في البلاد.
وأكدت سهى محمد الطبيبة المقيمة في المستشفى، ان مطالب المحتجين سياسية في المقام الاول. وتقول «هذا التحرك ليس له اي دخل بمرتباتنا انه من اجل الحصول على الحرية».
وقال عبد القادر الطالب في كلية الطب بجامعة الزقازيق في دلتا النيل، الذي جاء الى القاهرة للانضمام الى المحتجين «اريد الانضمام الى زملائي الاطباء في القاهرة، مركز الثورة. نريد الحصول على حقوقنا نريد محاكمة المسؤولين عن السرقة والفساد والجرائم».
أكد التزامه بالانتقال السلمي للسلطة
سليمان للمتظاهرين: عودوا إلى دياركم وأعمالكم
من جهة أخرى أعلن نائب الرئيس المصري عمر سليمان التزامه «بإجراء كل ما يلزم لتحقيق الانتقال السلمي للسلطة وفقا لأحكام الدستور» وقال «بعد تفويضي من الرئيس مبارك أطالب الجميع بالمساهمة في عودة الحياة لطبيعتها».
وخاطب الشباب قائلا «عودوا الى دياركم وأعمالكم»، مؤكدا ان «حركة شباب 25 يناير نجحت في إحداث تغيير مهم في مسار الديموقراطية»، داعيا إياهم الى «ألا تستمعوا للإذاعات والقنوات المغرضة، لقد دقت ساعة العمل».
وأكد سليمان أن هذا «الشعب لن ينجرف للفوضى ولن يسمح لأصحاب أجندات التخريب بأن يكون لهم وجود بيننا».
وقبل ذلك، قالت وكالة انباء الشرق الأوسط أمس إن تصريحات عمر سليمان نائب الرئيس لمحطات تلفزيونية أميركية والتي أشارت الى ان المصريين غير مستعدين للديموقراطية أخرجت عن سياقها.
وقالت الوكالة «بعض الجمل من تصريحاته لقناة «ايه بي سي» الأميركية أخذت على محمل غير صحيح خاصة تعليقه حول التحول الديموقراطي في مصر حيث أكد أنه مؤمن بالديموقراطية».
وأضافت نقلا عن سليمان «إننا نسعى لأن تنتشر ثقافة الديموقراطية بمصر.. وان أي تفسير آخر لهذه العبارات هو تفسير مغلوط وفى غير محله».
جاء ذلك توضيحا لما اوردته، شبكة «ايه بي سي» في القاهرة يوم الاثنين على لسان سليمان ردا على سؤال عما إذا كان يؤمن بالديموقراطية فرد قائلا بالانجليزية «الجميع يؤمنون بالديموقراطية لكن متى تفعل ذلك.. عندما يكون لدى الشعب ثقافة الديموقراطية».
وفي البيان الذي بثته وكالة انباء الشرق الأوسط أشاد سليمان بالمتظاهرين الشبان الذين خرجوا في 25 يناير والذين تقول الحكومة انهم مختلفون عن أولئك الذين مازالوا موجودين في ميدان التحرير والذين تصفهم بأن لهم برامج خاصة ويخضعون لتأثير دخلاء.