بيروت - عمر حبنجر
للمرة الثالثة في تاريخ لبنان المعاصر ينتهي عهد رئاسي ولا يبدأ آخر عندما استقال الرئيس الاستقلالي بشار الخوري عام 1952، لم يكن هناك رئيس منتخب ليتسلم منه «الامانة»، فشكل حكومة برئاسة قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب كي تبقى السلطة العليا بيد مارونية، ومثله فعل الرئيس امين الجميل عام 1988 عندما عين العماد ميشال عون قائد الجيش رئيسا لحكومة عسكرية تتسلم سلطات الدولة بعدما تعذر انتخاب رئيس جمهورية، لكن مع الرئيس اميل لحود تكررت السابقة، بمفهوم مختلف، فالسلطة آلت هذه المرة لحكومة يترأسها شخصية سنية هي الرئيس فؤاد السنيورة لأن تعديل دستور عام 1926 بموجب اتفاقية الطائف التي اقرت عام 1989 جعل سلطات الرئاسة حال شغورها بيد مجلس الوزراء مجتمعا ونزع من رئيس الجمهورية سلطة تعيين رئيس الحكومة دون مشاورات نيابية ملزمة.
البعض يقول ان لبنان دخل امس عهد الفراغ وهو في الواقع «فراغ رئاسي» وليس فراغا دستوريا، لأن الدستور عالج الوضع عندما جعل من مجلس الوزراء مجتمعا متوليا للصلاحيات الدستورية للرئاسة، وبهذا تكون الناحية السياسية مغطاة دستوريا والناحية الامنية مناطة اساسا بالجيش والقوى الامنية الساهرة على الاوضاع.
الأمن خط أحمر
يبقى الامل كبير ان تكون الجلسة الخامسة لمجلس النواب يوم الجمعة المقبل ثابتة وولادة وتتمخض عن رئيس توافقي يعيد الاعتبار الى السمعة اللبنانية التي اهتزت على مستوى العالم بعدما اظهرت المحاولات الانتخابية الاربع عجز اللبنانيين عن التحرر من التزاماتهم الخارجية المانعة للتوافق، وان مجلس نوابهم ليس سيد نفسه كما توجب فلسفة التمثيل الشعبي والسلطة الاشتراعية.
في هذا السياق، اسف الامين العام للامم المتحدة لما حصل، بينما جددت واشنطن تحذير رعاياها، مجددة الدعم لحكومة فؤاد السنيورة ولقيادة الجيش ومثلها باريس التي رأت ان هناك فرصة جديدة للتوافق.
على ان ابرز ما تمخضت عنه التجاذبات الرئاسية الاخيرة هو توافق كل الاطراف على اعتبار الامن خطا احمر وتجنب كل ما من شأنه ارباك الوضع الامني، ونذكر هنا بكلام لقائد الجيش العماد ميشال سليمان الذي وضع في خانة الخيانة الوطنية كل ما يوجه سلاحه الى الداخل.
واكد مصدر عسكري مأذون ان الجيش موجود اصلا على الارض بموجب قرار من مجلس الوزراء، وهو لن يتدخل اصلا بالسجالات السياسية.
لا داعي للقلق
الرئيس فؤاد السنيورة دشن امس يومه الاول كرئيس دستوري للسلطة التنفيذية في لبنان بزيارة البطريرك الماروني نصرالله صفير في بكركي، وقال بعد اللقاء: لا احد يأخذ مكان رئيس الجمــــهورية، وان صلاحيات الرئيس مناطة بشخــــص معين، وان الحكومة ستستمر بعملها كما ينص الدســـتور وهي ملتزمة بحصول الاستحقاق الرئاسي، وانه سيــبذل اقصى جهد لانهاء الامر في اقصر وقت ممكن.
واكد السنيورة انه ليس هناك حال طوارئ في لبنان، مشيرا الى الاعلان الصادر عن الرئيس السابق اميل لحود قبل مغادرته بعبدا، مشددا على تمسكه بولاية الست سنوات لرئيس الجمهورية.
