شؤون مصرية
علاء عبدالحميد
لم تكن انتخابات نقابة الصحافيين مجرد انتخابات داخلية، ولكنها كانت بمنزلة تجسيد محدود للوضع السياسي في مصر، خصوصا أن هناك منافسات جرت بين جميع القوى السياسية داخل النقابة، فقد كان هناك مرشحون للإخوان واليسار والناصريين وكفاية، إضافة لمرشحين ينتمون للحزب الوطني الحاكم وممثلين للمرأة والأقباط، كما اكتسبت انتخابات النقابة أهمية أخرى تتعلق بأنها جاءت في وقت توترت فيه العلاقة بين النظام والصحافيين في ظل صدور أحكام بالحبس ومحاكمات طالت ما يقرب من 11 صحافيا في الفترة الماضية من بينهم 5 رؤساء تحرير.
ولم تكن المشكلة في انتخابات النقيب حيث انتهى الصراع على المنصب باكتساح مكرم محمد أحمد رئيس مجلس إدارة دار الهلال السابق منافسه عن جدارة، ولكن المعركة الحقيقية كانت على عضوية مجلس النقابة والتي خاضها 77 مرشحا للفوز بـ 12 مقعدا. وأسفرت الانتخابات عن حدوث تغيير بنسبة 50% لأعضاء مجلس النقابة، وإنهاء هيمنة التحالف الناصري الإخواني على المجلس، حيث فاز اثنان من الإخوان، ومثلهما ناصريان لتنتقل السيطرة إلى صحافيي المؤسسات القومية والحكومية.
ومع انتهاء الانتخابات بدأ الجميع يسعى لكي تكون التشكيلة الجديدة للمجلس متجانسة ومتوافقة، وطي صفحة الخلافات التي سبقت إجراء الانتخابات، وذلك بهدف العمل المشترك على إلغاء الحبس في قضايا النشر، واستعادة وحدة النقابة، وإيجاد حل لأزمة سلالم نقابة الصحافيين والتي تحولت إلى ما يشبه الهايدبارك للمظاهرات والاحتجاجات والإضرابات، التي أحرجت الحكومة طوال الأعوام الأربعة الماضية والتي سيطر خلالها الإخوان والناصريون على نقابة الصحافيين.
وأصبح السؤال المطروح حاليا هل يمكن التعاون بين أعضاء المجلس الجديد بعيدا عن انتماءاتهم السياسية والمهنية للنهوض بمهنة الصحافة، وإزالة أجواء التوتر والاحتقان في العلاقات بين الحكومة والصحافيين.
دورة برلمانية
على جانب آخر أثار الخطاب الذي ألقاه الرئيس المصري حسني مبارك في بداية الدورة البرلمانية العديد من ردود الأفعال خصوصا أن كثيرين لاحظوا مدى تغير لهجة الخطاب الرئاسي بالدرجة التي دفعت نواب مجلسي الشعب والشورى للتصفيق لما يقرب من 40 مرة، خصوصا أن الرئيس مبارك أثار عدة قضايا فيما يتعلق بقضية العدالة الاجتماعية وإعلاء البعد الاجتماعي في قضية توزيع الدخل، كما طرح الرئيس مبارك قضية إعادة توزيع الدعم بين جموع المصريين في ظل ما يتردد عن الكلفة المتزايدة للدعم، والذي يصل إلى ما يقرب من 80 مليار جنيه، وتخطط الحكومة لإعادة توزيع الدعم وتحويله للدعم النقدي، بحيث يتم رفع الدعم عن الطاقة والخبز والتعليم والصحة والمواصلات، وتقديم دعم نقدي للفقراء والمحتاجين من الموظفين والعمال والمزارعين، وهو الأمر الذي يثير مخاوف ملايين المصريين حيث هناك توقعات بأن تزداد الأسعار وترتفع عدة مرات، بالرغم من الكلام المعسول والوردي الذي تردده الحكومة والمسؤولون.
الطاقة
على جانب آخر فإن قضية التوجه نحو الاستخدام السلمي للطاقة النووية مازالت لم تحسم بعد، خصوصا أنها قضية فضفاضة وواسعة، ولن تظهر آثارها قبل أقل من 15 عاما من الآن ومع بدء افتتاح أول مفاعل نووي مصري، المخاوف تثير تساؤلات حول من يتحمل كلفة هذه المفاعلات وجدواها الاقتصادية.
الخطاب الحماسي للرئيس مبارك لم تنته ردود أفعاله بعد، بالرغم من تعليق جلسات مجلس الشعب حتى يوم 24 الجاري، بالرغم من استمرار جلسات مجلس الشورى، خصوصا أن ملامح الأجندة التشريعية ومواد القوانين التي ستعرض على مجلس الشعب لم تتحدد بعد، وهناك خلافات حول مشروعات القوانين الأولى بالإحالة للبرلمان خلال الدورة البرلمانية المقبلة سواء من حيث أجندة القوانين السياسية أو التشريعية أو الخدمية، ومشروعات القوانين التي تم الانتهاء منها، ومن أبرز هذه القوانين: مشروعات قوانين البناء الموحد، والمحاكم الاقتصادية، ومكافحة الإرهاب، وتطوير المحليات، وإلغاء المدعي العام الاشتراكي ونقل اختصاصاته لجهاز الكسب غير المشروع، والنيابة العامة والمحاكم المدنية، وقانون التأمين الصحي، ومحاكم الأسرة، والقوانين المكملة للدستور، والضمان الاجتماعي، وتداول المعلومات وتعديل قانون النقابات 100 لسنة 95، بهدف رفع الحراسة عن النقابات وتدور مفاضلة بين هذه القوانين لإحالتها للبرلمان وتحديد الأجندة التشريعية المقبلة.
تعديل وزاري أم حل برلماني؟
على جانب آخر عادت مرة أخرى تساؤلات حول مدى إمكانية إجراء تعديل وزاري محدود خلال الأسابيع القليلة المقبلة، خصوصا في الوزارات الخدمية، وأبرزها التعليم والسياحة والتضامن الاجتماعي.
جاءت هذه الأنباء متزامنة مع الإعلان عن إجراء انتخابات المحليات في إبريل المقبل، لمحاولة تجميل وجه الحكومة والحزب الحاكم، خصوصا أن هناك توقعات بحدوث مكاسب للإخوان والمعارضة في الانتخابات المحلية، كما أن هذا الأمر يأتي في إطار الإعداد لإجراء انتخابات برلمانية في 2010 أخرى، وأخرى تكميلية لمجلس الشورى وبصورة تسبق الانتخابات الرئاسية، لذا فإن هناك توقعات بأن يتم حل البرلمان في أعقاب الدورة البرلمانية المقبلة، لأي سبب قانوني من الأسباب مثل تزايد الأحكام القضائية ببطلان الانتخابات في بعض الدوائر طبقا لأحكام محكمة النقض، أو إقرار نظام انتخابي أمثل لمصر، وإجراء الانتخابات بموجب نظام جديد للقوائم الانتخابية قد يؤدي لإقصاء الإخوان من البرلمان بعد الإزعاج الذي سببه نواب الإخوان للحكومة والوزراء، وبما يمنعهم من تسمية مرشح لاستحقاقات الرئاسة المقبلة.
صفحات شؤون مصرية في ملف ( pdf )