عواصم ـ هدى العبود والوكالات
خلال أقل من شهر تجددت محاولات اختراق الحدود الإسرائيلية تحت عنوان «مسيرة العودة» لمناسبة النكسة أمس. وكانت اعنف هذه المحاولات وأكثرها دموية تلك التي حدثت على الجانب السوري في الجولان العربي المحتل حيث أفاد التلفزيون الرسمي في دمشق عن سقوط 11 قتيلا وأكثر من 220 جريحا.
وفيما شهدت نقاط التماس مع العدو في عدد من المعابر في الاراضي الفلسطينية مصادمات عنيفة، فإن الحدود الجنوبية للبنان ظلت الاهدأ بعدما تمكن الجيش اللبناني من منع اي محاولات لاختراق الحدود كما حدث في ذكرى النكبة في 15 مايو الماضي.
وحدث ذلك عندما أطلق الجيش الاسرائيلي النار على مئات من المتظاهرين حاولوا عبور الحدود مع اسرائيل في هضبة الجولان السورية المحتلة احياء لذكرى النكسة.
وفتح الجيش الاسرائيلي النار بعدما تمكن المتظاهرون من تجاوز اول خط من الاسلاك الشائكة وضع لمنع وصول المتظاهرين الى خط وقف اطلاق النار بين البلدين.
ونقلت الوكالة السورية عن الطبيب علي كنعان مدير مستشفى في القنيطرة قوله ان المستشفى «استقبل جثامين 6 شهداء واكثر من 100 جريح سقطوا برصاص جنود الاحتلال الاسرائيلي».
وقال الطبيب ان القتلى «تلقوا اصابات في الصدر والرأس» بحسب الوكالة.
وشارك في التظاهرة شباب سوريون وفلسطينيون لاحياء ذكرى حرب 1967 التي احتلت خلالها اسرائيل هضبة الجولان والقدس الشرقية، بحسب التلفزيون السوري الذي عرض صورا لجنود اسرائيليين يفتحون النار على المتظاهرين.
لكن رواية الجيش الإسرائيلي قالت ان الجنود أطلقوا عيارات تحذيرية في الهواء بينما اقترب المتظاهرون من الحدود حاملين اعلاما فلسطينية وسورية ومرددين شعارات مؤيدة للفلسطينيين محاولين عبور الاسلاك الشائكة.
وقال ناطق باسم الجيش الاسرائيلي لوكالة فرانس برس «على الرغم من العديد من التحذيرات الشفوية واطلاق عيارات تحذيرية في الهواء، استمر عشرات السوريين في الاقتراب من الحدود ولم يبق اي خيار للجيش الا اطلاق النار في اتجاه اقدام المتظاهرين في محاولة لردع اي تصرفات اخرى».
واستخدم الجيش الاسرائيلي مكبرات الصوت لتحذير المتظاهرين من الاقتراب من الحدود وخاطبهم باللغة العربية ان «من يقترب من السياج سيكون مسؤولا عن دمه».
ولم يتمكن اي متظاهر من عبور السياج الامني كما حدث في ذكرى النكبة حيث تمكن عدد من المحتجين دخول بلدة مجدل شمس السورية المحتلة، وأكد المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي يوآف مردخاي ان «الوضع اصبح تحت السيطرة». وقال المتحدث مردخاي للاذاعة الاسرائيلية العامة ان الجيش تمكن من احتواء الاحداث في هضبة الجولان وان المعطيات المتوافرة تتحدث عن اصابة 12 متظاهرا بجروح في الجانب السوري من الحدود.
واضاف انه لا يمكن تأكيد وقوع قتلى موضحا ان «حوالي 150 متظاهرا جاءوا من الاراضي السورية الى السياج الحدودي محاولين اختراق السياج حيث اطلق الجنود الاسرائيليون طلقات تحذيرية في الهواء الا انهم لم يتوقفوا ما دفع الجنود الى اطلاق النار باتجاه الجزء الاسفل من اجسام المتظاهرين «على حد زعمه».
من جهته، نقل التلفزيون السوري مشاهد تظهر مجموعة من الشباب يحاولون تسلق الاسلاك الشائكة ومشاهد اخرى يظهر فيها جنود اسرائيليون يعتلون دبابات وسيارة عسكرية ويطلقون النار على المتظاهرين.
وحمل الجيش الاسرائيلي دمشق مسؤولية ما حصل وأكد المتحدث باسمه ان النظام السوري «مسؤول عن هذا الاستفزاز» بهدف تحويل الانتباه عن القمع الدموي الذي يمارسه بحق التظاهرات المناهضة له.
