في الحادي عشر من فبراير 2011 بدأت صفحة جديدة من التاريخ، كتب الرئيس المصري محمد حسني مبارك السطر الاول فيها بإعلانه التنحي وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد.
وبعد 18 يوما على عمر «ثورة 25 يناير»، أعلن ذلك اللواء عمر سليمان نائب مبارك، في بيان مقتضب جاء فيه «ايها المواطنون، في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد، قرر الرئيس محمد حسني مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية وكلف المجلس الاعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد، والله الموفق والمستعان».
حل البرلمان
وبعد أن تسلم المجلس الأعلى العسكري القيادة وأصبح وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي رئيسا للمجلس قال تلفزيون «العربية»، انه سيقيل الحكومة ويحل مجلسي الشعب والشورى وإن رئيس المحكمة الدستورية العليا سيشارك في حكم البلاد.
وفور اعلان الخبر، غمرت البهجة المصريين وخرجت مصريات إلى الشرفات في شوارع القاهرة وأطلقن الزغاريد.
وتدفق رجال من البيوت إلى الشوارع تعبيرا عن شعور غامر بالفرحة وضج ميدان التحرير الذي لم يكن فيه موطئا لقدم، بمظاهر فرح المحتجين الذين اعتصموا فيه لنحو أسبوعين.
وخرج مئات الألوف من سكان الإسكندرية إلى الشوارع في مسيرات احتفال.
ترحيب شعبي
وانصرفت أعداد كبيرة منهم كانت قد تجمعت منذ الظهيرة أمام قصر العروبة بمصر الجديدة كما انصرفت أعداد كبيرة من المتظاهرين من أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون بماسبيرو وانطلقوا لينضموا الى معظم المتظاهرين في قلب ميدان التحرير.
وفى الاسكندرية شهدت شوارعها تجمعات الآلاف من المتظاهرين رافعين الاعلام ورددوا هتافات ترحب بقرار تخلي الرئيس مبارك عن منصبه.
وذكر التلفزيون المصرى ان الفرحة علت وجوه المتظاهرين في الاسكندرية التي شهدت شوارعها وخاصة الكورنيش ووسط المدينة والميادين العامة احتفالات ضخمة عبر فيها المتظاهرون عن فرحتهم ببيان نائب رئيس الجمهورية السيد عمر سليمان وخرجت السيارات تطلق ابواقها فرحة بالبيان.
وقد ردد المواطنون في كل مكان شعارات منها «النصر لمصر» و«تحيا مصر» و«مصر باقية الى الابد في قلوب المصريين».
وفى محافظة المنيا شهدت مدنها احتفالات كبرى بعد إعلان قرار التنحي، وتجمع حوالي 10 آلاف مواطن بشوارع طه حسين وميدان بالاس وكورنيش النيل بمدينة المنيا للاحتفال بالقرار وقاموا بإطلاق الأعيرة النارية واذاعة الأغاني الوطنية.
كما تجمع حوالي ألف شخص أمام ديوان عام المحافظة للاحتفال وتهنئة الجيش الذي يحافظ على أمن وسلامة الوطن والمواطنين.
وفى محافظة الغربية هدأت الأمور أمام مبنى المحافظة وانصرف المواطنون الذين تظاهروا امس بميدان الشون وشارع البحر.
من جهته، اعتبر المعارض محمد البرادعي ان هذا أعظم يوم له وللمصريين وأنه يتطلع للعمل مع الجيش، واعرب عن توقعه لفترة من تقاسم السلطة بين الجيش والشعب، معلنا أنه لا يفكر في الترشح للرئاسة.
ضغط الجيش
وكانت وكالة «يو. بي. آي» نقلت عن مصادر مصرية قالت انها رفيعة المستوى أن قرار الرئيس مبارك بالتنحي عن السلطة جاء بعد ضغط من قيادات الجيش عليه.
وسبق التنحي احتشاد مئات الألوف في ميدان التحرير وغيره من ساحات المدن المصرية للإعلان عن تمسكهم بمطلبهم برحيل النظام بكامله وحل مجلس الشعب وتغيير الدستور.
وبعد أن أدى أكثر من مليون متظاهر صلاة الجمعة في ميدان التحرير توجه آلاف منهم إلى القصر الرئاسي في ضاحية مصر الجديدة بالقاهرة فيما توجه آلاف غيرهم الى مبنى الإذاعة والتلفزيون في وسط العاصمة، في حين أعلنت مصادر إعلامية ورسمية مقربة من الحكومة ان الرئيس حسني مبارك غادر القاهرة مع أسرته وتوجه إلى شرم الشيخ.
