كانت الأمور تسير على ما يرام بالنسبة للجمهوريين في الولايات المتحدة قبل وقت غير بعيد وذلك عندما انتصروا على الديموقراطيين في انتخابات الكونغرس الماضية عندما وصلت شعبية الرئيس الأميركي باراك أوباما لأدنى مستوى لها وبدا الديموقراطيون وكأنهم قاب قوسين أو أدنى من الفوز في السباق نحو البيت الأبيض في انتخابات عام 2012.
لكن يبدو أن عجلة الجمهوريين تعثرت بعض الشيء الآن في ظل عدم إقدام أي من السياسيين الجمهوريين الذين يمكن أخذهم على محمل الجد على منازلة أوباما، بمن فيهم سارة بالين نفسها في هذه المنافسة المقبلة.
ويبحث الجمهوريون بشكل دؤوب عن مرشح لم تحرق أوراقه يصلح للفوز على أوباما.
ولكن المشكلة تكمن في أن أوباما يعتبر في أميركا مناضلا يحظى بتعاطف الناخبين ويعتبر في الوقت ذاته عبقريا في جمع التبرعات لحملته الانتخابية.
في مثل هذا الوقت قبل أربع سنوات أعلن ثمانية من الجمهوريين رغبتهم في الترشح عن الحزب في انتخابات الرئاسة لمنافسة مرشح الديموقراطيين، أوباما.
لكن هذه المرة لم يتقدم من الجمهوريين سوى نيوت جيجريتش (67 عاما) وهو الشخصية التجميلية الوحيدة «للثورة الجمهورية» في تسعينيات القرن الماضي، والذي اتخذ أول خطوة مترددة وأعلن على الأقل أنه يعتزم «دراسة فرصه بشكل عملي».
وحذر مارك ماكينون، المستشار السابق للرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش، مؤخرا الجمهوريين من التسرع في الإعلان عن مرشحهم قائلا: على الجمهوريين أن يتريثوا للعثور على وجه جديد من أجل هزيمة أوباما.
ورأى ماكينون ضرورة أن يتمتع المرشح القادم للجمهوريين بالصفات التالية: الإثارة وألا يكون تقليديا وألا تكون عليه مآخذ كبيرة.
وهنا تكمن المشكلة، ألا وهي أنه لم تلح في الأفق بعد أمام الجمهوريين شخصية تتمتع بالجاذبية وحسن السمعة والقوة بحيث تستطيع منافسة «صائد الناخبين»، أوباما. ولم تسلم الشخصيات التي يتم تداولها خلف الكواليس لمنافسة أوباما من المآخذ التي من بينها أنها خسرت في منافسات ماضية.
من بين هؤلاء مايك هاكابي (55 عاما) ذلك الواعظ المسيحي والحاكم السابق لولاية أركنسون والذي يتمتع حسب آخر الاستطلاعات بأفضل الفرص والذي خسر في الانتخابات التمهيدية بين الجمهوريين عام 2008 في السباق نحو البيت الأبيض.
كما أن هاكابي يعتبر في أوساط الناخبين المستقلين شديد التدين، يضاف إلى ذلك أنه لا يبدو وكأنه يميل لفرض نفسه على الجمهوريين حيث قال مؤخرا: لست من الذين يرون أن العالم سيزول إذا لم يترشحوا لشغل منصب الرئيس، وهذا ليس من خصال أصحاب الإصرار الذين يريدون الفوز بأي ثمن.
ومن بين المرشحين المحتملين لمنافسة أوباما ميت رومني (63 عاما) وهو الحاكم السابق لولاية ماسيتيوتس والذي خسر هو الآخر في الانتخابات التمهيدية عام 2008 والتي كلفته هزيمة حزبه في انتخابات الكونغرس الماضية.
ويعتبر نجم سارة بالين (47 عاما) آخذا في الأفول بعد أن أصبحت أيقونة «حركة حفل الشاي» الأصولية. فرغم أن هذه الحركة لاتزال تمثل الورقة الرابحة للجمهوريين إلا أن بالين تعتبر أصولية مما ينفر منها ناخبي الوسط.
وترشحت بالين في انتخابات عام 2008 لمنصب نائب الرئيس، وتزعم الألسنة الحادة بأنها كانت آنذاك من المسؤولين عن هزيمة جون ماكين أمام أوباما.
ورغم ذلك فإن هاكابي ورومني وبالين وجينجريتش يعتبرون حسب استطلاعات الرأي «الأكثر فرصا» للترشح رغم أن هذه الاستطلاعات لا تسمن من جوع هذه الأيام.
أما المرشحون الجدد المحتملون فيعدون من ذوي الآراء المستقلة داخل الحزب الجمهوري ومن بينهم تيم بولينتي، الحاكم السابق لولاية مينيسوتا وميتش دانيلس، حاكم ولاية إنديانا، أو هالي باربور، حاكم ولاية ميسيسبي. لكن هذه الشخصيات التي تعد ذات نهج خاص داخل الحزب تتردد في مواجهة أوباما. ويواجه جميع المرشحين مشكلة ألا وهي تدني شعبية الجمهوريين في أعقاب فوزهم في انتخابات الكونغرس. وتشهد شعبية أوباما تزايدا منذ هزيمته في نوفمبر الماضي.
وتتمثل استراتيجية أوباما في الظهور على أنه مرن ومستعد للتعاون مع الجمهوريين وفي عدم الإقدام على إصلاحات جذرية.