بدأت مئات الاسر في منطقة (ابيي) السودانية النزوح جنوبا كما بدأت الامم المتحدة في اجلاء موظفيها من المنطقة وسط توقعات باندلاع حرب شاملة بين جيشي الشمال والجنوب في المنطقة المتنازع عليها. واكد شهود عيان بالمنطقة في اتصال هاتفي مع (كونا) مغادرة عدد كبير من الاسر للمنطقة واحتماء القوات الدولية بمعسكراتها مع بدء العمليات العسكرية بالمنطقة.
من جهته، قال حاكم منطقة (ابيي) دينق اروب الذي ينتمي للحركة الشعبية الحاكمة في الجنوب في تصريح صحافي ان طائرات (الميغ) و(الانتنوف) قصفت امس نحو سبع مناطق كما دارت معارك ومواجهات مباشرة بين مشاة القوات المسلحة السودانية وشرطة (ابيي) ببلدة (توداج).
ورجح ان تنطلق في وقت لاحق «حرب شاملة» مشيرا الى ان ضحايا العمليات لم يتم حصرها وان العمليات الحربية ادت لنزوح المئات من (ابيي) وما حولها من القرى والبلدات جنوبا.
من جانبه قال نائب حاكم المنطقة رحمة النور ان الحركة الشعبية خرقت اتفاق السلام تحت سمع وبصر الامم المتحدة وليس امام الجيش السوداني الا التعامل بالمثل. واكد رئيس المجلس التشريعي في ابيي شارلس ابيي سقوط ضحايا جراء قصف القوات المسلحة ولم يستبعد ان تجتاح القوات المسلحة المنطقة من واقع حشودها ومناوراتها شمال المنطقة. ومن ناحيته اكد المتحدث الرسمي باسم شباب (الدينكا نقوك) ـ القبيلة الجنوبية ـ بول دينق ان الاشتباكات خلفت نحو 32 قتيلا و35 جريحا واكد ان الامم المتحدة بدأت في اجلاء موظفيها. وكان المتحدث باسم جيش جنوب السودان فيليب أقوير اتهم الليلة قبل الماضية الجيش السوداني بالهجوم على منطقة (أبيي) بطائرات الأنتنوف والمدافع طويلة المدى وقال انه تم حرق أربع مناطق.
ودان السكرتير العام للامم المتحدة بان كي مون الهجوم «الاجرامي» الذي استهدف قوة المنظمة الدولية في السودان والجيش الشمالي في (ابيي).
وقال ان «الهجوم لا يعد فقط انتهاكا خطيرا للاتفاقات بين الاطراف لكنه ايضا عمل اجرامي ضد الامم المتحدة» مطالبا باجراء تحقيق فوري في الهجوم وملاحقة منفذيه امام القضاء.
كما طلبت الولايات المتحدة امس الأول من جنوب السودان تقديم «شروحات» حول الهجوم، حيث تعرضت قوة تابعة للبعثة الأممية لحفظ السلام بالسودان (يونميس) الخميس الماضي لاطلاق نار بينما كانت ترافق 200 جندي سوداني خارج (ابيي) لتنفيذ اتفاق لاعادة الانتشار.
ولقي 22 جنديا مصرعهم في الهجوم كما لايزال 176 آخرون في عداد المفقودين حسبما ذكرت قيادة الجيش السوداني التي اعلنت ان (ابيي) منطقة حرب.
ونقل راديو (سوا) الأميركي امس عن المتحدث باسم الخارجية مارك تونر قوله إن هذا الحادث مؤسف ويشكل انتهاكا مباشرا لاتفاق السلام الشامل الموقع بين الشمال والجنوب في عام 2005. وأعرب تونر عن قلق أميركا العميق من التقارير التي أشارت إلى أن القوات الشمالية أقدمت على قصف قريتين كرد فعل على الهجوم.
من جهة أخرى، كشف موقع «سوداني نت» الالكتروني أمس عن تمركز 8 آلاف جندي من قوات (الجيش الشعبي) شمال خط الأول من يناير 1956 بولاية جنوب كردفان، وذلك في خرق واضح لاتفاقية سلام نيفاشا التي شارفت على الانتهاء.
ونقل الموقع عن مصدر سوداني مطلع:إن «الجنود يقيمون في مناطق كاودا وأم دورين وجلد وأشرون، إلى جانب مناطق أخرى بالولاية»..وأكد أن الجنود يتلقون المؤن بصورة يومية من جوبا عاصمة جنوب السودان، بجانب وجود طائرات تقوم بنقل المؤن من كينيا وأوغندا.
كما كشف المصدر عن أن أبناء النوبة طلبوا من الجيش الشعبي التحرك ومساعدتهم حال حدوث حرب مع الخرطوم، لكن قيادات بأركان الحركة الشعبية رفضت طلبهم، باعتبار أن الفترة الانتقالية اقتربت من نهايتها، وأنهم لا يسعون لقيام حرب مع الشمال، على الأقل في الوقت الحالي. وكان مصدر سوداني قال أمس الأول «إن الحركة الشعبية بدأت بالتنسيق مع شركائها في التخطيط لتجاوز نتائج الانتخابات التي جرت مؤخرا بولاية جنوب كردفان بجانب العمل على استباق إجراء المشورة الشعبية بالولاية المقرر قيامها بعد الانتخابات واكتمال هياكل المجلس التشريعي بالولاية والنتائج المرتقبة للمشورة الشعبية بولاية النيل الأزرق».
وذكر المصدر أن اجتماعا سريا عقد في جوبا خلال الفترة السابقة ضم مسؤولا أميركيا كبيرا وكلا من باقان أموم وياسر عرمان وعبدالعزيز الحلو من جانب الحركة الشعبية لبحث مخطط ضم ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان تنفيذا للمخططات الغربية لتقسيم البلاد.