السنيورة الذي تناول الغداء على مائدة البطريرك صفير دخل في حوار مع الصحافيين الملحقين بالبطريركية المارونية، وقال ردا على سؤال: نحن نحترم اداء الجيش ونقدر ما يقوم به من عمل كبير في هذا الشأن، وهو الذي نجح في امتحانات اساسية على مدى الفترة الماضية، وكان آخرها مخيم نهر البارد، لذلك ليس هناك من حالة طوارئ، وليس هناك من داع لذلك، والجيش يقوم بدوره بالتعاون مع جميع الاجهزة الامنية بكل كفاءة وثقة، وانا ارى انه لا داعي على الاطلاق لقلق المواطنين على الاوضاع الامنية.
تصريحات إيران غير مسؤولة
وردا على تصريح لمسؤول ايراني عن حرب اهلية في لبنان، قال الرئيس السنيورة: انا اعتقد ان هذه التصريحات صدرت بشكل غير مسؤول من قبل البعض، ونحن في لبنان نعلم جيدا ان اللبنانين غير راغبين على الاطلاق في ان يستعيدوا آلام ومآسي الماضي. واضاف: اللبنانيون يرفضون اللجوء الى العنف، يريدون ان يكون لديهم رئيس وفاقي يكون فوق الجميع، وان تتكون حكومة تحظى بثقة اللبنانيين ايضا، لكي تعالج الكثير من القضايا والمسائل المتراكة على مدى 30 عاما.
وقال: همنا الآن تسيير اعمال الناس وانجاز الاستحقاق الدستوري، وقد لمست لدى غبطة البطريرك مدى تقديره لما نقوم به وتأييده لالتزامنا بانجاز هذا الاستحقاق، فلا احد من اللبنانيين، وانا في المقدمة، راض عن غياب الرئيس لكن الامر جرى، فماذا نفعل؟
وتابع يقول: علينا ان نتعامل مع الامر بمسؤولية، كما ينص الدستور، وان نبذل كل جهد لانجاز الاستحقاق مع النواب ومع ارادة العمل في مجلس النواب، فهذه المؤسسة الدستورية يجب ان تعود الى العمل وان تكون المكان الذي يتم فيه الحوار الحقيقي.
وردا على سؤال حول مخاوف من تمرير مراسيم جمهورية في مرحلة تصريف الاعمال، قال السنيورة: لا احد يخاف ولا احد يخوف، نحن سنقوم بمسؤوليتنا في هذه الحكومة الكاملة الاوصاف، مع الاخذ بعين الاعتبار الملاءمة السياسية للاوضاع. وعن مبادرة العماد ميشال عون، قال: برأيي الجنرال عون هو نفسه عاد وسحب مبادرته، ولم يعد هناك من مجال للبحث بها.
وقال ان الاسماء التي طرحها البطريرك صفير ستبقى في بالنا، علما ان البطريرك قال: اذا كانت هناك امور اخرى فلا مانع لدي.
احتجاج عوني
النائب نبيل نقولا عضو كتلة العماد عون اكد اصرار الجنرال على ترشيحه لأنه الأكثر شعبية والأقوى نيابيا واعتبر ان زيارة رئيس الحكومة الى البطريرك بعد شغور مركز الرئاسة المسيحي يذكره بزيارة ياسر عرفات الى البابا بعد تهجير مسيحيي الجبل.
وقال نقولا: كنت افضل الا يستقبل البطريرك الماروني اي مسؤول سياسي من الفريق الآخر قبل ان ينتخب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية يمثل المسيحيين تمثيلا صحيحا.
واذ شدد نقولا على ان الحديث عن اي رئيس يجب ان يمر في الرابية لأنها الاكثر تمثيلا للمسيحيين ورفض اي تعيين لرئيس جمهورية مسيحي من قريطم او السفارة الاميركية في عوكر، معتبرا ان الرئيس يجب ان يسمى من المسيحيين انفسهم.
الصفحة في ملف ( pdf )