بيروت - عمر حبنجر
الاستحقاق الرئاسي في غرفة العناية الفرنسية والاميركية المركزة منذ امس الاول، واللقاءان اللذان عقدا بين العماد ميشال عون رئيس كتلة الاصلاح والتغيير وسعد الحريري رئيس كتلة المستقبل النيابية أول من امس، تقرر ان يكونا مفتوحين، بحسب بيان المكتب الاعلامي للحريري في بيروت «لمتابعة ما بدآه من حوار، تعزيزا للاستقرار والوحدة الوطنية» وعلى هذا الاساس عقد امس اجتماع ثالث.
وقال مصدر «عوني» في بيروت لـ «الأنباء»: سنرى ان هذه اللقاءات بين عون والحريري ستكون اكثر فائدة من لقاءات بري - الحريري. متوقعا توافق الرجلين على بعض الامور، لا على جوهرها.
المصدر العوني قال ان الحريري قد يطرح تسوية حول تركيبة الحكم ودور المسيحيين في العهد الجديد، مستبعدا ان تكون رئاسة عون للجمهورية ضمن طروحاته. لكن عون - والقول للمصدر القريب منه كثيرا - متمسك بترشيحه للرئاسة، ما دام لم يتم اقناعه بمرشح آخر يرضيه، وما دام لم يعط تطمينات تزيل الهواجس حول مستقبل المسيحيين في لبنان كالتوطين وقانون الانتخابات والتوازن الطائفي والوجود المسيحي في مؤسسات الدولة.
بيد ان المصدر يعتقد ان الحريري «محشور» بمواقف حليفيه وليد جنبلاط وسمير جعجع، اللذين يسعيان لتأزيم الامور بحسب اعتقاده، للوصول الى الانتخابات على أساس نصاب النصف + 1، الامر الذي لم تغطه واشنطن حتى الان، بحسب رأيه، ولو انها ستفعل، بتقديره.
لكن نواب اللقاء الديموقراطي بزعامة جنبلاط، اكدوا الثقة في مفاوضات الحريري سواء أكانت مع الرئيس نبيه بري بالامس ام مع العماد ميشال عون اليوم.
رفض التدخل الخارجي
ووصف المكتب الاعلامي للحريري الروح التي سادت اللقاءين بالعالية والمسؤولة، لاسيما ازاء الامور المتعلقة ببناء الدولة السيدة المستقلة والحرة والديموقراطية، وانجاز الاستحقاق الرئاسي وفق الدستور من دون أي تدخل خارجي، وقد تخطت المباحثات الكثير من سوء التفاهم الذي شاب المرحلة السابقة.
وكان الحريري وعون اجتمعا على مرحلتين، ووسط تكتم شديد، اخترقه العماد عون من خلال ادلائه بتصريح للتلفزيون الناطق باسم التيار الحر «otv».
اللقاء الاول عقد عصرا واستمر ثلاث ساعات وصفه العماد عون بالايجابي. وقال في تصريح تلفزيوني للـ «otv» ان اللقاءات ستستكمل مع الحريري حتى انجاز القضايا العالقة، واضاف ان هذه الاجتماعات لن تكون يتيمة، وليست مواعيد لرفع العتب، بل لحل مشكلة صعبة، والكل يبذل جهده للتوصل الى نتيجة، وهناك فترة من الوقت يجب أن نصل خلالها الى حل ايجابي. وليلا عقد اللقاء الثاني واستمر ساعتين، واتفق بنتيجته على لقاء ثالث عقد أمس.
أوساط تيار المستقبل قالت ان هدف هذا اللقاء توسيع قنوات الحوار مع جميع الاطراف وليس البحث عن صفقة حكومية - رئاسية مع العماد عون. واشارت الى ان اجتماعات باريس ستكون لها تتمتها اللاحقة، وان الحريري فور عودته الى بيروت سيستأنف اجتماعاته بالرئيس بري بعدما يكون الجانبان قد تلقيا نتائج مبادرة بكركي.
