في ظل ما تشهده مملكة البحرين الشقيقة من «تصعيدات أمنية مست أمن البلاد وعرضت حياة المواطنين للخطر»، أصدر العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى مرسوما أعلن بموجبه حالة السلامة الوطنية (الطوارئ) في جميع أنحاء مملكة البحرين اعتبارا من أمس ولمدة 3 أشهر.
بموازاة ذلك أدانت وزارة الخارجية البحرينية تصريحات عدد من المسؤولين الإيرانيين انتقدوا فيها وصول قوات «درع الجزيرة» إلى المنامة أمس الأول، وأعلنت الخارجية البحرينية استدعاء سفيرها في طهران بصفة فورية للتشاور، معتبرة ان الموقف الإيراني تدخل «سافر» بالشأن الداخلي للبلاد وقرارها السيادي بدخول قوات درع الجزيرة. وفي خطوة قد تزيد من التوتر استدعت طهران أمس السفير السعودي والسفيرة السويسرية والقائم بالأعمال البحريني لتقديم احتجاج رسمي على إرسال القوات الخليجية الى المنامة.
من جانب آخر أعلنت الداخلية البحرينية ان احد أفرادها استشهد بعد ان تم دهسه عمدا من قبل احد مثيري الشغب، بينما أعلنت مصادر طبية ان متظاهرا قتل وأصيب نحو 002 شخص في المواجهات. على صعيد متصل قال النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ جابر المبارك ان القوات التي تدخل البحرين هي قوات «درع الجزيرة» وهي جاهزة لمساعدة الدول الأعضاء في حفظ الأمن. يأتي ذلك، في حين وصلت طلائع القوات الكويتية إلى البحرين لدعم ومساندة قوة دفاع البحرين في حفظ الأمن والنظام بالمملكة.
فرض حال الطوارئ
وفي التفاصيل فقد اصدر عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى، غداة وصول قوات درع الجزيرة إلى البحرين، المرسوم الملكي رقم 18 باعلان حالة «السلامة الوطنية» أي «الطوارئ» وذلك في جميع انحاء مملكة البحرين اعتبارا من امس ولمدة 3 أشهر، وذلك في ظل ما تشهده البلاد حاليا من تصعيدات امنية مست امن البلاد وعرضت حياة المواطنين للخطر. وقالت وكالة الانباء البحرينية ان المرسوم الملكي كلف القائد العام لقوة الدفاع باتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ هذا المرسوم. وأضافت ان المرسوم صدر «نظرا للظروف التي تمر بها مملكة البحرين والتي جرت فيها تصعيدات امنية مست امن البلاد وعرضت حياة المواطنين للخطر واضرت بمصالحهم وارزاقهم وتعدت على ممتلكاتهم وطالت مؤسسات الدولة» ولفتت الى ان هذه التدابير ستنفذ «من قبل قوة دفاع البحرين وقوات الامن العام والحرس الوطني واية قوات اخرى اذا اقتضت الضرورة ذلك».
من جهة أخرى، اعلنت وزارة الداخلية البحرينية على صفحتها في موقع تويتر ان احد افراد القوى الامنية قتل امس بعد ان دهس «عمدا» بسيارة احد المحتجين.
فيما قال نائب معارض ان بحرينيا قتل في اشتباكات مع الشرطة بمنطقة سترة وان عددا آخر اصيب.
وزارة الصحة تستنكر
من جانبها، استنكرت وزارة الصحة البحرينية الاعتداء الذي تعرض له عدد من طواقمها الصحية أمس الاول أثناء قيامهم بواجبهم المهني في إسعاف بعض المصابين وكذلك تعرض بعض سيارات الإسعاف التابعة لها لتحطيم بعض نوافذها.
ونقلت وكالة أنباء البحرين عن الوزارة تأكيدها أن الاعتداء على كوادرها مرفوض رفضا باتا وليس له ما يبرره ويتعارض مع جميع القوانين والأنظمة المعمول بها محليا ودوليا وغريب عن عاداتنا وتقاليدنا.
