عواصم - هدى العبود
اعلنت دمشق انها أوقفت اتصالاتها مع باريس بشأن الاستحقاق الرئاسي في لبنان، وذلك ردا على فشل فرنسا في تسويق الحل التوافقي لدى الأكثرية اللبنانية.
وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مؤتمر صحافي عقده امس: «ان سورية قررت وقف التعاون السوري ـ الفرنسي في صدد حل الأزمة اللبنانية».
ورفض الوزير المعلم قيام الفرنسيين بتحميل بلاده مسؤولية فشل مبادرتهم في لبنان موضحا ان الرئيس بشار الأسد اتفق مع المبعوث الفرنسي غلود غييان في أول لقاء لهما على «ان يكون الحل في لبنان توافقيا يشمل انتخاب رئيس توافقي، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، ووضع قانون جديد للانتخابات وتحييد الدور الأميركي المعطل للوفاق اللبناني والوقوف على مسافة واحدة من جميع الاطراف اللبنانية لا ممارسة الضغط على طرف بحيث يصبح الحل قائما على أساس الغالب والمغلوب».
تدخل أميركي
وردا على سؤال آخر لـ «الأنباء» حول امكانية زيادة التدخل الاميركي في الشأن اللبناني الداخلي بعد القرار السوري أشار المعلم الى «ان التدخل الاميركي قائم في لبنان ورهان البعض في لبنان على الدور الاميركي وتغيير مواقفه بين ليلة وضحاها مؤشر على ان التدخل الأميركي في لبنان واضح المعالم عميق الآثار».
واستغرب المعلم تصريحات الرئيس ساركوزي في القاهرة بوقف الاتصال مع سورية وقال: «انه واضح مما قاله الرئيس ساركوزي ان الجهود الفرنسية مع سعد الحريري للقبول بما جاء في المشروع الذي تم اتفاقنا عليه مع الفرنسيين قد باءت بالفشل كاشفا عن تلقيه بتاريخ 31/ 12 من الجانب الفرنسي رسالة خطية تؤكد ذلك، وقال: يبدو ان الفرنسيين أرادوا تحميلنا مسؤولية فشلهم في اقناع الأكثرية بقبول مشروعهم، وتساءل الوزير المعلم: ان غيرنا من الأشقاء العرب يملك على بعض قوى واسعة من جماعة 14 فبراير تأثيرا أكبر مما نملك على اصدقائنا في المعارضة فلماذا لا يستخدمون هذا النفوذ والتأثير للدفع باتجاه قبول ما يتفق والصيغة اللبنانية في الشراكة والعيش المشترك.
واكد الوزير المعلم انه «اتفق مع كلود غييان (الأمين العام للرئاسة الفرنسية) بأن هذه المسألة هي شأن لبناني طالما اتفق عليها بين السيد نبيه بري رئيس مجلس النواب وسعد الحريري، وابلغ الجانب الفرنسي بهذا الاتفاق، اذا هذا لم يعد شأن سورية ولا فرنسا»، كاشفا عن امتلاكه «مجموعة كبيرة من الوثائق والمراسلات بيني وبين الفرنسيين التي تؤكد صحة ما أقول».
واوضح المعلم انه «في يوم 30 ديسمبر أي بعد يوم من تصريحات ساركوزي في القاهرة تلقى رسالة فرنسية من كلود غييان جاء فيها «العزيز وليد تابعت سير المفاوضات ويمكنني القول: لم أتمكن من الحصول على موافقة تتصل بمشروع البيان الذي تبادلنا الرأي فيه».
