إيلاف: رغم أن الولايات المتحدة الاميركية أعلنت أنها لن تنشر صورا لعملية اغتيال أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، الا أنها لم تتوقف عن نشر تفاصيل عن تلك العملية التي يشكك فيها بعض المنتمين الى التيارات الاسلامية المتشددة، وخبراء شؤون القاعدة، حيث أعلنت حركة طالبان مؤخرا أن بن لادن فجر نفسه قبل أن تصبه رصاصات المارينز.
وكان الهدف المعلن من وراء احجام الولايات المتحدة الاميركية عن نشر صور مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، أن تلك الصور بشعة، ما قد يشكل استفزازا لمشاعر أعوانه، الامر الذي يعرض حياة الاميركيين للخطر، لكنها نشرت أخبارا أكثر استفزازا مثل العثور على مواد اباحية في منزل بن لادن، وعرض لقطات فيديو تظهره أثناء مشاهدة نفسه على شاشات التلفزيون.
وأكد خبراء وآخرون في شؤون القاعدة أن الهدف من نشر الاخبار الاميركية حول العملية، تشويه الصورة المرسومة في أذهان أعوان ومؤيدي بن لادن عن شخصيته، مؤكدين أن نشر حركة طالبان المرتبطة بالقاعدة أخبارا مضادة يأتي في اطار الحرب الاعلامية بين الجانبين، ورفع الروح المعنوية لاعضاء التنظيمين.
ووفقا للدكتور نبيل عبدالفتاح الخبير في شؤون الجماعات الاسلامية في مركز الاهرام للدراسات السياسية فان امتناع أميركا عن نشر صور لمقتل بن لادن، يثير الكثير من علامات الاستفهام حول العملية، مشيرا الى أنها طبيعة أميركا وأسلوب عمل جهاز استخباراتها الذي يصر على ترك الامور غامضة، لامكانية استخدام المعلومات في المستقبل، وأضاف أن أميركا كان بامكانها نشر صورة بن لادن بعد تغسيله تمهيدا للدفن، اذا كانت ترى في نشر صوره بعد مقتله مباشرة خطرا على حياة الاميركيين.
وأوضح عبدالفتاح أن نشر أو تسريب أخبار العملية مثل العثور على مواد اباحية أو نشر تسجيلات لبن لادن أثناء مشاهدة التلفزيون تأتي من أميركا كمحاولة لتقديم صورة سلبية حول زعيم القاعدة، والتشكيك في تلك الصورة المثالية أو صورة المجاهد التي يراه عليها أتباعه، وتقديمه كشخصية غير سوية، كانت تعيش من أجل شهواتها، وأنها كانت شخصية نرجسية.
ولفت الى أن تلك الاستراتيجية ستأتي بالنتائج التي ترجوها أميركا مع المسلمين العاديين غير المنتمين الى تيارات اسلامية متشددة، ولكنها لن تؤثر في أعضاء تنظيم القاعدة والمنتمين الى التيارات السلفية الجهادية وأعضاء حركة طالبان، بل قد تزيدهم اصرارا على مواصلة رحلة بن لادن نحو المزيد من العمليات الانتقامية ضد أهداف أميركية أو أهداف لحلفائها في آسيا أو الشرق الاوسط.
لكن عبدالفتاح قلل من تأثير تلك المعلومات على نشطاء القاعدة أو المسلمين بصفة عامة، مقارنة بنشر صورة بن لادن وهو مضرج في دمائه، لان الصورة الاخيرة ستؤجج في نفوس المسلمين المتأثرين بأفكار بن لادن الرغبة في الانتقام من أي أميركي.
وحول نفي حركة طالبان قتل أفراد المارينز بن لادن، وأنه فجر نفسه، ولم يقتل، قال عبدالفتاح، ان هذا البيان يأتي في اطار الحرب الاعلامية بين القاعدة وأميركا، حيث ان طالبان والقاعدة وجهان لعملة واحدة، مشيرا الى أن كلا الطرفين يحاول تقديم قراءات للواقعة حسب رؤيته لها، وبما يخدم مصالحه، ويعزز موقفه تجاه المنتمين اليه، وأشار الى أن أصداء عملية قتل بن لادن ستتوالى طوال الاسابيع أو الاشهر المقبلة من خلال أجهزة الاعلام أو من مسؤولين أميركيين.
ويرى د.جهاد عودة أستاذ السياسات الدولية في جامعة حلوان أن نشر معلومات حول مخبأ بن لادن محاولة للتمهيد لنشر صورة جثة بن لادن، ولكن بعد تشويه صورته في أذهان الكثيرين لافقاده أي تعاطف معه، وقال ان الهيمنة الاعلامية الاميركية ستعمل خلال المرحلة المقبلة على تدمير صورة بن لادن تماما ومحوها من أذهان المؤمنين بمبادئه وأفكاره.
لكن عودة يرى أن عملية قتل بن لادن ستظل غامضة، ما دام طرفا العملية لم يفصحا عما جرى بوضوح، ولفت الى أن هذا الغموض لن يختفي الا اذا خرج أحد قيادات أو أفراد العملية من المارينز الاميركي ليقول للعالم ماذا جرى بالضبط، أو تخرج أرملة بن لادن لتروي للعالم ما حدث.
من جانبه، يقول أيمن فايد المستشار الاعلامي السابق لزعيم تنظيم القاعدة ان: الاخبار التي تنشرها آلة الاعلام الاميركية حول الشيخ أبوعبدالله أسامة بن لادن، تؤكد أن أميركا تخشى من ظهور بن لادن جديد، ولذلك تعمل على حرق صورة البطل، وتقديمه كرجل كان يعيش في مخبأ من أجل شهواته الجسدية، رغم أن الرجل كان مريضا بالكلى والسل، ولم يكن أبدا رجلا يعيش من أجل شهواته، ولو كان يريد العيش بتلك الطريقة، ما كان نذر نفسه للجهاد، حيث انه كان يمتلك ثروة ضخمة، كانت تضمن له العيش في القصور، لكنه فضل العيش في الكهوف والجهاد ضد الاستعمار والظلم والاستبداد.