عضو كتلة الاصلاح والتغيير النائب نبيل نقولا، علق على لقاءات باريس بين العماد عون والنائب الحريري، بالقول: اعتقد ان هذه هي الحلقة الاخيرة من مسلسل الاستحقاق الرئاسي، لأن الوقت داهمنا، واعتقد انه لا مجال بعد اليوم للمناورة وتضييع الوقت.
واضاف: ان كل لقاء لبناني - لبناني لابد أن يفرز ايجابيات، ونكون متفائلين كثيرا اذا قلنا ان مثل هذا الاجتماع سيحل كل القضايا، لكن أعتقد انه سيؤسس لمرحلة جديدة مبنية على الحوار، وعلى الوفاق لاجتياز الاستحقاق الرئاسي دون تصادم أو مشاكل داخلية. ودعا نقولا الى انتظار نهاية هذه اللقاءات، لأننا ندرك اننا كلما وصلنا كلبنانيين الى نقطة اتفاق أتى احدهم من الخارج وعرقل الامور، مشيرا الى مجيء ديڤيد ولش (مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط) من واشنطن الى باريس ليلتقي النائب سعد الحريري قبل اجتماع الحريري بالعماد عون، وقال «لن يدعونا نرتاح، حتى لو ذهبنا الى القمر فسيلحقون بنا».
الاجتماعات في باريس أسلم
وفضّل النائب العوني نقولا متابعة الاجتماعات في باريس لأسباب أمنية ونفسية، لأن هناك ملفات أساسية «اذا لم نتفاهم عليها لا رئاسة الجمهورية ولا أي امر آخر يمكن ان يحلها، وحتى لو انتخب أي رئيس جمهورية اذا لم نتفق على الملفات العالقة، فسنقع بالمشكلة ذاتها، وعندنا الملف الفلسطيني وملف العلاقات اللبنانية - السورية، وملف سلاح حزب الله، ونريد ان نعرف ما اذا كان القرار 1559 يرسم التطبيق «وهل يا ترى حزب الله مقاومة أم ميليشيا؟».
أضاف: حتى الآن لم تقل الموالاة ان حزب الله مقاومة وليس ميليشيا، يضاف الى كل ذلك الملف الاقتصادي، واذا لم يكن هناك تفاهم بنسبة 70 أو 80% حول هذه الملفات فاعتقد ان لا رئيس جمهورية ولا حكومة تستطيع أن تحل مشاكلنا، المشكلة ليست برئيس الجمهورية وليست برئيس الوزراء، بل بكل هذه الامور مجتمعة.
يذكر ان محادثات فرنسية - أميركية واكبت ما يجري في باريس من لقاءات لبنانية.
بري باقٍ على تفاؤله
في بيروت بقي رئيس مجلس النواب نبيه بري على تفاؤله بانتخاب رئيس في المهلة الدستورية، واعلن انه ينتظر بفارغ الصبر رد البطريرك نصرالله صفير ليبني على الشيء مقتضاه.
في غضون ذلك، لاحظ حزب الله عبر اذاعة «المنار» ان اللقاء اللبناني في باريس رافقته لقاءات دولية وحض1ور فرنسي - اميركي غير مباشر، سبق خلوة عون - الحريري، حيث التقى الاخير مساعد وزيرة الخارجية الامريكية ديڤيد ولش، وبحث معه الجهود الدولية والعربية لإنجاز الاستحقاق الدستوري دون تدخل خارجي، فيما التقى النائب عون الموفد الفرنسي جان كلود كوسران، الذي التقى النائب الحريري ايضا.
وقالت مصادر تيار المستقبل في بيروت ان الاجواء المتوافرة توحي بأن التوافق سيحصل على رئيس جديد قبل نهاية المهلة الدستورية.
ونقل مصدر آخر قريب من حزب الله عن قيادات الحزب، نفيها امكانية تورط الحزب في أي مواجهات حتى في حال انتخاب الاكثرية رئيسا بنصاب النصف + 1، لأنه، أي الحزب، «يدرك حجم التربص الاميركي له ونواياه المبيتة ضده».
الصفحة في ملف ( pdf )