وأضافت أن وزارة الصحة تستنكر ما تعرض له كوادرها الصحية من اعتداء فإنها تؤكد للجميع أن جميع منتسبيها من أطباء وممرضين ومسعفين صحيين وغيرهم من العاملين الصحيين يقومون بتأدية عملهم بمهنية ودون تمييز وتتمنى من الجميع تمكينهم من تأدية عملهم دون عوائق فضلا عن التعرض لهم أو منعهم من القيام بتأدية عملهم مما قد يلحق ضررا جسيما بمن يحتاج لرعايتهم ومساعدتهم..وأهابت الوزارة بجميع وسائل الإعلام تحري الدقة قبل نشر أو إذاعة ما يسيء للخدمات الصحية وللمملكة والتعرض للعاملين الصحيين والإساءة لهم بما يفقد ثقة المترددين على الخدمات الصحية.
في غضون ذلك، أكد رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني في تصريحات لقناة الجزيرة أمس ان دخول قوات خيليجية الى البحرين تم وفقا للمعاهدات الامنية الخليجية مؤكدا ان المعارضة البحرينية «هي جزء من الشعب البحريني» ودعاها للحوار وترك الاعتصام.
وقال الشيخ حمد «ان المعارضة البحرينية جزء من الشعب البحريني وهم يعزون علينا مثل باقي شعب البحرين».
وحول وصف المعارضة للتدخل الخليجي بأنه «احتلال»، قال الشيخ حمد «هناك معاهدات خليجية ودرع الجزيرة واتفاقات امنية خليجية واضحة فيها التزامات واضحة».
ودعا رئيس الوزراء القطري المعارضة البحرينية للدخول في حوار جاد يحـــل مشاكل البحرين. وقال «انا انصح الاخوة المحتجين بان ينسحبوا من اماكنهم، وهذه دعوة صادقة، ويبدأوا حوارا جادا من قبل الحكومة ومن قبلهم للوصول الى النتائج المرجوة في البحرين».
على صعيد آخر، قال السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون ان الامم المتحدة على اتصال مع جميع الاطراف في البحرين سواء كانت حكومية او من احزاب المعارضة الرئيسية.
وذكر بيان صادر عن المكتب الصحافي للسكرتير العام للامم المتحدة الليلة الماضية ان بان كي مون يعتقد بشدة انه يتعين على الاطراف المعنية في البحرين تبني كافة السبل السلمية لضمان الوحدة الوطنية والثبات والاستقرار ولايجاد تسوية للازمة السياسية التي تمر بها البحرين.
وجاء في البيان ان بان كي مون اكد مجددا دعوته لكافة الاطراف المعنية في البحرين الى سرعة محاولة التوصل الى ارضية مشتركة تقوم على اساس قاعدة عريضة من الحوار موضحا ضرورة قيام جيران البحرين الاقليميين والمجتمع الدولي بدعم مخطط الحوار وتوفير بيئة مثمرة لاحداث اصلاحات ذات مصداقية في البحرين.
وفي واشنطن، قال مسؤول كبير بادارة الرئيس الأميركي باراك اوباما ان السعودية أبلغت الولايات المتحدة بشأن دخول قوات سعودية إلى البحرين قبيل تحرك القوات لكن المملكة لم تتشاور معها بشأن هذه الخطوة.
وأبلغ المسؤول الصحافيين في باريس «تم ابلاغنا قبيل (تحرك القوات) لكنهم لم يتشاوروا معنا».
كما أعلن متحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية أمس الأول ان الوزارة لم تبلغ بنشر قوات سعودية «او من مجلس التعاون الخليجي في البحرين».
وقال الكولونيل ديفيد لابان في بيان «لا وزير الدفـــاع روبرت غيتس ولا رئيس اركان الجيوش الاميركية الاميرال مايك مولن كانا علــــى علم بان السعوديين او قوات اخرى من مجلس التعاون الخليجي ستنتشر في البحرين».
واشار الپنتاغون الى ان تدخل قوات مجلس التعاون الخليجي تقرر بعد مغادرة وزير الدفاع الاميركي للمنامة قبل ايام وعلى ضـــوء تدهور الوضع.
