تضاءلت فرص الزعيم الليبي معمر القــــذافي في الخروج من المأزق الــــذي وضع نفســـه فيه، حيث لم يعد أمامه ســــوى الانتحار أو القتل أو الاختــفاء من المشهد الليبي، خاصة أن مجلس الأمن الدولي أصدر بالإجماع قرارا بإحالة النظام إلى المحكمة الجنائية الدولية لاتهامه بارتكاب جرائم ضد الانسانية ومنع القذافي وأسرته من السفر وعشرة من أقرب مساعديه وتجميد أرصدتهم.
فبعد بعد 12 يوما من انتفاضة 17 فبراير لا يبدو أن الزعيم الليبي معمر القذافي مستعد للخضوع لمطالبها، متمسكا بالقلة القليلة التي تحيط به في مخبئه في العاصمة طرابلس او ما يسيطر عليه منها.
وفيما تعرض نظام الزعيم الليبي لصفعة دولية بإقرار مجلس الامن بالإجماع فرض عقوبات شديدة عليه، اعلن الثوار المطالبون بإسقاطه إنهم شكلوا مجلسا وطنيا في المناطق الشرقية التي يسيطرون عليها، مؤكدين انه ليس حكومة مؤقتة ولكن وصفوه بأنه واجهة للثورة.
وأضاف متحدث باسم المجلس الجديد أنه لا مجال لأي مفاوضات مع حكومة القذافي.
ووصف المعارضون للقذافي في مؤتمر صحافي ببنغازي عقب اجتماع لمناقشة تشكيل المجلس الحكومة المؤقتة التي أعلنها وزير العدل السابق بأنها «وجهة نظره الشخصية».
وقال المعارضون انهم لا يريدون اي تدخل اجنبي في البلاد مؤكدين إنهم لم يجروا اتصالات مع حكومات أجنبية، وذلك تعليقا على اعلان وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ان الولايات المتحدة تتواصل مع المحتجين في الشرق، مؤكدة ان بلادها مستعدة لتقديم أي دعم لليبيا.
دوليا، أصدر مجلس الأمن الدولي، فجر أمس، قرارا بالإجماع لفرض عقوبات على النظام الليبي منها حظر على سفر الزعيم الليبي معمر القذافي وأعضاء عائلته والمقربين منه، وتجميد أرصدتهم، على خلفية «حملة قمع دموية» تصدت بها الحكومة الليبية لثورة 17 فبراير.
كما قرر المجلس تكليف المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في الجرائم المرتكبة في ليبيا وفرض حظر على تزويد الدولة بالأسلحة، إضافة إلى تقييد تحركات بعض رموز النظام بفرض حظر السفر عليهم، وتجميد جميع الأموال والأصول المالية والموارد الاقتصادية التي تمتلكها هذه الشخصيات وعدد من الكيانات الأخرى.
وشملت قائمة حظر السفر وتجميد الأرصدة والأصول المالية والموارد الاقتصادية الزعيم الليبي معمر القذافي وأبناءه عائشة وهنيبعل، وخميس، ومحمد، وسيف العرب، وسيف الإسلام، إضافة إلى رئيس مكتب الاتصال باللجان الثورية د.عبدالقادر محمد البغدادي، ووزير الدفاع اللواء جابر أبو بكر يونس، وعددا آخر من القيادات الأمنية في نظام القذافي، وفق ما أوردت المنظمة الأممية.
ويطالب القرار الدولي رقم 1970 بالوقف الفوري للعنف، ويدعو إلى اتخاذ خطوات لمعالجة المطالب المشروعة للشعب، كما يحث السلطات الليبية على ضبط النفس واحترام قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدوليين، وضمان الممر الآمن للإمدادات الإنسانية والطبية، والوكالات الإنسانية والموظفين الإنسانيين إلى ليبيا.من جهتها، قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس، إن المجتمع الدولي قال كلمته وإن على القذافي أن يتنحى، مضيفة: «هذا تحذير واضح بأن على الحكومة الليبية وقف أعمال القتل».
