كان من المفترض ان نشهد في سبتمبر 2007، موعد انتخاب رئيس جديد للبنان، نهاية الأزمة السياسية التي تفجرت قبل عام 11 نوفمبر 2006 وأيضا نهاية المرحلة الانتقالية الخطرة التي دخلها لبنان منذ ثلاثة أعوام سبتمبر 2004، ولكن ما حصل ان لا الأزمة السياسية حطت رحالها ولا المرحلة الانتقالية انتهت لمصلحة صفحة أو مرحلة جديدة، بسبب عدم حصول انتخابات رئاسية والاخفاق في اتمام عملية التوافق الرئاسي، رغم كل الضغوط والمداخلات الخارجية الدافعة في اتجاه ملء الفراغ الرئاسي، ورغم ان توافقا من حيث المبدأ قد تحقق على شخص الرئيس وهو قائد الجيش العماد ميشال سليمان.
ولكن رغم هذه الصورة الملبدة والسلبية، ورغم ان لبنان كان وما زال في «نفق» الأزمة وفي دائرة الخطر وفي «مهب الريح» والتجاذبات الاقليمية والدولية، الا ان الأمر لا يخلو من ايجابيات ونقاط مضيئة سجلت في العام 2007، دلت على ان لبنان موضوع في غرفة العناية الدولية الفائقة وغير متروك لمصيره، وان الوضع اللبناني يستند الى توازنات دقيقة سياسية وطائفية والى تسوية حتمية لا مجال فيها الى «غالب ومغلوب»، وان الأزمة محكومة بضوابط و«تحت السيطرة» ولا تصل الى نقطة الانفجار رغم انها تختزن كل عناصر الانفجار. فقد عرف لبنان عاما صعبا جدا مليئا بالأزمات والتوترات كان بامتياز عام «اللااستقرار» السياسي والأمني والاقتصادي، ولكنه نجح في اجتياز قطوعات صعبة وخطرة وأوضاع مفخخة وتحديات واختبارات استثنائية، وأثبت انه ما زال ورغم كل شيء يتمتع بمقومات «الصمود والمناعة المكتسبة والقدرة على استيعاب الأزمات والتكيّف معها».
ان ترحيل الأزمة الى العام الجديد وتعذر انتقال العماد سليمان من اليرزة الى بعبدا، سيعني بكل وضوح وبساطة ان الأزمة ستتطور الى ما هو أبعد من أزمة رئاسة وحكومة، ومرشحة من جهة لأن تصبح أزمة حكم ونظام، ومن جهة ثانية لأن تتفلت من الضوابط والخطوط التي حددت لها وحالت حتى الآن دون انفجارها سياسيا وأمنيا ودون ان تتحول الى «ازدواجية سلطات في الدولة والى مواجهة في الشارع».
الصفحة في ملف ( pdf )