ايران ترفض التدخل الخليجي وتحذر من «غضب الشعب البحريني» ..والمنامة تستدعي سفيرها في طهران
في سياق متصل اتهمت المنامة ايران بالتدخل في شؤونها وتهديد أمن المنطقة وقررت استدعاء سفيرها في طهران للتشاور.
ونقلت وكالة أنباء البحرين الرسمية (بنا) عن حمد العامر وكيل وزارة الخارجية للشؤون الإقليمية ومجلس التعاون إدانته لتصريح وزير خارجية إيران علي أكبر صالحي الذي قال فيه ان إيران لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه «تدخل السعودية في البحرين».
وأضاف ان البحرين تدين بشدة هذا التصريح «الذي يعد تدخلا في شؤونها الداخلية وترفضه رفضا باتا وقاطعا باعتباره تهديدا لأمن المنطقة وإخلالا بالسلم والأمن الدوليين».
وقال العامر ان ما جاء في التصريح الإيراني «يعد تدخلا سافرا في الشأن الداخلي البحريني ومن دولة يفترض انها ترتبط مع المملكة بعلاقات حسن الجوار وهذا ما تتبعه دائما البحرين في علاقاتها مع إيران».
وأشار إلى أن المنامة على اتصال مع الأمم المتحدة والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن ومجلس التعاون لدول الخليج العربية والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي حول هذا «التدخل الإيراني السافر».
وأضاف ان التصريح الإيراني يتعارض ولا يتماشى مع أبسط مبادئ حسن الجوار التي تنتهجها البحرين مع إيران ومع مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي التي تحث جميعها على احترام واستقلال وسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
وأكد العامر أن دخول قوات درع الجزيرة مملكة البحرين يأتي انطلاقا من وحدة المصير المشترك وترابط أمن دول مجلس التعاون على ضوء المسؤولية الجماعية المشتركة للمحافظة على الأمن والاستقرار في المنطقة، وإن أمن دول مجلس التعاون كل لا يتجزأ بمقتضى اتفاقيات التعاون الدفاعية والامنية المشتركة بين الدول الاعضاء في مجلس التعاون.
وكان المتحدث باسم الخارجية الايرانية أعلن أمس ان دخول قوات تابعة لدول مجلس التعاون الخليجي الى البحرين «غير مقبول» ولن يؤدي الا الى «جعل المسألة اكثر تعقيدا».
وقال رامين مهمانبرست خلال اللقاء الصحافي الاسبوعي ان «وجود قوات اجنبية غير مقبول وسيجعل المسألة اكثر تعقيدا وصعوبة».
واضاف المتحدث «لا نعتقد انه من الصائب ان تكون قوات من بلدان اخرى، خصوصا من بلدان الخليج، موجودة او ان تتدخل في قضية البحرين».
الى ذلك لفتت وكالة الانباء الايرانية الرسمية (ايرنا) الى ان وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي طلب من الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي اكمل الدين احسان أوغلو «استخدام كل امكانات المنظمة لمنع اللجوء الى العنف» في البحرين.
من جهته، أكد رئيس مجلس الشورى الإسلامي علي لاريجاني أن إرسال قوات عسكرية من الولايات المتحدة وبعض دول المنطقة إلى البحرين سيجعلهم «يواجهون غضب الشعب البحريني وبالتأكيد سيعود ذلك عليهم بالضرر مستقبلا».
واعتبر لاريجاني في كلمة أمام الجلسة العلنية لمجلس الشورى الإسلامي أمس، أن زيارة وزير الدفاع الأميركي الى البحرين و«المواقف الضبابية للدول الأوروبية تكشف السلوك الحقيقي لأميركا والغرب».
وأشار في تصريحاته التي نقلتها وكالة أنباء «مهر» الإيرانية إلى ان الولايات المتحدة كانت «تزعم أنها من دعاة الديموقراطية الى ما قبل أسبوعين ولكن حاليا يمكن استكشاف ذروة القلق الذي تشعر به من الثورات الجارية في المنطقة من خلال خطاب وزير دفاعها».