وبدوره، أعرب إبراهيم الدباشي، نائب الممثل الدائم لليبيا لدى الأمم المتحدة المنشق، عن سعادته لقرار مجلس الأمن الدولي لإحالة الجرائم التي ارتكبها النظام إلى المحكمة الدولية.ودعا الدباشي الجيش الليبي للانشقاق عن النظام قائلا: «أرجو من جميع الضباط الآخرين أن يتخذوا نفس القرار الذي اتخذه (أحمد قذاف الدم) حتى لا يكونوا في يوم من الأيام أمام محكمة الجنايات الدولية».
على الأرض، ذكرت واشنطن تايمز أن القذافي وزع السلاح على المدنيين الموالين له ونصب نقاط التفتيش الأمنية وبعث بمركبات الجنود المدرعة لترويع سكان العاصمة، طرابلس، في محاولة لإحكام السيطرة على المعقل القوي المتبقي للقذافي وسحق المنشقين فيما يستمر المتمردون في محاولة بسط سيطرتهم على مناطق أخرى.ونشر سكان ضاحية «تاجوراء» الكتل الخرسانية وقطع الصخور وحتى جذوع أشجار النخيل التي جرى قطعها في الشوارع كعوائق لمنع دخول عربات الدفع الرباعي المحملة بالشبان الصغار المسلحين بالأسلحة الأوتوماتيكية من دخول المنطقة.ويعمل مسلحون يرتدون شارات خضراء على التدقيق في هويات من دخلوا الضاحية التي كتب على جدرانها شعارات مضادة للنظام منها «القذافي أنت يهودي» و«السقوط للكلب».
وقال احد سكان طرابلس في اتصال هاتفي اجرته معه فرانس برس «ارسلت السلطات خلال الليل رسالتين قصيرتين عبر الهاتف الى سكان طرابلس تدعوهم للتوجه الى المصرف لتلقي 500 دينار (نحو 406 دولارات)».
واضاف «قالوا ان نجلب معنا اخراج قيد عائلي. يحاولون شراء الناس»، مشيرا الى ان الاتصال بشبكة الانترنت مازال مبلبلا. وقال ان الدبابات منتشرة على طول الشوارع المؤدية الى طرابلس وتسيطر على كل منافذ العاصمة.
وكان سيف الاسلام نجل القذافي الذي لطالما اعتبر خلفا مرجحا له، تحدث أمس الاول للعربية قائلا ان «ثلاثة ارباع البلاد تعيش في حالة ممتازة».
لكنه اقر بضرورة اجراء اصلاحات وقال انه كان يدعو اليها قبل وقوع الاحداث، معتبرا ان المستفيدين من الاضطرابات هم «الموجودون في اوروبا واميركا والخليج» في اشارة الى المعارضين الليبيين في الخارج بشكل خاص.
من جانبه أعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما ان القذافي «فقد الشرعية للحكم وعليه ان يرحل الآن».
وشن أعنف هجوم على القذافي قائلا: خلال محادثة هاتفية مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل: «عندما يكون الخيار الوحيد لزعيم للبقاء في السلطة استخدام العنف الجماعي ضد شعبه، فقد خسر شرعية الحكم ويتوجب عليه القيام بما هو صحيح من أجل بلده وذلك بالرحيل الآن».
ووسط الفوضى المخيمة، تواصلت عمليات اجلاء الرعايا الاجانب في ظروف صعبة وقد غادر عشرات الآلاف ليبيا برا وبحرا وعبر الحدود التونسية والمصرية.واعلنت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة الاحد ان «نحو مائة ألف شخص» معظمهم عمال مهاجرون من المصريين والتونسيين بصورة خاصة فروا من ليبيا الى الدول المجاورة خلال هذا الاسبوع هربا من اعمال العنف الجارية في هذا البلد.وكان الهلال الاحمر اعلن في وقت سابق عن «ازمة انسانية» وطلب المساعدة من الخارج معلنا لجوء اكثر من عشرة آلاف شخص غالبيتهم من المصريين من ليبيا الى تونس من خلال معبر راس الجدير. من جهة أخرى، رفع المتظاهرون المطالبون بإسقاط القذافي العلم الليبي القديم في الساحة الرئيسية لمدينة الزاوية أمس على ما أفاد مراسل «رويترز» في البلدة الواقعة على بعد نحو 50 كيلومترا غربي العاصمة طرابلس.
