بدأت الحياة تدب في شوارع القاهرة والمدن المصرية الأخرى مع بزوغ فجر اليوم الأول من مرحلة ما بعد تنحي الرئيس محمد حسني مبارك، وبعد احتفالات الشباب بنجاح ثورتهم اندفعوا إلى ميدان التحرير الذي كان رمزا ومنطلقا لثورة 25 يناير.
وفيما بدا الجيش يزيل الحواجز العسكرية نزل شباب التحرير ورجالهم ونساؤهم إلى الشوارع لرفع آثار الأيام الماضية وتنظيف الشوارع إيذانا ببدء حقبة جديدة.
بيان رقم 4
من جهته، أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة البيان رقم 4 الذي رسم فيه معالم المرحلة وصولا إلى تحقيق كل المطالب الشعبية.
وطلب المجلس في بيانه، من الحكومة الحالية والمحافظين القيام بتسيير الأعمال مؤقتا إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة.
وجاء في البيان «ان المجلس الأعلى للقوات المسلحة ونظرا للظروف التي تمر بها البلاد والأوقات العصيبة التي وضعت مصر وشعبها في مفترق الطرق وتفرض علينا جميعا الدفاع عن استقرار الوطن وما تحقق لأبنائه من مكتسبات حيث ان المرحلة الراهنة تقتضي إعادة ترتيب أولويات الدولة على نحو يحقق المطالب المشروعة لأبناء الشعب ويجتاز بالوطن الظروف الراهنة».
وأضاف انه «إدراكا من المجلس بأن سيادة القانون ليست ضمانا مطلوبا لحرية الفرد فحسب ولكنها الأساس الوحيد لمشروعية السلطة في نفس الوقت وتصميما ويقينا وإيمانا بكل مسؤولياتنا الوطنية والقومية والدولية وعرفانا بحق الله ورسالاته وبحق الوطن، فان المجلس يعلن عن التزامه بكل ما ورد في البيانات السابقة وانه على ثقة بقدرة مصر ومؤسساتها وشعبها على تخطي الظروف الدقيقة الراهنة وانه ومن هذا المنطلق فعلى كل جهات الدولة الحكومية والقطاع الخاص القيام برسالتهم السامية والوطنية لدفع عملية الاقتصاد إلى الأمام وعلى الشعب تحمل مسؤوليته في هذا الشأن».
وأكد المجلس على التطلع لضمان الانتقال السلمي للسلطة في إطار النظام الديموقراطي الحر الذي يسمح بتولي سلطة مدنية منتخبة لحكم البلاد لبناء الدولة الديموقراطية الحرة.
وشدد على التزام مصر بكل الالتزامات والمعاهدات الإقليمية والدولية متوجها إلى الشعب بأن يتعاون مع رجال الشرطة المدنية من اجل أن يسود الود والتعاون كما أهاب برجال الشرطة المدنية الى الالتزام بشعارهم «الشرطة في خدمة الشعب».
لكن عددا من النشطاء والمنظمين للاحتجاجات قالوا أمس انهم سيشكلون مجلسا للدفاع عن الثورة والتفاوض مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وقال خالد عبدالقادر عودة وهو أكاديمي للصحافيين في ميدان التحرير ان الهدف من مجلس الأمناء هو إجراء حوار مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة ودفع الثورة إلى الأمام من خلال مرحلة انتقالية. وأضاف ان المجلس ستكون له سلطة الدعوة لاحتجاجات أو الدعوة لإنهائها حسب تطورات الموقف.
وقبل ذلك تعهدوا بالبقاء في ميدان التحرير إلى أن يقبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة البنود التي جاءت في وثيقة سلموه إياها أمس الأول للإصلاح، وفي بيانين صدرا أثناء الليل طالب منظمو الاحتجاجات في مصر برفع حالة الطوارئ، وبحل الحكومة التي عينها مبارك في 29 يناير وتعليق جلسات مجلس الشعب الذي شاب انتخاباته التزوير في أواخر العام الماضي، وتشكيل مجلس رئاسي من خمسة أعضاء يضم أربعة مدنيين وعسكريا واحدا.
وطالب البيان بتشكيل حكومة انتقالية والإعداد لانتخابات تجري في غضون تسعة أشهر ولجنة لصياغة دستور ديموقراطي جيد، كما طالبوا بحرية الإعلام والنقابات المهنية مثل تلك التي تمثل المحامين والأطباء والمهندسين وتشكيل أحزاب سياسية وحل المحاكم العسكرية ومحاكم الطوارئ.
لا ترشيح
من جهتها، قالت جماعة الإخوان المسلمين انها لا تسعى إلى السلطة، مشيدة بجهود القوات المسلحة لنقل السلطة الى المدنيين. وقالت الجماعة في بيان انهم «لا يتطلعون الى مكاسب خاصة ولذلك فقد أعلنوا مرارا انهم ليسوا طلاب سلطة ولذلك لن يرشحوا أحدا منهم لمنصب الرئاسة ولن يسعوا الى الحصول على أغلبية في البرلمان وانهم يعتبرون أنفسهم خدما لهذا الشعب الكريم».
