-
المجلس العسكري يجدد تعهده بترك السلطة بعد 6 أشهر
عواصم ـ أحمد صبري والوكالات
أكدت مصادر مطلعة لـ «الأنباء» أن مكتب الإرشاد لجماعة الاخوان اتخذ قرارا بالبدء في الإعداد لإنشاء حزب سياسي للجماعة تحت اسم «الحرية والعدالة»، وسوف يعلن عن هيئة المؤسسين خلال الأيام القليلة القادمة، وعند الانتهاء من الإعداد سوف يبدأ اتخاذ الإجراءات القانونية المنظمة لذلك. الى ذلك، واصل د. أحمد شفيق رئيس الوزراء مشاوراته امس لتشكيل حكومته الجديدة، التي يطلق عليها حكومة «شبه ائتلافية»، حيث التقى امس د.فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي والمرشحة ـ كما اكدت مصادر صحافية لـ «الأنباء» ـ لتولي وزارة الخارجية والتعاون الدولي معا.
وكان الفقيه الدستوري المصري د.يحيى الجمل قال إنه قبل تولي منصب نائب رئيس مجلس الوزراء، في حكومة تصريف الأعمال المصرية الجديدة التي يتولى رئاستها الفريق أحمد شفيق والمقرر الإعلان عنها قريبا من أجل أن تجتاز مصر المرحلة الصعبة التي تمر بها.
شخصيات معارضة ومستقلة
وأوضح الجمل لقناة «دريم» المصرية الخاصة اول من امس أن التشكيل الوزاري الجديد سيجمع شخصيات معارضة ومستقلة، لكي يثبت الاتجاه إلى الديموقراطية والعدالة الاجتماعية التي يطلبها الشعب كما ستطرأ على التشكيل تغييرات منها إلغاء وزارة الإعلام.
وأعلن الجمل عن اختيار منير فخري عبد النور القيادي بحزب الوفد وزيرا للسياحة وجودة عبد الخالق القيادي بحزب التجمع وزيرا للتضامن الاجتماعي، ومحمد الصاوي وزيرا للثقافة، وجورجيت قليني وزيرة للمصريين بالخارج، وأحمد جمال الدين وزيرا للتعليم والتعليم العالي، وعمرو عزت سلامة وزيرا للبحث العلمي، وهاني سري الدين وزيرا للتجارة، وأحمد صالح وزيرا للبترول، وعمرو حمزاوي وزيرا للشباب، لكن حمزاوي نفى في اتصال مع العربية قبوله منصب وزير الشباب معتبرا أنه مقتنع بدوره في خدمة بلاده من خلال موقعه الحالي كأستاذ للعلوم السياسية.
وأكد الجمل أن التشكيل الجديد سيبقي على ممدوح مرعي وزيرا للعدل واللواء محمود وجدي وزيرا للداخلية.
سلاح أو ذخيرة
في غضون ذلك، دعا المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم كل من يعثر على سلاح أو ذخيرة للقيام بتسليمها، مؤكدا أنه لن تتم محاسبته. كما ذكر التلفزيون المصري أمس، دون ذكر المزيد من التفاصيل.
وكان المجلس العسكري جدد، خلال لقائه اول من امس نحو 40 مفكرا وأديبا، من مختلف الاتجاهات والتيارات الفكرية، تأكيده أنه لا يطمع في السلطة. وبحسب «المصري اليوم» فإن المجلس الأعلى للقوات المسلحة حرص، خلال اجتماعه مع الأدباء والمفكرين، على توصيل رسالة أنه لا يطمع في سلطة، ويعمل جاهدا من أجل إنهاء فترة الـ 6 الأشهر التي يدير فيها البلاد.
في سياق متصل، تم أمس الإفراج عن 55 معتقلا، اعتقلوا خلال أحداث ثورة 25 يناير. وقال مصدر عسكري لـ «المصري اليوم»: «إن مكتب تلقى الشكاوى، الخاص بالمفقودين، يحقق الآن مع 23 آخرين تمهيدا للإفراج عنهم»، مؤكدا أن المجلس طلب من وزارة الداخلية أسماء المعتقلين خلال المظاهرات الأخيرة والمعتقلين السياسيين من أجل إخلاء سبيلهم، وسيتم الإفراج عن عدد منهم خلال الفترة المقبلة.
