شؤون مصرية
«حاجة تخنق»، «فيه شيء مش طبيعي»، «يمكن موكب هيمر»، «الشوارع زحمة ليه»، «هيا الزحمة ما بتخلصش»، هذه بعض التعليقات التي أصبحت معتادة في شوارع القاهرة خلال الشهور الماضية مع تزايد الازدحام المروري بشكل غير طبيعي دون أن يعرف أحد السبب الذي أدى لاصابة شوارع القاهرة بما يشبه الشلل وحركة السيارات شبه المتوقفة.
والغريب أن الازدحام المروري وتكدس السيارات في الشوارع لم يعد مقتصرا على وقت محدد أو ما كان يعرف في الماضي بساعات الذروة، ولكن في جميع الأوقات أصبح التكدس المروري مسيطرا على الشارع ولم يعد الأمر يتوقف عند موعد انصراف الموظفين أو ذهاب الطلاب لمدارسهم وخروجهم منها، ولم يعد الأمر أيضا مقتصرا على ميادين بعينها أو شوارع أو اشارات مرور كانت مشهورة دائما بالزحام، ولكن الازدحام أصبح موجودا في جميع مناطق وشوارع القاهرة سواء في الأحياء الراقية أم الشعبية. ورغم تحذير خبراء التخطيط العمراني طوال السنوات الماضية فان القاهرة مقبلة على حالة من التوقف التام للحركة، وستتحول الى جراج كبير الا أن التعامل البطيء مع المشكلة وعدم وضع حلول جذرية لها أدى بالفعل الى اصابة شوارع القاهرة بالسكتة المرورية على مدى الشهرين الماضيين دون ان يعرف أحد السبب المباشر والواضح لذلك، ولذلك فان كل من يريد قضاء مصلحة عليه ان يضيف ساعة أو ساعتين زيادة حتى يصل في موعده، والأغرب من ذلك أن بعض أجهزة الدولة تأمل من خلال بعض المقترحات التي قدمتها أن يتحقق الانسياب المروري، ويتم حل أزمة الاختناقات والوصول بمتوسط السرعة الى 18 كم/ساعة في شوارع القاهرة.
وأخيرا قامت الحكومة بتشكيل لجنة تضم ممثلي وزارات الداخلية والبيئة والنقل والتنمية الادارية ومحافظة القاهرة وأساتذة متخصصين من جامعتي عين شمس والقاهرة لوضع دراسة علمية وميدانية دقيقة لوضع حد للمشكلة، التي حولت شوارع العاصمة الى كابوس مزعج، وستقوم هذه اللجنة بوضع حد لأعداد السيارات التي تسير في شوارع القاهرة، ووضع اشتراطات جديدة للحصول على تراخيص السيارات للحد من الزيادة المستمرة في أعداد السيارات الجديدة، مع وضع اشتراطات حازمة أيضا عند تجديد التراخيص خصوصا فيما يتعلق بشروط الصلاحية والمتانة للسيارة.
ويؤكد مسؤولو المرور أن سبب الاختناقات المرورية يعود الى زيادة أعداد السيارات، حيث تم على سبيل المثال خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الحالي ترخيص 85 ألف سيارة «زيرو» بالقاهرة فقط، وهذا معدل نمو كبير للغاية، كما أن عمليات الانشاء والحفر بميادين وشوارع القاهرة تؤثر على السيولة المرورية بالاضافة الى وجود السيارات المتهالكة التي تصيبها الأعطال في وسط الطريق واعلى الكباري، وتحويل الجراجات الى محلات تجارية مما جعل السيارات تنتظر على جانبي الشوارع لأكثر من صف في بعض الشوارع.
وفي مقابل ذلك يرى بعض الخبراء ان غياب رجل الشرطة عن الوجود في الشارع هو السبب الرئيسي وراء تفاقم أزمة المرور خلال الفترة الماضية، خصوصا أنه في شهر رمضان الماضي عندما وجدت القيادات وضباط الشرطة في الشارع وتابعوا العملية بأنفسهم لم تشهد القاهرة تكدسا مروريا مثلما كان يحدث في شهر رمضان من كل عام، وبالاضافة لذلك لم يتم تحديث الاشارات المرورية وعدم وجود اللافتات الكافية في الشوارع لتيسير ارشاد قائد السيارة.
وفي دراسة حديثة أعدها مركز معلومات مجلس الوزراء، اكد ان اهم اسباب الأزمة المرورية في القاهرة الكبرى هو ترك بعض الضباط مهمة تسيير حركة المرور الى عسكري الدرجة الثانية الذي لا يعرف القراءة والكتابة.
وأشارت الدراسة الى أن الاحصائيات الحكومية تؤكد وجود ما لا يقل عن 3.8 ملايين سيارة في القاهرة وتزيد بمعدل 4% سنويا، بينما يؤكد محافظ القاهرة عبد العظيم وزير أن شوارع القاهرة لا تتحمل أكثر من نصف مليون سيارة.
وتوقعت الدراسة أن يزيد الأمر سوءا في السنوات المقبلة حيث سيزداد عدد سكان القاهرة ليصل الى نحو 20.7 مليون نسمة بحلول عام 2022، ومع زيادة الدخل بنسبة 3% سنويا فان ملكية السيارات ستزيد بنسبة 4% سنويا وهو ما سيؤدي الى أن تصل سرعة الرحلات في شوارع القاهرة الى 11 كيلومترا في الساعة وهو ما يعني زيادة الوقت الذي يستغرقه العامل في الوصول الى عمله بنسبة 40% على الأقل.
والسؤال الآن هل سيتم ايجاد حل للأزمة المرورية الخانفة وتنفيذ توصيات الدراسات الجديدة في هذا الشأن خصوصا ان من بينها مقترحات بتطبيق نظام الأرقام الفردية والزوجية لمرور السيارات بالشوارع، وتحصيل الغرامات المرورية فوريا وتسجيلها الكترونيا بالاضافة الى ايجاد محاور مرورية جديدة وتفتيت التجمعات الكثيفة للمصالح والوزارات في وسط المدينة وانشاء مسارات جديدة لمترو الأنفاق وتحديث وسائل النقل العام، أم أن هذه المقترحات سيكون مصيرها مثل مصير 12 مخططا استراتيجيا تم وضعها للقاهرة على مدار الأعوام الماضية وظلت مجرد أفكار على الورق.
صفحات شؤون مصرية في ملف ( pdf )