تحدث الملك عبدالله الثاني في كتابه الذي صدر مؤخرا بعنوان «فرصتنا الأخيرة.. السعي نحو السلام في زمن الخطر»، عن جولاته الخفية من شمال الأردن الى جنوبه كاشفا الأسرار وخفايا تلك الزيارات التي أحدثت هلعا في صفوف المسؤولين ومديري الدوائر الحكومية.
وكشف الملك عبدالله بحسب صحيفة السوسنة الأردنية، انه قام في احدى الزيارات متخفيا الى دائرة حكومية تعمها الفوضى، ودخل الملك الى احد الأقسام وأخذ ملفات دون ان ينتبه له أحد مما يكشف درجة التسيب والانفلات في تلك الدائرة، مما اضطره الى كشف زيارته للوزير المعني الذي واجهه الملك بالسؤال عن التسيب في احدى دوائر وزارته، فاصطنع الوزير اجابة وقال للملك: سيدي التقارير التي تصلك قد تكون غير صحيحة، فواجهه الملك بالملفات مما أوقع الوزير في حرج شديد ولم يستطع الكلام. ويقول الملك في كتابه: «تجولت، مجهولا، في مكاتب الإدارات العامة والمرافق الحكومية على اختلافها، من أقصى الشمال إلى جنوب الجنوب، مستفيضا، سائلا، مستفسرا. برفقة حارس شخصي متخف وضعيف البنية، بهدف التضليل. زرت المستشفيات، والدوائر الضريبية، ومخافر الشرطة، وسواها العديد من دوائر الحكومة والإدارات العامة. أحيانا كان الناس يكتشفون زياراتي السرية، لكن في أكثر الأحيان كانت تبقى طي الكتمان. إذا تبين لي أن بعض المواطنين تساء معاملتهم كنت أثير المسألة مع الوزير المختص في عمان، وهكذا بدأت أعرف الحقيقة عندما كانوا يحجبون عني بعضها أو أحيانا الجزء الأكبر منها. زرت مرة إحدى الدوائر الضريبية فرأيت العجب، سجلات الناس والمؤسسات التجارية موضوعة في صناديق وموزعة على زوايا الغرفة هنا وهناك. إشباعا لفضولي، ولكي أعرف مدى الإهمال لمصالح الناس، اتجهت إلى أحد تلك الصناديق على الأرض وأخذت بيدي بضعة ملفات واتجهت بها نحو الباب. من يصدق أن أحدا لم يسألني ماذا أفعل وإلى أين كنت ذاهبا بتلك الملفات. حتى ان أيا من الموظفين لم ينتبه إلى ما حدث.
في اليوم التالي اتصلت بالوزارة المعنية وسألتهم لماذا يتعاملون بهذا الاستهتار السافر بشؤون المواطنين التي من المفترض أن تحتوي على معلومات سرية. قال لي أحد المسؤولين إنني زودت بمعلومات غير صحيحة، لكن حين سحبت الملفات التي كانت لاتزال بحوزتي شحب وجهه وأسقط في يده ولم يعد يفوه بكلمة. رأيت أن أعلن عن تلك الزيارة لسببين على الأقل، الأول أنه كان علي أن أعيد الملفات إلى حيث يجب أن تعاد، والثاني أنني أردت أن يفهم المعنيون جميعا أن دفع عملية التغيير والإصلاح هو مسألة جدية ولن أسمح بالتساهل فيها.