مرحلة الصياغة النهائية
إلى ذلك، أعلن المستشار طارق البشري، رئيس لجنة تعديل الدستور، دخول مواد الدستور موضع التعديل، والمواد المكملة لها، وتعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية، وقانوني مجلسي الشعب والشورى، مرحلة الصياغة النهائية.
وأكد البشري، في تصريحات أمس، عقب اجتماع اللجنة، الإبقاء على الأبواب الأربعة الأولى من الدستور، التي تتضمن أحكاما عامة، مشيرا إلى حرص اللجنة على أن تتضمن التعديلات مراكز اتخاذ القرار السياسي في البلاد، ممثلة في سلطات رئيس الجمهورية، ومجلسي الشعب والشورى.
مظاهرة مليونية اليوم
من جانبه، أصدر ائتلاف شباب الثورة بيانا، أمس، دعا فيه إلى مظاهرة مليونية اليوم، تبدأ في ميدان التحرير، وتتجه نحو مجلس الوزراء والاعتصام أمامه لإجبار حكومة أحمد شفيق على الاستقالة.
في سياق آخر، أصدر رئيس الوزراء المصري أحمد شفيق قرارا أمس بتكليف المحافظين بإطلاق أسماء «شهداء» ثورة 25 يناير على الشوارع التي كانوا يقيمون فيها.
ووفقا لتقديرات وزارة الصحة المصرية فان عدد الوفيات في ثورة 25 يناير بلغ 365 لا تشمل رجال الشرطة أو المساجين.
في غضون ذلك، أعلنت نقابة الأطباء المصريين أن لجنة الإغاثة الإنسانية بالنقابة بدأت في صرف الاعتمادات المالية للتعويضات العينية التي قررتها لأسر قتلى ثورة 25 يناير بواقع 3000 جنيه لكل قتيل.
وقال عبدالقادر حجازي أمين عام لجنة الإغاثة الإنسانية في تصريح للصحافيين أمس إن أموال التبرعات التي تقدمها اللجنة هي من تبرعات المواطنين وليست من ميزانية النقابة.
المعاش الاستثنائي
من جانبه، أوضح المدير العام مصطفى الزغبي أن اللجنة صرفت أدوية وخيوطا جراحية وشرائح ومسامير لمستشفيات الهلال الأحمر والمنيرة وباب الشعرية لعلاج المصابين في الأحداث.
وكان وزير المالية في حكومة تسيير الأعمال المصرية سمير رضوان قال الأسبوع الماضي إن حكومته عازمة على تخصيص معاش استثنائي لأسر «شهداء» ثورة 25 يناير بقيمة 1500 جنيه شهريا.
وقال رضوان إن وزارة الصحة تقوم حاليا بالتنسيق مع وزارة الداخلية لإعداد قائمة بأسماء «شهداء» الثورة تمهيدا للاتصال بأسرهم وصرف المعاش الاستثنائي.
مخاوف في مصر من سيناريو «الثورة المضادة»
في سياق متصل وبعد نحو عشرة ايام على نجاح «ثورة 25 يناير» بدأ الكثير من المفكرين والاعلاميين وايضا الشبان الذين اطلقوا شرارة هذه الثورة يحذرون من سيناريو «ثورة مضادة» يدللون عليه خصوصا بالابقاء على حكومة تضم العديد من رموز النظام السابق.
ومن هؤلاء الصحافي محمد حسنين هيكل الذي حذر في حديث تلفزيوني مساء السبت الماضي من محاولة النظام القديم الانقضاض على هذه الثورة بـ «توجيهات من شرم الشيخ» حيث يقيم الرئيس السابق عبر الاستعانة بـ «عناصر خارجية واقليمية» وايضا محاولة بعض القوى الاستيلاء على الثورة وخاصة جماعة الاخوان المسلمين.
ويقول الصحافي والمحلل جمال فهمي ان «هذا المخطط بدأ مبكرا وكانت بدايته في جريمة موقعة الجمل في ميدان التحرير التي استخدمت فيها الاساليب المعهودة من جلب البلطجية والمأجورين بتمويل من رجال الاعمال المستفيدين منه».
ويشير فهمي بـ «موقعة الجمل» الى الهجوم الذي شنه انصار لمبارك في 2 الجاري على المتظاهرين في ميدان التحرير، وامتطى المهاجمون حينها الجمال والجياد وضربوا المتظاهرين المطالبين بتنحي مبارك.
