شؤون مصرية
القاهرة - علاء عبد الحميد
لايزال الاشتباك قائما داخل أوساط المجتمع الصحافي المصري على خلفية الحكم الذي صدر قبل نحو 3 أسابيع بحبس 4 من رؤساء تحرير الصحف المصرية المستقلة وأول أكتوبر المقبل ستتم محاكمة الصحافي إبراهيم عيسى في قضية أخرى تتعلق بنشر وبث شائعات عن صحة الرئيس مبارك وهو ما يعني عمليا أن الملف سيظل مفتوحا لفترة أخرى.
الأزمة خلقت حالة من التربص داخل الوسط الصحافي، وخلقت نوعا من الصراع العلني المكتوم على طريقة الصراخ والصراخ المضاد من كلا الفريقين، خصوصا بعد تردد أنباء عن احتمال قيام مجلس الشورى بإجراء تغييرات في قيادات رئاسة تحرير 4 صحف حكومية يومية فشلت في التعامل مع الأزمة، ومواجهة «أكاذيب الصحف المستقلة والخاصة المخلوطة بقليل من الحقائق التي لم يتم لي ذراعها وتوجيهها في أغراض خاصة، ويبدو أن الزمن المقبل في مصر سيكون هو زمن الصحف المستقلة والتي سحبت من رصيد قراء الصحف القومية والحكومية وباتت هناك منافسة شرسة بينهما.
وربما يفتح ذلك ملف خصخصة الصحف المصرية خلال السنوات الخمس المقبلة، كما طرحت الأزمة تساؤلات حول مدى ما تتمتع به الصحافة المصرية من حرية. ولا توجد إجابات واضحة أو محددة فالمسألة كلها نسبية، ولا أحد حتى الآن يعرف كيف ستنتهي هذه الأزمة خاصة أن مجلس القضاء الأعلى اصدر بيانا طالب فيه الجميع بعدم التعليق على الأحكام القضائية الصادرة من محاكم القضاء، ولاتزال الأزمة وتداعياتها مستمرة لحين إشعار آخر.
وعلى الصعيد الحزبي فإن الحزب الوطني الحاكم انتهى من مرحلة الانتخابات الثانية والتي تم خلالها اختيار 30 عضوا على مستوى أمانات الوحدات والأقسام والمراكز الحزبية والقاعدية، ويستعد للمرحلة الثالثة والتي تتضمن اختيار امناء المحافظات وعددهم 28 أمينا عاما بالمحافظات المختلفة، وكان من المقرر أن يقوم أمناء الأقسام والمراكز بانتخابهم، ولكن لأن صناديق الاقتراع عادة لا تأتي بما يشتهيه النظام الحاكم فقد تقرر أن يتم تعيين أمناء المحافظات ومن المفترض أن يتم تعيينهم قبل نهاية الشهر الجاري، أو كما كان محدد له من قبل 3 أكتوبر المقبل، ويتم حسم انتخاب رئيس الحزب الوطني الحاكم وأنصار هيئة المكتب السياسي خلال انعقاد المؤتمر العام للحزب في الفترة من 3 - 5 نوفمبر المقبل.
وشهدت الأيام الأخيرة اتصالات وتربيطات مكثفة بهدف الحصول على عضوية أمانة المحافظات، حيث يدور الصراع بين الأمناء الحاليين وأغلبهم من الموالين لكمال الشاذلي، وأمناء جدد منتمين وتابعين لأمين التنظيم بالحزب والرجل القوى حاليا (أحمد عز) وهناك تكهنات بأن تكون هناك نسبة تغيير تتراوح بين 40 و50% من الأمناء الحاليين، خصوصا أن عددا من الأمناء الحاليين سارعوا بإعلان موالاتهم وتأييدهم للرجل الحديدي في الحزب الحاكم (أحمد عز)، وأعلنوا تأييدهم له. على جانب آخر تكاد تكون أجندة المؤتمر العام التاسع للحزب الوطني الحاكم والذي يعد الأخطر في تاريخ الحزب قد انتهت، خصوصا أن الفترة المقبلة وقبل انعقاد مؤتمر الحزب ستشهد تقييما شاملا لاستعراض نتائج هذا التقييم خلال انشطة المؤتمر المقبل للحزب، وستشمل أعمال التقييم السياسات والبرامج والأداء، وما تم تنفيذه من البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك، كما ستشمل أعمال التقييم المناصب والمواقع القيادية في الحزب وسبل إعادة تقويمها في الفترة المقبلة.
