اختتم وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أمس زيارة لإسرائيل والأراضي الفلسطينية استمرت 36 ساعة، مؤكدا على وجود «فرصة» لتحقيق مقترح باريس بعقد مؤتمر سلام فلسطيني ـ إسرائيلي، وكان جوبيه التقى قبل مغادرته في تل أبيب وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك وزعيمة المعارضة تسيبي ليفني وبحث معهما الاقتراح الفرنسي.
وقال متحدثا لوكالة «فرانس برس» «قرأت في الصحف ان الحكومة الإسرائيلية تدرس اقتراحنا، إذا ليست هناك عرقلة»، وكان جوبيه كشف عن مشروع تنظيم مؤتمر سلام فلسطيني ـ إسرائيلي قبل نهاية يوليو على أساس المرجعيات التي أعلنها الرئيس الأميركي باراك اوباما، ولم يصدر أي رد رسمي سواء من إسرائيل أو من الفلسطينيين على المقترح الفرنسي.
وقال مصدر في الحكومة الإسرائيلية لـ «فرانس برس» ان «الحكومة لم تشأ إغلاق الباب بوجه الاقتراح الفرنسي بعقد مؤتمر وتنتظر لترى ما سيحصل، مع ان فكرة مؤتمر كهذا يستند الى حدود يونيو 1967 لا تعجبها بالتأكيد».
من جهته، التقى البابا بنديكتوس السادس عشر ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أمس في الفاتيكان حيث تحدثا عن «الحاجة الماسة» لحل دائم للصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية.
وقال بيان للفاتيكان عقب المحادثات «تم التركيز بالأخص على الحاجة الماسة لإيجاد حل عادل ودائم للصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني»، وأشار البيان إلى ضرورة ان تحترم اي تسوية للصراع حقوق كل الأطراف ومنها «تحقيق المطامح المشروعة للشعب الفلسطيني في دولة مستقلة»، وتابع بالقول «من ثم تم التأكيد على انه قريبا ينبغي ان تحيا دولة إسرائيل والدولة الفلسطينية في امن وسلام مع جيرانهما وضمن حدود معترف بها دوليا»، وهذه هي المرة الرابعة التي يلتقي فيها البابا مع محمود عباس خلال مسيرته المستمرة منذ ست سنوات.
من جانبها رحبت رئيس المعارضة الإسرائيلية زعيمة حزب «كاديما» تسيبي ليفني بالفكرة التي طرحها وزير الخارجية الفرنسي بعقد مؤتمر سلام إسرائيلي ـ فلسطيني في باريس الشهر المقبل.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية العامة عن ليفني قولها في مستهل اجتماعها بجوبيه بمدينة القدس المحتلة أمس انه «يتوجب على إسرائيل إعادة تحريك عملية التفاوض مع الفلسطينيين وإخراجها من الطريق المسدود الذي وصلت اليه». في سياق مواز وضع الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب تحسبا لتظاهرات فلسطينية مرتقبة اليوم في الذكرى الرابعة والأربعين «للنكسة» أي هزيمة القوات العربية أمام إسرائيل خلال حرب يونيو 1967، كما أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي.
وأرسلت تعزيزات إلى الحدود اللبنانية وهضبة الجولان المحتلة، حيث يقع خط إطلاق النار مع سورية، وإلى حدود قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، كما أضافت الإذاعة، وألغى الجيش مأذونيات عطلة نهاية الأسبوع وجهز وحدات منتشرة على الحدود بأسلحة مكافحة الشغب لاسيما القنابل المسيلة للدموع لمواجهة توغل محتمل من قبل متظاهرين كما أوضحت الإذاعة، ورفض متحدث عسكري إعطاء أي توضيحات.
وكان أعلن رئيس أركان الجيش بيني غانتز أمس الأول انه سيتم تعزيز القوات ومراكز القيادة على الحدود لمواجهة أي احتمال، ومن الجانب اللبناني، عمل الجيش الإسرائيلي على وضع شريط أسلاك شائكة جديد، إضافة إلى الموجودة أصلا في منطقة العديسة ـ كفركلا المقابلة لمستوطنة المطلة الإسرائيلية، وعززت الشرطة الإسرائيلية ايضا انتشارها خصوصا في القدس الشرقية وشمال البلاد في حال اضطرت لمساندة القوات المنتشرة على الحدود، وفرضت قيودا على الوصول إلى باحة الحرم القدسي في المدينة القديمة بالقدس لصلاة الجمعة خشية حصول اضطرابات.
وقال ناطق باسم شرطة القدس لوكالة «فرانس برس» «سنمنع الجمعة دخول المصلين المسلمين الذين تقل أعمارهم عن 45 عاما الى باحة الأقصى»، وكان حضور الشرطة قويا بشكل خاص في أزقة المدينة القديمة وفي حي سلوان حيث تنشط وحدات خاصة لمنع أي تظاهرة، كما ذكر مصور وكالة «فرانس برس»، وكانت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت دعت الفلسطينيين لتنظيم تجمعات حاشدة على الحدود الإسرائيلية بمناسبة مرور 44 عاما على اندلاع حرب الأيام الستة في عام 1967 والتي يصفونها بالنكسة.
وقال متحدث باسم الشرطة إن حافلات كانت تقل إسرائيليين عرب كانت في طريقها إلى مجدل شمس أوقفت في وسط إسرائيل وأمرت بالعودة بعد استجواب كشف أن الركاب يحتمل أنهم في طريقهم إلى مرتفعات الجولان للمشاركة في مظاهرات مزمعة، وقال إن الحافلات تراجعت عن طريقها دون حوادث. وفي وقت سابق، ذكر تقرير إخباري أمس ان إسرائيل نقلت خلال الساعات الأخيرة رسائل الى بعض الدول المجاورة والى القيادة الفلسطينية أكدت فيها انها لن تسمح باختراق حدودها على أي جبهة خلال ذكرى النكسة. وذكرت الإذاعة الإسرائيلية ان إسرائيل أوضحت في هذه الرسائل ان القادة العرب والفلسطينيين سيتحملون المسؤولية عن نتائج أي محاولات لانتهاك السيادة الإسرائيلية وفي الخامس عشر من الشهر الماضي، قام المحتجون في الذكرى الـ 63 لتأسيس إسرائيل باقتحام الحدود الإسرائيلية ـ اللبنانية والحدود على طول مرتفعات الجولان المحتلة التي تفصل بين إسرائيل وسورية، ولقى 13 شخصا حتفهم في المظاهرات. وبدوره حذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء أمس الأول من ان إسرائيل ستتصرف «بتصميم» لتأمين حدودها خلال المظاهرات، وقال نتنياهو في مؤتمر حول التكنولوجيا في القدس «مثل أي دولة في العالم، فان لإسرائيل الحق في حراسة حدودها والالتزام بالدفاع عنها، ومن ثم، فان توجيهاتي واضحة وهي العمل مع التحلي بضبط النفس ولكن بتصميم لحماية حدودنا».