يتواصل الكشف عن الساعات الأخيرة قبل تنحي حسني مبارك في وقت تفيد تقارير بأن صحة الأخير تتدهور ويرفض تناول الدواء، فقد أفادت صحيفة ديلي تليغراف أمس بأن مبارك مريض جدا وأغمي عليه مرة واحدة على الأقل في الفيلا التي يقيم فيها بمنتجع بشرم الشيخ وفقا لمصادر قريبة من الوفد المرافق له.
وقالت الصحيفة إن مبارك نفى من قبل أن يكون تلقى علاجا من السرطان لكن سكانا محليين في شرم الشيخ تم ابلاغهم من قبل حراسه أنه يحتاج للمساعدة على المشي ويعتقدون أنه مريض جدا ويعاني من السرطان.
واضافت أن هذه الاقتراحات أيدتها مصادر مطلعة كانت على اتصال مع مستشاري مبارك الذين يعتقد أن العديد منهم موجودون معه حاليا في شرم الشيخ.
وقالت الصحيفة إن مبارك يقيم في فيلا بمنتجع شرم الشيخ يملكها حسين سالم أحد أبرز رجال الأعمال في مصر والمقرب من الدائرة الداخلية للرئيس السابق.
من جهتها أعدت صحيفة الاهرام شبه الرسمية تقريرا مطولا سردت خلاله الآلية التي تعامل معها نظام الحكم السابق مع الثورة منذ انطلاقها في 25 يناير حتى لحظة خروج الرئيس.
وكشفت الصحيفة: «وصل إلى الرئيس حسني مبارك قبل الثلاثاء 25 يناير من اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية السابق تقرير يقلل من قيمة المظاهرة وقدرتها وأنهم مجرد شوية عيال يمكن احتواؤهم.. الموقف تحت السيطرة.. ولن توجد ثمة مشكلة.
15 وزيراً
وأشارت الصحيفة الى انه مساء الاثنين رفع أحد الوزراء سماعة تلفونه الخاص الواصل إلى رئاسة الجمهورية، واقترح أن يعلن الرئيس تعديلا وزاريا يشمل15 وزيرا على الأقل، وقال بالنص «15 واحدا منا يلبسوا الجلاليب ويقعدوا في البيت، ونحل المشكلة.. كان الرد: بعد ربع ساعة سنرد عليك.. جاء الرد: سيبوا الموضوع لحبيب العادلي.
وافردت يد حبيب العادلي في التعامل مع مظاهرات 25 يناير سياسيا وإعلاميا، فقد أرسل خطابا إلى اتحاد الإذاعة والتلفزيون فيه تعليمات صارمة وأوامر مباشرة بالكيفية التي تجري بها تغطية الأحداث، ولم يكن يجرؤ أحد على معارضته، بحسب الصحيفة.
وحدث ما حدث يوم 25 يناير، ونجحت المظاهرات لكن حبيب العادلي برر للرئيس مبارك المفاجأة بأن جماعة الإخوان حشدت شبابها بتعليمات من الخارج رصدت الداخلية بعضها على أجهزة الموبايل. وتقول الصحيفة: «وهذا هو سر قطع الاتصالات المحمولة لمدة يومين والرسائل لمدة تسعة أيام. وهذا النجاح أغضب حبيب العادلي، فتعامل مع جمعة الغضب كما لو أن المظاهرات تحد شخصي له».
ولم يستوعب العادلي ما حدث.. فوقع العنف المفرط والقتل ضد شباب أعزل، وفي عصر يوم الجمعة وفي ظل العنف الذي كانت تمارسه قواته ضد المتظاهرين أرسل حبيب العادلي بيانا إلى أسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون لإذاعته فورا على الهواء، لكن المسؤولين لم يقدروا على إذاعته فقد وجدوه مستفزا جدا للناس، فمرروا البيان إلى القصر الجمهوري.
مبارك يوبخ العادلي
بعد دقائق من وصول البيان إلى رئاسة الجمهورية، رن تلفون حبيب العادلي الخاص، وراح مبارك يعنفه ويوبخه. وأغلق المكالمة وهو يقول له: خلاص حنزل الجيش يساعدك وحيتفاهم مع الناس أكثر منك.
وكان بجوار العادلي عدد من ضباطه ومعاونيه الكبار، ثم أعطى أوامر بإخلاء الأماكن أمام قوات الجيش. الجيش نزل امشوا انتم. مع الإخلاء تحركت مجموعات اقتحام السجون السبعة مستعملة أسلوبا واحدا: نيران كثيفة، بلدوزرات لهدم الأسوار، طلقات آر.بي.جي، وفتحت الزنازين بمرزبات قوية.
ثم انتقلت إدارة الأزمة مع الثورة الشعبية من الداخلية إلى رئاسة الجمهورية بالتحديد مع أربعة أشخاص: الرئيس مبارك وعمر سليمان وزكريا عزمي وجمال مبارك وتتابعها عن كثب وتشارك أحيانا سوزان مبارك، وكان جمال مبارك الأعلى صوتا وكفة.
وتشير الصحيفة إلى ان بيان الرئيس الأول خرج وهو يتصور أنه يطمئن الناس على الأحوال، وكان تقدير الموقف خاطئا للغاية، فقرر تعديل الوزارة وتعيين نائب للرئيس، لكن بعد أن تجاوزت حركة الثورة الشعبية هذا النوع من القرارات الترميمية بمسافة واسعة. وحسب الصحيفة فقد كان البيان الثاني هو الأقرب إلى وجدان الناس، بعد دغدغة الخطاب مشاعرهم، لأنه تحدث عن الموت على أرض الوطن، ولاح في الأفق قبول المصريين فكرة بقاء الرئيس في السلطة. لكن على نفس الجانب من السلطة فكر أصحاب المصالح الذين استحلبوا مصر ونهبوها في استغلال الموقف الطارئ الجديد وظنوا أنهم باستطاعتهم أن يقلبوا الموازين، ووقعت فضيحة معركة الجمل الشهيرة، حيث تؤكد الصحيفة المصرية أنها رفعت سقف مطالب الثورة، بعد أن نزعت التعاطف الذي أحدثه بيان الرئيس . وأضافت «وصل القرار إلى التنحي.. وكان سيعلن مساء الخميس 10 فبراير، لكن جمال أقنع والده بمحاولة أخيرة، وهي الخروج على الناس بحزمة إجراءات إصلاحية جيدة، مع نقل الصلاحيات إلى نائب الرئيس عمر سليمان.. وبقي السؤال: ماذا يقول الرئيس في البيان؟ اقترح بعض المقربين من الرئيس أن يكون البيان ناعما وعاطفيا، لكن كان لجمال مبارك رأي آخر،، أدخله على البيان، فخرج بالشكل الذي أشعل حريقا مرعبا من الغضب في الصدور والعقول، وفشلت المحاولة، وجاءت لحظة النهاية وقرار تكليف القوات المسلحة بعمل الرئيس».