التغيير والإصلاح في مسيرة الحزب الوطني الحاكم والتي يصفها بعض المراقبين بأنها بمنزلة عملية إحياء وتجديد لشباب وخلايا الحزب لن تتم في يوم وليلة كما أنها ليست سهلة أو سلسة، فهناك تراكمات داخل أداء منظومة الحزب على مدار الـ 30 عاما الماضية، ومن الصعب بمكان تغييرها وتجديدها في يوم وليلة من دون آليات وسياسات واضحة ومحسوبة ومدروسة بدقة وإمعان. على جانب آخر فإن الأجندة المقترحة بصورة مبدئية للمناقشة خلال أعمال الحزب تتضمن مناقشة الموضوعات التي سيتناولها البرلمان ويناقشها في دورته البرلمانية المقبلة ومنها إقرار باقي منظومة القوانين المكملة للدستور، وإلغاء قانون الطوارئ واستبداله بقانون مكافحة الإرهاب والذي تم الانتهاء من 28 مادة منه ومن المعتقد أن يصل عدد هذه المواد لنحو 40 مادة، إضافة لمشروع قانون التأمين الصحي، والعاملين المدنيين في الدولة، وقانون موحد للكهرباء. كما سيناقش المؤتمر مستقبل القاهرة 2050، وما تم طرحه في العام الماضي حول البرنامج النووي المصري وسبل استخدامه في الوسائل والأهداف السلمية، بعد إطلاقه للبحث والدراسة العام الماضي والوقوف على نتائج هذه الدراسات لاتخاذ قرار بشأنه، خصوصا بعد تكهنات قوية بالتراجع عنه لعدم جدواه واعتراض بعض الدول عليه.
أما أخطر الأحداث خلال المؤتمر العام المقبل للحزب فستكون تلك المتعلقة بأخطاء أعضاء المكتب السياسي للحزب، وإلغاء الأمانة العامة حيث ينتظر الجميع الأسماء التي سيتم اختيارها لعضوية المكتب السياسي للحزب خلال المؤتمر المقبل، والذي سيشهد تتويج الرئيس مبارك لفترة ولاية جديدة في رئاسة الحزب لمدة 5 سنوات، بعد جدل لمدة شهرين.
ومن الواضح والمؤكد أن انتخاب الرئيس مبارك لرئاسة الحزب ستتم بالتزكية، وعبر ترشيح وتزكية من 20% من أعضاء المؤتمر العام للحزب وطرح الاختيار للتصويت، وهو الأمر الذي لا يوجد خلاف بشأنه.
على جانب آخر وفي محاولة منها للحاق بقطار التجديد والإصلاح الدائر منذ 5 سنوات في الحزب الوطني الحاكم، تحاول بعض أحزاب المعارضة الكبيرة والرئيسية مواكبة مسيرة الحزب الحاكم، ويتبنى هذه المحاولة حزبان هما الوفد والناصري، إضافة لجماعة الإخوان المسلمين، والتي تعتقد أنها المنافس القوي والمهدد للحزب الحاكم حيث يروج أعضاء الجماعة أنهم البديل المناسب لخلافة الحزب إضافة لكون عددهم يتجاوز الملايين الستة في حين لا تتجاوز أرقام العضوية داخل الحزب الحاكم 2.3 مليون عضو.
أما أحزاب المعارضة الكبرى والرئيسية في مصر، فتحاول اليوم وبعد 30 عاما أيضا البحث عن خارطة طريق، وعن مكان لها في خضم الحياة السياسية المصرية، فحزب الوفد الليبرالي يقود تيارا للحوار مع الأحزاب الأخرى خصوصا الأحزاب الليبرالية، وهناك تيار مناوئ لحزب الوفد وهو حزب الجبهة الديموقراطية والذي يكاد ان يكون قد قام بخلافة حزب الغد ووراثته بعد سجن مؤسسه الوفدي الأصل أيمن نور. وفي المقابل تحاول الأحزاب الناصرية تجميع نفسها عبر تشكيل كيان ناصري بتجميع الأحزاب والتيارات الناصرية والحوار فيما بينها للوصول لصيغة ورؤى معينة من المواقف المختلفة، وتوحيد الخلافات فيما بينها والاتفاق على نقاط معينة في القضايا الخلافية، وهناك تيار آخر للمستقلين هو صاحب الصوت الأعلى والوجود الأقوى، ولكنه من دون غطاء حزبي، وإن كان أغلبه من خوارج ومطاريد الأحزاب، وتسعى هذه الأحزاب للتحاور، تمهيدا لاستئناف الحوار مع الحزب الوطني الحاكم في الفترة المقبلة، بعد انتهاء مؤتمر الحزب الحاكم، في محاولة لمناقشة عدد من القضايا المهمة بعد فشل الحوار بين الطرفين العام الماضي حول التعديلات الدستورية.
صفحات شؤون مصرية في ملف ( pdf )