واضاف «اعقبت ذلك ثورة المطالب الفئوية التي اصبح من شبه المؤكد ان الذين يحركونها عناصر تابعة للنظام السابق وخصوصا في اتحادات العمال الحكومية التي تبوأت مواقعها من خلال سطوة الاجهزة الامنية وخاصة جهاز مباحث امن الدولة».
من جانبه، قال نبيل عبد الفتاح الباحث في مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية «هناك محاولة حقيقية للانقلاب على الثورة من خلال الاكتفاء بما تحقق ثم محاولة استرداد ما فقد».
واشار الى ان ذلك يتضح من «اصرار رئيس الوزراء احمد شفيق وهو من رموز النظام السابق وصديق لمبارك على الاكتفاء بتعديلات وزارية جزئية بدلا من تغيير الحكومة كلها»، اضافة الى «عدم مطالبة حكومة شفيق بتجميد ممتلكات آل مبارك».
وكان شفيق قال ردا على سؤال في هذا الشأن ان «المجلس الاعلى للقوات المسلحة هو المسؤول» عن اتخاذ قرار بشأن هذه الممتلكات.
كما اشار الى «الاصرار على تعديل بعض بنود الدستور الحالي الذي اصبح جثة هامدة بعد سقوط النظام».
ويعطي الدستور الحالي سلطات شبه مطلقة لرئيس الجمهورية.
واعتبر ان النظام يستعين في هذا المخطط بالاخوان المسلمين، مشيرا الى ان الدليل على ذلك ان «لجنة تعديل الدستور لا تضم سوى عنصر من الاخوان دون باقي القوى السياسية والاحزاب والعناصر المستقلة» في اشارة الى صبحي صالح النائب السابق عن جماعة الاخوان المسلمين في الاسكندرية.
كما ان رئيس اللجنة المستشار طارق البشري المعروف انه ذو توجهات فكرية اسلامية.
واكد عبدالفتاح ان «هناك صفقة سياسية غامضة بين الاخوان وبين بقايا النظام القديم».
واضاف «الاخوان يحاولون الاستيلاء على الثورة وقد اتضح ذلك من استدعاء الشيخ يوسف القرضاوي ليؤم المصلين في ميدان التحرير» بالقاهرة الذي غص بأكثر من مليون شخص في جمعة «الانتصار والاستمرار».
وكانت هذه هي المرة الاولى التي يلقي فيها القرضاوي، الذي يقيم في قطر ويحمل جنسيتها، خطبة الجمعة في مصر منذ 30 عاما.
وتابع ان «بعض قيادات الاخوان سيطروا على الميدان ومنعوا شخصيات قبطية وشبابية من الكلام على المنصة ومن بينهم وائل غنيم» المدون الشهير الذي منعه حراس القرضاوي من اعتلاء المنصة لالقاء كلمة في الحشود، فما كان منه الا ان غادر المكان وقد غطى وجهه بعلم مصر.
ويؤيد الباحث في مركز الاهرام للدراسات السياسية عماد جاد هذا الرأي معتبرا ان «الاخوان هم الاداة الرئيسة» للثورة المضادة.
وقال جاد ان «مشهد القرضاوي وهو يخطب في الميدان يشبه مشهد استقبال الامام الخميني»، وهذا معناه ان «النظام يريد ان يوجه رسالة الى الخارج تقول: اما نحن او الاخوان».
وتساءل عن دور الجيش في ذلك و«اصراره على نقل السلطات خلال ستة اشهر فقط» وهي فترة غير كافية لترتيب الاوضاع وتنفيذ مطالب الثورة. واعتبر ان هناك «مخططا جهنميا لانصار النظام السابق حتى لو كان الثمن حرق البلد». وفي هذا الاطار، حذر المعارض البارز محمد البرادعي في تصريح لصحيفة «ملييت» التركية من تنظيم انتخابات مبكرة، وقال ان حزب مبارك الذي تنحى تحت ضغط الشارع «يعتزم العمل على عودته تحت شعار جديد. هؤلاء الناس يملكون اصلا كل شيء: المال ووسائل الاعلام. والذهاب سريعا الى الانتخابات يعني السماح للنظام السابق بالعودة مجددا الى الساحة بوجه جديد».