وفي رده على سؤال لـ «الأنباء» حول تفسيره لتصريحات الرئيس المصري التي تدعو سورية الى لعب دور فعال في لبنان قال المعلم: «المعادلة التي تدعو الى الحيرة: من جهة يطالبون بعدم التدخل الخارجي في الشأن اللبناني، ومن جهة أخرى يطالبون بأن تستخدم سورية صداقاتها في لبنان، وهم يتفرجون، هذا شيء محير، نحن قرارنا ألا نتدخل في الشأن اللبناني، اذا جاء من الأشقاء والأصدقاء من ينوي وفق آلية التوافق وتسهيل الحل وليس التدخل في الحل، يؤمن بصيغة العيش المشترك نحن جاهزون للتعاون معهم، اما ان تقوم سورية بالضغط على المعارضة من اجل فرض الأكثرية ارادتها في لبنان واحتكار السلطة هذا وهم، وسورية لن تقوم بهذا الشيء».
اتصالات غييان
وقال انه في الاتصالين الذين أجراهما غييان معه صباح 31 ديسمبر «كنا لا نزال نتداول في مواصلة الجهد السوري الفرنسي لكنني اضطررت للإعلان عن هذين الاتصالين بعد الحديث الذي أدلى به الرئيس ساركوزي في القاهرة». واشار المعلم الى انه أجرى اتصالا ثالثا في نفس اليوم مساء مع غييان «فأبدى استياءه لأن سورية نشرت هذين الاتصالين فكان جوابي له سورية لا تخجل ولا تخاف أحدا في اتصالاتها مع فرنسا، وسورية تريد ان يكون كل شيء واضحا ومن يدق باب سورية عليه أن ينتظر الجواب».
عندها أبلغني غييان ان فرنسا قررت قطع اتصالاتها مع سورية واوضح المعلم ان الجانب الفرنسي قدم لسورية في 28 ديسمبر ورقة «حظيت بدعمنا وفرنسا فهمت ان الحل في لبنان يجب ان يكون عبر سلة كاملة تتضمن انتخاب رئيس توافقي، وتشكيل حكومة وحدة وطنية حسب حجم الكتل البرلمانية وقانون انتخابات جديد، هذا الحل الفرنسي حظي بدعم سوري وكان الاتفاق ان تقوم فرنسا بعرض الحل على سعد الحريري وعلى السعوديين وان تقوم سورية بدورها بعرضه على المعارضة فقمنا بعرضه على المعارضة وبدأت المعارضة تبدي استجابة واضحة له، غير أننا فوجئنا بالمؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس ساركوزي» في القاهرة.
واكد وزير الخارجية السوري «ان القمة العربية العشرين ستعقد في موعدها بدمشق واذا كان هناك من يخطط لعرقلة الحل في لبنان من اجل عرقلة عقد هذه القمة أعتقد أنه مخطيء».
واشار المعلم الى ان مغريات كثيرة عرضت على سورية مثل «ان يأتي الرئيس الفرنسي ساركوزي الى دمشق، تفتح علاقاتنا مع أوروبا، وأن ندخل في اتفاق الشراكة الى آخره من المغريات مضيفا ارجو ان يكون واضحا ان سورية رفضت القيام بدور الضاغط على المعارضة وبالأساس المعارضة لا تقبل ضغطا من أحد».
وكشف المعلم عن اتفاق جرى أثناء اجتماع وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير في بيروت مع نبيه بري وسعد الحريري يتضمن انتخاب رئيس توافقي وتشكيل حكومة وحدة وطنية وانجاز قانون انتخابي جديد، وقال عندما بدأوا بالتفاصيل اختلفوا بداية على آلية تعديل الدستور وابلغ غييان من قبل بري انه جرى الاتفاق مع سعد الحريري على هذه الصيغة، اي الانتخاب عبر المادة 74 من الدستور دون الحاجة لتعديل الدستور، وسألتُ غييان هل تأكدت من الطرف الآخر أي سعد الحريري «فأكد لي هذا الاتفاق»، وبقيت نقطة الخلاف الوحيدة بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية التي تطالب المعارضة بأن تملك فيها مقاعد تتناسب مع حجم تمثيلها في مجلس النواب.
الصفحة في ملف ( pdf )