وسط معلومات عن خروج مظاهرات ووقوع مصادمات عنيفة بين المعارضين للنظام وقوات الأمن، حذر رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني أمس من أن على حكومات المنطقة أن تعلم أن التصدي بوحشية للشعب يجعل الجماهير أشد إصرارا على مطالبها داعيا إياها لاستخلاص العبر من ثورتي تونس ومصر متهما الولايات المتحدة بالوقوف وراء المجازر الحاصلة في ليبيا والبحرين.
ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن لاريجاني قوله في الجلسة العلنية للمجلس إن الثورات الشعبية في المنطقة أخيرا تحمل ثقافة الجهاد وتسعى لإحياء هويتها الإسلامية معتبرا أن «المواجهة العسكرية والوحشية مع هذه الشعوب كما حصل أخيرا في بعض دول المنطقة تجعل الجماهير أشد إصرارا على مطالبها».
واتهم الولايات المتحدة «ذات السياسة المزدوجة» بإصدار أوامرها لحكام هذه الدول بالتعامل بعنف مع شعوبهم «خلافا لما تتشدق به من الدعوة إلى الديموقراطية» داعيا الحكومات المذكورة للنأي بنفسها عن تخبط السياسة الأميركية و«ألا تجعل نفسها جزءا من نفقات صيانة القواعد الأميركية».
في غضون ذلك، وتزامنا مع معلومات عن وقوع صدامات عنيفة بين المتظاهرين المعارضين وقوات الأمن الإيرانية في مظاهرات «فك الحصار» عن زعيمي المعارضة مهدي كروبي ومير حسين موسوي، أعلنت طهران أمس اعتقال فايزة هاشمي ابنة الرئيس الإيراني السابق أكبر هاشمي رفسنجاني في وسط طهران بينما كانت «تطلق شعارات تحريضية» لدفع الناس إلى التظاهر في جادة ولي العصر.
كما ذكرت وكالة فارس من جهتها أن ابنة رفسنجاني «كانت تدير مجموعة من مناهضي الثورة والمشاغبين» عندما اعتقلت.
من جانبها، تحدثت مواقع المعارضة الإيرانية على الانترنت عن سقوط أكثر من قتيل وعدة جرحى في المواجهات العنيفة وأن «الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع وبدأت مطاردات بين الشرطة والمتظاهرين في ساحة ولي العصر» في طهران.
وذكر موقع «سهمنيوز.اورغ» التابع لكروبي أن متظاهرين تجمعوا كذلك في ساحات أخرى في طهران وفي بعض الشوارع وهم يهتفون «الله أكبر». وتحدث الموقع كذلك عن تجمعات في مدينة أصفهان وسط البلاد ومدينة شيراز الجنوبية.
بدورها ذكرت وكالة فارس للأنباء أن الوضع هادئ في مدينة مشهد (شمال شرق) التي تعد ثاني أكبر المدن الإيرانية.
وقالت الوكالة إن «الهدوء» يسود طهران مع انتشار قوات الأمن «بأعداد كبيرة».
وأضافت الوكالة أن «الشرطة تسيطر على الوضع، ويسود الأمن في المدينة مع عدم ورود تقارير عن وقوع أي حوادث». ومنعت وسائل الإعلام الأجنبية من تغطية تجمعات المعارضة.
وأكد قائد شرطة المرور في طهران حسين رحيمي لوكالة الأنباء «ارنا» أن قوات الشرطة تنتشر في العاصمة.
وقال رحيمي إن «حركة المرور كثيفة في بعض الطرق نظرا لتواجد الشرطة والقوات الخاصة» إلا انه أضاف انه لم يتم إغلاق أي منطقة من طهران ولم تفرض أي قيود على حركة السير.
وذكر شهود عيان وموقع «كلمة.كوم» أن رجالا على دراجات نارية شوهدوا في مناطق من العاصمة «في عرض للقوة.. لإرهاب الناس ومحاولة منعهم من التجمع بأعداد كبيرة».
وأكد موقع «راهيسابز.نت» انه تم قطع شبكات الهواتف النقالة في وسط طهران، فيما «تباطأت» سرعة الانترنت «بشكل كبير».
من ناحية أخرى قال موقع «سهمنيوز.اورغ» أن كروبي أكد استعداده لمواجهة محاكمة علنية وقال انه لايزال يصر على الدفاع عن حقوق الشعب، وذلك في رسالة رفعها إلى رئيس القضاء الإيراني آية الله صادق لاريجاني.
ونشرت الرسالة على الموقع نظرا لان كروبي لا يستطيع تقديمها شخصيا إلى لاريجاني بسبب «خضوعه للإقامة الجبرية»، بحسب الموقع. وجاء في الرسالة «اطلب منكم عقد محاكمة علنية بالسرعة الممكنة وعبر القنوات القانونية.. لسماع التهم والدفاع»، بحسب الموقع.
وطلب كروبي أن تكون المحاكمة «عادلة وعلنية حتى يعرف الناس الحقيقة»، مؤكدا على أن «إصراره على الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب لا يتزعزع».
من جانبه، دعا الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد إلى تعديل النظام العالمي السائد «الجائر» فيما نقل عن وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلله اعتباره ان الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لا يلبيان متطلبات الشعوب داعيا لإجراء تغييرات فيهما.
ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن نجاد قوله خلال لقائه فسترفيلله في طهران أمس الأول إن النظام العالمي السائد لا يمكنه الاستمرار ولا توجد آفاق تبشر بتحسن الظروف العالمية في ظله مضيفا ان «العالم بحاجة إلى نظام جديد ويمكن أن يكون لإيران وألمانيا تعاون جيد في هذا المجال».
وأشار نجاد الى وجود مجالات وظروف ملائمة للتعاون المشترك بين بلاده وألمانيا قائلا إن «احترام استقلال الشعوب والتعاون المبني على أساس الاحترام والعدالة هي مبادئ رئيسية ويمكن لإيران وألمانيا أن تقيما تعاونا مشتركا على هذا الأساس».
من جهته أشار وزير الخارجية الألماني إلى العلاقات العريقة التي تربط بين الشعبين الإيراني والألماني مؤكدا ان بلاده تريد وضع آليات لتعزيز العلاقات الثنائية والتعاون المشترك مع طهران حيال القضايا الدولية.
لقاء نجاد فسترفيلله جاء على هامش زيارة الاخير لايران التي أفرجت أمس الأول عن صحافيين ألمانيين اعتقلتهما لـ 4 اشهر وغادرا عائدين الى بلادهما ليلا بصحبة وزير الخارجية الألماني الذي قصد الجمهورية الاسلامية خصيصا لاصطحابهما. وخلال زيارته القصيرة التي استمرت بضع ساعات، وهي الأولى لوزير اوروبي الى ايران منذ سنوات عديدة، التقى فسترفيلله الرئيس محمود احمدي نجاد كما اجرى مباحثات مع نظيره الايراني علي اكبر صالحي.