سراييفو ـ د.ب.أ: تعتبر مذبحة سربرنيتشا، التي وقعت في يوليو 1995، أسوأ مذبحة شهدتها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
خضعت مدينة سربرنيتشا، التي تقع في عمق الأراضي التي تقطنها أغلبية صربية شرقي البوسنة، لحصار طويل حتى يوم 11 يوليو 1995، عندما استولت عليها قوات صرب البوسنة.
وفي وقت لاحق، أدانت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة سلوبودان ميلوسيفيتش، الرئيس الصربي آنذاك، ورادوفان كارادزيتش، زعيم صرب البوسنة في ذلك الوقت، بارتكاب المذبحة.
وها هو الآن راتكو ملاديتش، القائد العسكري السابق لصرب البوسنة يواجه اتهامات مماثلة الأسبوع الجاري أمام المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في لاهاي.
بعد تفتت جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية الاشتراكية، صارت سربرنيتشا واحدة من بين عدة مدن بوسنية جرى إعلانها ملاذات آمنة تابعة للأمم المتحدة.
كانت سربرنيتشا تحت حماية كتيبة هولندية من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وقوامها 600 جندي، عندما دخلتها قوات صرب البوسنة، وفصلت الرجال عن النساء والأطفال، ورحلتهم إلى مكان غير معلوم.
وبعد ذلك، قتلت قوات صرب البوسنة 8 آلاف رجل وصبي.
أثار موقف القوات الهولندية جدلا ساخنا، حول ما إذا كان ذلك لا مبالاة من جانبها أم عجز منها على مواجهة قوات صرب البوسنة.
ودائما ما شدد الهولنديون على أن الأمم المتحدة لم تفوضهم ببذل جهد أكبر مما بذلوه من أجل السكان، ولم تمدهم بالمعدات اللازمة لذلك، الأمر الذي أكدته دراسة أجرتها وزارة الدفاع في عام 1998.
وأظهرت دراسة أجرتها الأمم المتحدة أنه كان على مجلس الأمن الموافقة على «إجراء أكثر حسما وقوة للحيلولة دون هذا العمل المروع».
وقال التقرير إنه لا ينبغي نشر قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة بعد ذلك على الإطلاق مادام ليس هناك وقف لإطلاق نار أو اتفاق سلام.
وفي أبريل 2002، حمل تحقيق مستقل أجراه المعهد الهولندي لدراسات الحروب، وكتبه في 6600 صفحة، حكومة هولندا وجيشها مسؤولية نشر قوات بدون تدريبات أو معدات كافية.
ومن ثم استقالت الحكومة الهولندية، فيما أكد تحقيق برلماني أجري في وقت لاحق النتائج التي توصل إليها المعهد.
منذ عام 2007، رفع أقارب الضحايا، البالغ عددهم ثمانية آلاف، العديد من الدعاوى القضائية المدنية ضد هولندا، لعدم اتخاذها أي إجراء ضد صرب البوسنة أثناء استيلائهم على سربرنيتشا.
ورفعت جمعية «أمهات سربرنيتشا» دعوى قضائية مدنية ضد الأمم المتحدة على خلفية تقصير قواتها في الدفاع عن سربرنيتشا، غير أن قضاة هولنديين رفضوا الدعوى العام الماضي على أساس أن العاملين لدى الأمم المتحدة يتمتعون بالحصانة، غير أن الجمعية قدمت طلب استئناف.
ورغم ذلك، رفضت المحكمة الجزئية في لاهاي الدعاوى القضائية التي تحمل الهولنديين المسؤولية، مؤكدة الحصانة التي تتمتع بها القوات الهولندية بموجب تفويض الأمم المتحدة.
ولايزال القضاء ينظر في طلبات الاستئناف المقدمة في إطار هذه القضايا.
وترفع «أمهات سربرنيتشا»، التي تمثل أقارب الضحايا، حاليا دعوى قضائية مدنية ضد الأمم المتحدة وهولندا بسبب تقصير قوات حفظ السلام الهولندية التابعة للأمم المتحدة في حماية سربرنيتشا من قوات ملاديتش.