وقبل ذلك وبعد خطاب الرئيس الذي فوض سلطاته الى نائبه عمر سليمان، أعلنت القوات المسلحة المصرية أمس أنها تضمن إنهاء حالة الطوارئ وتنفيذ الإصلاحات السياسية التي اقرها الرئيس حسني مبارك.
وفي اقل من 24 ساعة أصدر الجيش بيانه الثاني في خطوة اعتبر مراقبون انها محاولة من الجيش لتهدئة أسوأ أزمة في تاريخ مصر وقال البيان الذي أذاعه مذيع تلفزيوني خلافا للبيان السابق «إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يضمن تنفيذ الإجراءات الآتية: إنهاء حالة الطوارئ فور انتهاء الظروف الحالية، الفصل في الطعون الانتخابية وما يلي بشأنها من إجراءات، إجراء التعديلات التشريعية اللازمة وإجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة في ضوء ما تقرر من تعديلات دستورية».
وعدم ملاحقة الذين شاركوا في المظاهرات داعيا اياهم الى العودة الى منازلهم، لكن المتظاهرين الذين اعتراهم الغضب لإصرار الرئيس المصري حسني مبارك على الاستمرار في الحكم، اندفع آلاف المصريين إلى مقر رئاسة الجمهورية بالقاهرة رافضين ضمانات الجيش بالانتقال الى انتخابات حرة بوصفها غير كافية.
وقد ادى هؤلاء، صلاة الجمعة أمام قصر الرئاسة وراء عربات الجيش، ولم يتدخل الجيش غير أنه أغلق الطرق الرئيسية المؤدية للقصر.
الجيش في بيانه رقم 2: نضمن إجراء انتخابات رئاسية حرة
تعهد الجيش المصري في بيانه رقم 2 الذي صدر صباح امس إنهاء حال الطوارئ فور انتهاء الأحداث الراهنة وإجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة في إطار ما تقرر من تفويض لنائب الرئيس من صلاحيات. وأكد الجيش انه قرر مجموعة من الإجراءات «نظرا للتطورات المتلاحقة وفي إطار متابعة الأحداث الداخلية والخارجية التي يتحدد فيها مصير البلاد وما تقرر من تفويض لنائب رئيس الجمهورية من صلاحيات وإيمانا بمسؤولياتنا الوطنية بالحفاظ على أمن الوطن واستقراره». والإجراءات هي أولا: «إنهاء حال الطوارئ فور انتهاء الأوضاع الحالية والفصل في الطعون الانتخابية وإجراء التعديلات التشريعية اللازمة وإجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة في ضوء ما تقرر من تعديلات دستورية».
وثانيا: «تلتزم القوات المسلحة برعاية مطالب الشعب والسعي لتحقيقها من خلال تنفيذ الإجراءات في التوقيتات المحددة بكل دقة وحزم وذلك لضمان انتقال سلمي للسلطة وصولا إلى مجتمع ديموقراطي وحر يتطلع إليه الشعب».
وثالثا: أكدت القوات المسلحة «عدم ملاحقة الشرفاء الذين رفضوا الفساد وطالبوا بالإصلاح وتحذر من المساس بأمن وسلامة الوطن والمواطنين وتؤكد على ضرورة انتظام العمل في مرافق الدولة وعودة الحياة الطبيعية حفاظا على مصالح الشعب».
بيان رقم 3: نحيي الرئيس مبارك ولسنا بديلاً عن الشرعية
أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة مساء امس وبعد تنحي الرئيس محمد حسني مبارك بيانه الثالث مؤكدا أنه سيحدد الخطوات والإجراءات التي ستتبع بعد تنحي مبارك عن رئاسة الجمهورية، مشددا على أنه ليس «بديلا عن الشرعية». وأشار البيان إلى أنه «أمام مطالب شعبنا العظيم في كل مكان بإحداث تغييرات جذرية فإن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يتدارس هذا الأمر مستعينا بالله للوصول إلى تحقيق آمال شعبنا العظيم وسيصدر المجلس لاحقا بيانات تحدد الخطوات والإجراءات والتدابير التي ستتبع».
وحيا البيان الرئيس مبارك «لما قدمه في مسيرة العمل الوطني حربا وسلما وعلى موقفه الوطني لتفضيله المصلحة العليا للوطن»، كما توجه بكل التحية والاعتزاز لأرواح الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم فداء لحرية وأمن بلدهم خلال الثورة.