في وقت استنفرت ليبيا قواتها لاحتجاجات «يوم الغضب» الذي دعت إليه المعارضة الليبية أمس، أسفرت مواجهات مدينة البيضاء التي اندلعت أمس الأول عن مقتل أربعة أشخاص على الأقل في مواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين ضد نظام الزعيم الليبي معمر القذافي بحسب مواقع للمعارضة على الانترنت ومنظمات غير حكومية ليبية مقرها في الخارج.
وأفادت تقارير إعلامية أمس الأول بأن ما لا يقل عن 38 شخصا أصيبوا عندما اشتبكت الشرطة مع المئات من المتظاهرين الثلاثاء في مدينة بنغازي الليبية الواقعة على بعد حوالي 600 كلم شرق العاصمة طرابلس.
وقال المنظمون على شبكة التواصل الاجتماعي الفيسبوك إن الاحتجاجات التي نظمت في عموم البلاد أمس تعيد للأذهان المظاهرات التي شهدتها البلاد في نفس اليوم من عام 2006. حيث تحول الغضب ضد نشر صحيفة دانماركية صور كاريكاتورية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى مظاهرة مناوئة للحكومة أسفرت عن مقتل عدد من المحتجين.
وكانت السلطات الليبية حذرت أنها لن تتسامح مع أي اضطرابات عامة. ووصفت صحيفة «قورينا» التي يملكها سيف الإسلام نجل القذافي المحتجين في بنغازي بأنهم «مخربون».
من جهتها، قالت منظمة «ليبيا ووتش» المدافعة عن حقوق الإنسان ومقرها في لندن ان «قوات الامن الداخلي ومسلحي اللجان الثورية فرقوا تظاهرة سلمية للشبان في مدينة البيضاء مستخدمين الرصاص الحي» ما ادى الى «مقتل اربعة اشخاص على الاقل واصابة آخرين».
واشارت مواقع معارضة اخرى بينها موقع «ليبيا اليوم» ومقره في لندن الى سقوط اربعة قتلى من المتظاهرين بالرصاص الحي.
ونقلت منظمة «هيومن رايت سوليداريتي» ومقرها في جنيف عن شهود قولهم ان قناصة متمركزين على السطوح قتلوا 13 متظاهرا واصابوا عشرات اخرين بجروح.
واظهرت تسجيلات فيديو نشرت على الانترنت عشرات الشبان الليبيين المتجمعين ليلا في مدينة البيضاء وهم يرددون «الشعب يريد اسقاط النظام» في الوقت الذي اشتعلت فيه النيران داخل مبنى قيل انه للجان الشعبية بينما خلت الشوارع من عناصر الشرطة.
وبدأت هذه التجمعات المعادية للسلطة وهي نادرة في ليبيا بتأثير من حركة الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالأنظمة في تونس ومصر. ودعا الاتحاد الاوروبي ولندن ومنظمة العفو الدولية الى تفادي اللجوء الى القوة في الوقت الذي طلبت فيه واشنطن من طرابلس «اتخاذ اجراءات محددة تستجيب لتطلعات شعبها وحاجاته وآماله. ليبيا تندرج من دون ادنى شك في هذه الخانة».
من جهة أخرى، قالت صحيفة قورينا الليبية إن أهالي قتلى 17 فبراير 2006 الذين استشهدوا أمام القنصلية الإيطالية ببنغازي يتبرأون من أي شخص يود المتاجرة بدماء شهدائهم، وأصدر أهالي الشهداء بيانا استنكروا فيه أي عمل أو تحرك بأي شكل يمس بأمن ليبيا واستقرارها وطبيعة عملها السياسي.
ونقلت الصحيفة عن أهالي الشهداء قولهم: «نعتبر أن دماء أبنائنا بريئة من كل من يحاول أن يستخدمها لأجندته وأغراضه الشخصية، خاصة فيما يتعلق بالأمن والاستقرار الوطني، في إشارة منهم إلى عدد من المتظاهرين الذين خرجوا يوم الثلاثاء في مدينة بنغازي واستخدموا فيها عبارة «الشهداء».
وكان الزعيم الليبي معمر القذافي استقبل أسر الشهداء الذين استشهد أبناؤهم خلال مظاهرة التنديد والاستنكار للتصريحات المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم والتي أطلقها ضد الإسلام والمسلمين الوزير الإيطالي اليميني بلا وزارة «روبرتو كالديرولي»، العضو في حزب الرابطة الشمالية المعادية لقدوم المهاجرين إلى إيطاليا.
وحضر أسر هؤلاء الشهداء تظاهرة التحدي الإسلامي الكبرى بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف يوم الأحد الماضي بمدينة طرابلس، وألقوا خلالها كلمة أمام القائد الليبي معمر القذافي.