أعطى الجيش المصري إشارة إلى أن التغيير الحقيقي آت مشيعا الطمأنينة في أوساط الحركة الشعبية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك لكنه ترك أسئلة كثيرة بلا إجابة.
ومن شأن اي مؤشر على حنث الجيش بوعود الديموقراطية والحكم المدني أن يشعل الاحتجاجات الحاشدة في الشوارع من جديد.
ورحب نشطاء من دعاة الديموقراطية بقرار الجيش الاحد الماضي تعطيل العمل بالدستور وحل البرلمان وطرح اي تعديلات دستورية في استفتاء شعبي.
لكن التشكك لايزال قائما بشأن مدى النفوذ الذي سيحاول الجيش ممارسته في إعادة تشكيل النظام، ولم يتضح بعد كم الحرية الذي سيسمح به الجيش في الفترة الانتقالية التي يقول إنها قد تستمر لستة أشهر.
وربما تكون دعوة وجهها المحتجون للقيام بمسيرة مليونية يوم الجمعة المقبل احتفالا بنصرة ثورة الشباب 25 يناير تذكرة مبكرة للجيش بقوة الشعب التي أطاحت بمبارك.
وقالت روزماري هوليس استاذة دراسات سياسات الشرق الأوسط بجامعة سيتي في لندن «السؤالان الكبيران الآن هما من سيكون أعضاء لجنة إعادة صياغة الدستور وهل هناك اي ضمانات بتنفيذ ما سيتوصلون اليه؟».
وأضافت: «المتظاهرون وكل المؤيديــــن لحدوث تغييــــر كبير بحاجة الى اكبر كم ممكن من المؤشرات على أن أصواتهم سمعت وستظهر في التغيــــيرات الآتية».
وقالت إن البنية التحتية العسكرية السياسية يمكن أن «تسير بشكل آلي» إلى حين إجراء التغييرات الدستورية والانتخابات.
وأضافت «ويكمن الخطر في أنها حين تسير بشكل آلي فلن تكون هناك ضمانات بشأن حرية الفرد والأمن».
غير أن البيان الذي أصدره الجيش اول من امس أثلج صدور دعاة الديموقراطية الذين خشوا أن يعرقل الجيش إجراء تغييرات كبيرة بعد رحيل مبارك.
وقال ايمن نور الذي نافس الرئيس حسني مبارك في انتخابات عام 2005 والتي سجن بعدها بقليل: إن هذا انتصار للثورة وعبر عن اعتقاده أن هذا سيرضي المحتجين.
وتابع أن بيان الجيش يرضي الشارع المصري خاصة الجزء المتعلق بحل مجلسي الشعب والشورى.
وقال نور إنه يجب إقامة حوار مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بشأن صياغة وثيقة دستورية مؤقتة لإدارة شؤون البلاد في الفترة الانتقالية.
ويريد الجيش عودة الحياة في مصر الى طبيعتها بسرعة فأعاد تأكيد سيطرته على ميدان التحرير بوسط القاهرة.
بدوره، قال حسن ابوطالب المحلل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن الجيش بدأ يستخدم «الشرعية الثورية» كأساس لتحركاته.
وأضاف أن التزام الجيش بأن تكون هناك حكومة مدنية وبرلمان ينتخبان بحرية وإفساح المجال للأحزاب السياسية مؤشر جيد.
لكن مازال هناك الكثير من الأمور التي يكتنفها الغموض.
لكن هل سيسعى الجيش المصري الى لعب دور كدور الجيش التركي الذي مارس نفوذا سياسيا على مدى عقود بوصفه الضامن للجمهورية العلمانية؟
يقول ابو طالب إن هناك الكثير من المناطق الرمادية لكن الواضح أن هذه القرارات تفتح الباب لوضع نظام جديد كليا.
وسيكون اي انتقال للديموقراطية محفوفا بالصعاب وقد لا يكون التخلص من الأساليب القديمة سهلا في دولة دأب فيها الحزب الحاكم على تزوير الانتخابات.
ومعظم الأحزاب المسجلة القائمة صغيرة وضعيفة ومتشرذمة. وربما تكون جماعة الاخوان المسلمين التي لا تستطيع إنشاء حزب الآن في ظل تعطيل الدستور هي الافضل من حيث التنظيم لكن شعبيتها الحقيقية لم تختبر بعد.
من جهته، قال هشام قاسم الناشر والناشط المصري بمجال حقوق الانسان إنه جرت العادة على أن تفوز العائلات الأقوى بالانتخابات.
وأضاف «هذه الأسر نفسها ستفوز مجددا بوجوه جديدة، لكن ترى من خلال أي جماعة سياسية؟». وخاض مرشحون من عائلات كبرى الانتخابات اما كمرشحين من الحزب الوطني الديموقراطي الذي كان يحكم مصر او كمستقلين متحالفين معه. ويقول قاسم إن الحزب الوطني انهار برحيل مبارك ولن يترشح أحد من خلاله.