واعلنت حال التأهب في صفوف القوات الاسرائيلية منذ ايام ونشرت قوات على الحدود مع لبنان وسورية والضفة الغربية وقطاع غزة تحسبا لتظاهرات مشابهة للتظاهرات التي نظمت في 15 مايو الفائت في ذكرى النكبة وتخللتها مواجهات دامية.
وفي الضفة الغربية، اشتبك مئات من الشبان الفلسطينيين مع الجيش الاسرائيلي بالقرب من حاجز قلنديا العسكري الفاصل بين مدينتي رام الله والقدس.
وقالت مصادر طبية لوكالة فرانس برس ان عشرة مصابين نقلوا الى مستشفيات رام الله بعد اصابتهم بالرصاص المطاطي الذي اطلقه الجنود الاسرائيليون، فيما اصيب عشرات المتظاهرين بحالات اختناق نتيجة تنشقهم للغاز المسيل للدموع.
واعتلى جنود اسرائيليون سطوح البنايات القريبة من منطقة المواجهات، واطلقوا كميات كبيرة من الغاز المسيل للدموع في اتجاه المتظاهرين.
وذكرت مصادر أن غالبية الإصابات وقعت في مواجهات اندلعت على حاجز قلنديا العسكري بين رام الله والقدس بينهم خمس إصابات بالرصاص المطاطي وصفت حالتهم بالمتوسطة.
وبينت المصادر أن مواجهات مماثلة اندلعت على عدد من الحواجز العسكرية في عدد من مدن الضفة الغربية الأخرى وأسفرت عن إصابات بحالات اختناق.
وقالت مصادر في الهلال الأحمر الفلسطيني إن غالبية الإصابات في المواجهات المستمرة وصفت حالتها بالطفيفة ويجرى علاجها ميدانيا.
وفي قطاع غزة، اعتقلت شرطة حركة حماس عشرات الشبان الذين حاولوا الوصول الى معبر ايريز الفاصل بين غزة واسرائيل بعد تظاهرة نظمت في بيت حانون لاحياء ذكرى النكسة.
وافاد شهود ان مشادات بالايدي وقعت بين عناصر شرطة حماس والشبان الذين تمكنوا من اختراق الحواجز التي وضعتها حماس في الطريق المؤدية الى معبر ايريز.
وفي لبنان، احيا اللاجئون الفلسطينيون أمس الذكرى الـ 44 للنكسة، وكان نشطاء لبنانيون وفلسطينيون يعتزمون القيام باحتجاج عند الحدود مع اسرائيل، الا ان الجيش اللبناني حظر القيام بأي تجمعات عند الحدود خشية تكرار اعمال العنف التي جرت الشهر الماضي في ذكرى النكبة والتي ادت الى ستة قتلى. ونفذت المخيمات الفلسطينية في لبنان اضرابا عاما بعدما تم تعليق «مسيرة العودة» نحو الحدود كما نفذ اعتصام بمزارع شبعا بدعوة من «تيار المقاومة» اللبنانية.
وفي الأردن اعتصم عشرات النشطاء الأردنيون مساء في ساحة الجندي المجهول ببلدة الكرامة المحاذية للحدود الأردنية الإسرائيلية وذلك إحياء للذكرى الـ 44 للنكسة فيما انتشرت اعداد كبيرة من قوات الأمن وقوات الدرك في المنطقة التي أبلغت المعتصمين انها لن تسمح لهم بمحاولة عبور الحدود.
ونظم الاعتصام قوى حزبية وحركة شباب 15 مايو وحركة شباب الانتفاضة الثالثة الذين رفعوا الأعلام الأردنية والفلسطينية وهتفوا بهتافات أكدت على حق العودة ورفضت مؤامرة الوطن البديل.
وأطلق المشاركون في الاعتصام على نشاطهم مسيرة «العودة؟».
وكان المشاركون في الاعتصام انطلقوا من عدة أماكن من العاصمة عمان بينها مسجد الكالوتي القريب من مقر السفارة الإسرائيلية في عمان ومخيم الوحدات للاجئين الفلسطينيين.
وكانت دعوات فلسطينية تصاعدت لتنظيم تظاهرات شعبية حاشدة مناهضة لإسرائيل تجاه حدودها أو ما يطلق عليها الفلسطينيون (أراضي فلسطين التاريخية) في ذكرى حرب عام 1967 أو ما يطلقون عليها «النكسة».
واحتلت اسرائيل خلال حرب 1967 سيناء، اضافة الى هضبة الجولان السورية والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة الذي انسحبت منه القوات الاسرائيلية والمستوطنون في 2005.