أشارت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية الى ما وصفته بسرعة وتيرة التغيير التي تجتاح العالم العربي، وقالت ان الثورات الشعبية العربية الملتهبة والساعية للحرية والديموقراطية قد فاجأت صناع القرار لدى الغرب والولايات المتحدة.
وكشفت الاضطرابات والثورات الشعبية بالشرق الاوسط عما أسمته الصحيفة السياسة الخارجية الاميركية الخجولة أمام القضايا العالمية والعربية، مقابل بروز واضح للدور الفرنسي والبريطاني، فلماذا تتردد واشنطن في اتخاذ القرارات يا ترى؟
ففي الشأن الليبي، قام الفرنسيون بحماس كبير بالتحشيد العالمي نحو استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يهدف لفرض حظر جوي فوق ليبيا، واتخاذ الاجراءات اللازمة لحماية المدنيين وكبح جماح العقيد معمر القذافي الذي استخدم المدافع والطائرات وراجمات الصاريخ ضد المدنيين من أبناء شعبه.
أما الرئيس الاميركي باراك أوباما وفريقه فقد تأخروا أسابيع قبل أن يتحركوا أخيرا لدعم قرار يصدر عن مجلس الأمن، مما وضع أوباما في دائرة السخرية وجعله يظهر بمظهر رئيس هيئة الأركان المتردد.
ويواجه الرئيس الاميركي انتقادات تتمثل في أنه ترك الفرصة لباريس لقيادة العالم، حيث يتصدر الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي دفة القيادة، وسط ادعاءات بعض مسؤولي الادارة الأميركية بأن الوضع في ليبيا حالة خاصة، حيث ان الولايات المتحدة ترى أن بلدانا مثل مصر والبحرين واليمن هي أكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية.
وتمضي الصحيفة في تحليلها الإخباري لتقول ان الولايات المتحدة تعاني من انتشار قواتها العسكرية على نطاق واسع بالعالم ومن الديون الحكومية الضخمة ومن ضعف التأييد الشعبي للحروب الخارجية، ولهذا فإن واشنطن تتطلع لأن يقوم شركاؤها الدوليون وحلفاؤها بالاضطلاع بالمسؤولية وبالحجم الاكبر من المسؤوليات ازاء ما يجري في ليبيا، حتى ان ظهرت أميركا بمظهر اللاعب لدور ثانوي مساند.
فالدور الاميركي بدا واضحا عندما حذر أوباما القذافي باتخاذ إجراء عسكري ضده، تقوده بريطانيا وفرنسا والدول العربية، وكان ذلك انذارا نهائيا، شكل اطار عمل صحيحا لما ينبغي للمجتمع الدولي فعله.
فالمجتمع الدولي ـ والقول لأوباما ـ ينبغي له العمل بشكل جماعي وعليه ان يتحمل مسؤولياته المشتركة، وبالتالي تحمل تكلفة تطبيق القانون الدولي بشكل مشترك.
أما فايننشال تايمز فترى انه قد يصعب على العالم رؤية الولايات المتحدة مترددة في سياساتها الخارجية، أو متحفظة بشأن مكان وتوقيت القرارات الدولية الواجب اتخاذها بشأن مقتضيات الاحداث على الساحة العالمية.