وقالت الوكالة ان العلم الليبي لفترة ما قبل القذافي بألوانه الأحمر والأخضر والأسود يرفرف فوق مبنى بوسط البلدة ويردد مئات الأشخاص «هذه ثورتنا».
أبرز نقاط العقوبات الدولية على ليبيا
فيما يلي ابرز النقاط الواردة في القرار الذي تبناه مجلس الأمن الدولي أمس الأول بالإجماع بشأن ليبيا:
-
ـ التعبير عن القلق البالغ حيال الوضع في ليبيا وإدانة العنف واللجوء إلى القوة ضد المدنيين.
-
ـ التعبير عن القلق البالغ حيال مقتل مدنيين ورفض، بشكل لا لبس فيه، التحريض على الكراهية والعنف ضد المدنيين الذي يمارس من أعلى المستويات في الحكومة الليبية.
-
ـ اعتبار ان الهجمات الواسعة والممنهجة التي حصلت في ليبيا ضد المدنيين يمكن ان ترقى إلى تصنيف الجرائم ضد الإنسانية.
-
ـ المطالبة بالإنهاء الفوري للعنف والمطالبة بتدابير للاستجابة للتطلعات المشروعة للسكان.
دعوة السلطات الليبية إلى:
-
أولا: التصرف بأكبر قدر من ضبط النفس.
-
ثانيا: ضمان امن جميع الأجانب.
-
ثالثا: توفير العبور الآمن لكل المؤن الإنسانية والطبية.
-
رابعا: الرفع الفوري لكل القيود المفروضة على وسائل الإعلام بأشكالها كافة.
الإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية:
-
ـ قرار بإحالة الوضع في ليبيا منذ 15 فبراير 2011 إلى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية.
-
ـ منع التزود المباشر أو غير المباشر، بيع أو نقل الأسلحة أو المواد المتصلة بها من الأنواع كافة.
-
ـ القرار بأن كل الدول الأعضاء ستتخذ التدابير اللازمة لمنع دخول أو عبور الأشخاص المعنيين على أراضيها.
-
ـ القرار بأن كل الدول الأعضاء ستجمد من دون تأخير كل الأصول والموجودات المالية الأخرى والموارد الاقتصادية الموجودة على أراضيها والمملوكة أو المدارة مباشرة أو غير مباشرة من جانب الأشخاص المعنيين.
واقرأ ايضاً:
مدى فعالية العقوبات المالية الأميركية على ليبيا.. وكوارث تكشف لأول مرة عن العقيد: هدم ضريح المختار وطعن في الشريعة
جدل فقهي بشأن مشروعية ثورات العرب
سيناريوهات نهاية القذافي: الانتحار.. القتل.. الاختفاء.. وأقاربه يؤكدون أنه سيقاتل حتى الموت ولن يغادر إلا جثة هامدة
«العقيد» ارتدى جلباباً مقطوعاً في خطابه الثاني.. وممرضته الخاصة تهرب إلى أوكرانيا
بعد تامر وحليمة.. لقطات حميمية تجمع مريم نور والقذافي.. ودريد لحام: "العقيد" زارني في منزلي ولكنه ديكتاتور
حكايات الفارين الآسيويين من ليبيا مفزعة.. و«سكاي نيوز»: جنود ليبيون أحرقوا زملاءهم الرافضين لقتال المتظاهرين أحياء
تربل المحامي الذي أشعل شرارة الانتفاضة
حفيد عمر المختار يؤيد الثورة.. والأمير المنفي محمد السنوسي: القذافي يجب أن يرحل