مع تواصل أعمال التظاهر والاحتجاجات، التي تطالب قادة كثير من الدول العربية بإقرار رزمة من الإصلاحات، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، أضحى للجيش في تلك الدول دور لا يمكن لأحد أن يغفله، سواء في قمع أو منح المتظاهرين فرصة للتعبير عن آرائهم.
وفي تقرير تحت عنوان «عندما تتحكم الجيوش في مصير الانتفاضات الشعبية»، أبرزت صحيفة نيويورك تايمز الدور البارز الذي تلعبه الجيوش في المنطقة العربية، سيما بعد تطور الأحداث الأخير الذي شهدته بلدان عدة، مع انتشار حمى الديموقراطية من تونس إلى مصر، ثم إلى البحرين واليمن وليبيا وعمان ودول أخرى.
وقالت إن قيادة الجيش في مصر خلصت إلى النتيجة نفسها التي خلص إليها الجيش في كوريا الجنوبية في ثمانينيات القرن الماضي، وكذلك اندونيسيا في تسعينيات القرن المنصرم: وهي أن زعيم البلاد قد تغير فجأة من ثمة شيء ثمين إلى مسؤولية.
وقد طلب الجيش المصري، على خلفية الأحداث الأخيرة، انتقالا من شأنه أن يسمح له بالاحتفاظ بالسلطة وفي الوقت عينه يسمح لواشنطن بإقرار إصلاحات تدريجية وموضوعية. لكن هذا لم يباغت البيت الأبيض، الذي بدأ العام الماضي، بناء على طلب من أوباما، النظر في ضعف هذه الأنظمة، وبدأ أخيرا في دراسة ما يضمن نجاح الانتقال إلى الديموقراطية.
وفي تصريحات أدلى بها للصحيفة، قال مايكل ماكفول، أحد كبار مساعدي الأمن القومي في البيت الأبيض إن «هناك العديد من العوامل المختلفة المتداخلة في الحالات التي نظرنا إليها، مثل الأزمات الاقتصادية، والحكام السلطويين المتقدمين في السن، والتحولات المتفاوض عليها بين النخب».
وقال مسؤولون أميركيون، بالإشارة إلى محادثات متوترة كانوا قد أجروها مع نظرائهم المصريين، إنهم عرفوا أن أيام مبارك في الحكم باتت معدودة، بعد مرور ثمانية أيام من بدء الأزمة، عندما أعلن الجيش بوضوح أنه لن يطلق النار على المواطنين، ماعدا في بعض الحالات القصوى.
ثم انتقلت الصحيفة لتؤكد أن الجزء الأصعب قد حان وقته الآن، وهو المتعلق بالتزام الجيش بوعوده الخاصة بالسماح لحكومة مدنية أن تزدهر. وهو ما يعني أن الجيش لابد أن يتخلى عن احتكاره للسلطة، وهو ما لا يكون سهلا على أي قائد نظام، خصوصا إن كان منغمسا بشكل كبير في اقتصاد بلده ـ وهي السمة التي يشترك فيها الجيش المصري مع جيش التحرير الشعبي في الصين.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، وفقا للصحيفة، هو: هل الجيش المصري قادر على إدارة مرحلة انتقالية نحو الديموقراطية، كما سبق أن فعلت الجيوش في كوريا الجنوبية، واندونيسيا، والفلبين، وتشيلي؟