في غضون ذلك قالت مصادر أمنية مصرية ان قرارا صدر بمنع عدد من الوزراء ومديري المؤسسات الكبرى من السفر فيما قالت قناة العربية ان من هؤلاء 43 مسؤولا سابقا وحاليا، كما قالت ان وزير الإعلام أنس الفقي قدم استقالته من الوزارة أمس وقبلها على الفور رئيس الوزراء أحمد شفيق.
وقالت «العربية» ان الفقي قد وضع رهن الإقامة الجبرية.
إلى ذلك، وفي إطار القطيعة مع الفساد كشفت قناة «العربية» نقلا عن مصادر عسكرية أن وزير الإعلام انس الفقي وضع رهن الإقامة الإجبارية، وان من بين التهم المحتمل ان توجه إليه إهدار 12 مليار جنيه مصري، كما ذكرت القناة ان 43 وزيرا سابقا وحاليا منعوا من السفر.
وكانت مصادر أمنية قالت في وقت سابق ان بعض المسؤولين المصريين منعوا من مغادرة البلاد من دون إذن من المدعي العام او القوات المسلحة، وقال المصدر بمطار القاهرة «الإجراءات الضرورية اتخذت لتنفيذ هذه التعليمات التي تهدف الى منع محاولات بعض الشخصيات التي تقلدت مواقع المسؤولية خلال الفترة الماضية من الهروب من البلاد لكيلا يستجوبوا»، وأضاف «هذه الإجراءات تشمل الوزراء السابقين وكبار المسؤولين ورؤساء الشركات».
سياسيا، أعلن مجلس الوزراء انه سيعقد اجتماعه الأول بعد التنحي اليوم برئاسة د.أحمد شفيق رئيس مجلس الوزراء لاستعراض عدد من القضايا الداخلية المهمة، في ضوء بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة باستمرار الحكومة الحالية والمحافظين في تسيير الأعمال مؤقتا لحين تشكيل حكومة جديدة. ويستعرض مجلس الوزراء الجهود المبذولة لتوفير السلع الغذائية والأساسية للمواطنين وتحقيق الأمن والاستقرار.
مسلحون يهربون 600 سجين من سجن المرج بالقاهرة
في سياق متصل، أعلن مسؤول امني مصري عن قيام مسلحين مجهولين باقتحام سجن المرج بشرق القاهرة ونجحوا في تهريب 600 سجين، وقال المصدر لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) ان المسلحين تمكنوا من قتل احد أفراد الشرطة وأصابوا نحو 20 آخرين.
من جهتها، رحبت حكومة المملكة العربية السعودية بالانتقال السلمي للسلطة في مصر، ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) – عن مصدر مسؤول قوله ان حكومة المملكة تعرب عن أملها في ان تكلل جهود القوات المسلحة المصرية في إعادة السلم والاستقرار والطمأنينة في مصر وذلك تمهيدا لقيام حكومة وطنية تحقق آمال وتطلعات الشعب المصري الشقيق نحو الأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي، واستمرار جمهورية مـصر العربية الشقيقة في القيام بدورها التاريخي على الساحات العربية والإسلامية والدولية.
مبارك في شرم الشيخ.. وأنباء عن تدهور صحته
من جهة أخرى وفيما قالت وكالة «رويترز» ان الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك موجود حاليا في شرم الشيخ، ذكرت صحيفة «الوسط» البحرينية امس ان الحالة الصحية للرئيس تدهورت في الساعات الاخيرة، وأكدت بعض المصادر المقربة منه انه في حالة غيبوبة كاملة.
وكانت انباء صحافية قد اشارت الى ان الرئيس السابق تعرض للاغماء مرتين خلال تسجيل خطابه الذي القاه الخميس الماضي واعلن فيه تفويض نائب الرئيس عمر سليمان بتولي المسؤولية وهو ما كان واضحا في التسجيل الذي قطع مرتين وقامت ادارة الاعلام بمؤسسة الرئاسة بعمل مونتاج على الخطاب.
من جانبها، ذكرت صحيفة «الوفد» المصرية المعارضة ان الرئيس السابق سينتقل الى الاقامة بامارة الشارقة بالامارات العربية المتحدة.
وقالت: ان هناك حالة من الاستعدادات القصوى لاستقبال شخصية ديبلوماسي مهمة، ورجحت الانباء ان يكون مبارك واسرته.
وقال مصدر اعلامي مسؤول ان الرئيس مبارك بعد وصوله الى مدينة شرم الشيخ قرر المغادرة بعد صدور قرار التنحي لخارج مصر، وربطت المصادر بين الانباء التي تواترت عن وصول مبارك الى الامارات وزيارة وزير خارجية الامارات لمصر ومقابلة مبارك له الثلاثاء الماضي.
كما قالت انباء غير مؤكدة ان مبارك في حالة صحية صعبة ويرافقه فريق طبي اجنبي. من جهته، نفى مستشفى هايدلبرغ الجامعي بالمانيا وجود دلائل على اعتزام الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك المجيء اليه. وفي مقابلة مع وكالة الانباء الالمانية (د.ب.أ)، قالت متحدثة باسم المستشفى امس «حسب حدود علمنا حتى الآن فإنه لا توجد اي مدعاة لقدومه الينا لاسباب صحية». ونفت المتحدثة باسم المستشفى الجامعي وجود اي اتصالات مع الرئيس المصري السابق او اي تحضيرات لشيء من هذا القبيل.