عواصم - عمر حبنجر
الحدث اللبناني اليوم في القاهرة، قوى 14 مارس ناشدت وزراء الخارجية العرب الضغط على دمشق لوقف تدخلاتها في لبنان، والمعارضة المدعومة من دمشق وطهران طالبت من جهتها بكف يد الولايات المتحدة عن العبث بالاستحقاقات السياسية اللبنانية، فيما تخشى اوساط ديبلوماسية محايدة هنا من ان يكون اجتماع وزراء الخارجية العرب غير المهيأ لانتاج حل للازمة اللبنانية المستعصية مدخلا لذهاب الملف اللبناني الرئاسي الى مجلس الامن، كما سبق وحصل في موضوع المحكمة الدولية.
الاجواء المحيطة باجتماع القاهرة اليوم تؤشر على اولوية انتخاب العماد ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية نظرا لخطورة الفراغ الرئاسي الحاصل ومن ثم الانتقال الى معالجة الامور الاخرى وبينها الموضوع الحكومي الذي يفترض ان يلي انتخاب الرئيس.
والمؤمل في بيروت ان يصدر عن الاجتماع موقف حاسم يضع النقاط على الحروف ويوقظ القوى اللبنانية المكبلة بالالتزامات والارتباطات الخارجة عن الدائرة الوطنية الصرفة من سبات الارتهانات والتحرر من اعباء الافكار السوداء بعضهم حيال بعض، لا ان يداوي الوزراء العرب الفشل في حسم الامور ببيان مناشدة تقليدي لا يسمن ولا يغني من جوع.
جدول اعمال الوزراء العرب موزع على بندين، لبنان وفلسطين، لكن الانظار تتجه نحو مسار العلاقات بين سورية والسعودية وامكانية تحقيق تقارب او تفاهم من شأنه حلحلة التعقيدات الراهنة، سواء كان في لبنان او في مناطق السلطة الفلسطينية.
ويعتقد بعض اعضاء 14 مارس في بيروت ان الوزراء العرب سينصحون دمشق بتسهيل الامور الدستورية في بيروت اذا كان يعنيها نجاح مؤتمر القمة الدوري العربي المقرر انعقاده قريبا لديها. ويأمل هؤلاء ان يكون العماد ميشال سليمان على رأس وفد لبنان الى القمة لتكون زيارة دمشق اولى رحلاته الرئاسية الى الخارج فيما لو نجح الوزراء العرب في تدوير الزوايا الحادة في العلاقات العربية.
على صعيد آخر، ذكر مصدر ديبلوماسي عربي امس ان الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى سيقدم اقتراحا خلال انعقاد اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب اليوم في القاهرة يتضمن انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان مع اعطاء «ضمانات» عربية للمعارضة حول نسبة تمثيلها في الحكومة المقبلة.
وكشف الديبلوماسي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، ان موسى اعد ورقة يعرض فيها مقترحات بشأن التعامل مع الازمة اللبنانية «جرى التشاور بشأنها مع بعض الدول العربية الرئيسية، خصوصا مصر والسعودية» اللتين دعتا الى الاجتماع الطارئ.
واشار الى ان ورقة موسى تدعو الى اتخاذ موقف عربي يؤكد على سرعة حل ازمة الرئاسة وانتخاب رئيس جديد مع اقتراح بضمانات عربية للمعارضة اللبنانية بشأن حل التعقيدات الاخرى مثل تشكيل الحكومة على اسس توافقية.
وقال ان «الورقة العربية لا تسمي اسما بعينه كمرشح، لكنها تلمح الى دعم ترشيح العماد ميشال سليمان لوجود نوع من الاجماع اللبناني عليه».
ويتقاطع مؤتمر القاهرة اليوم مع حركة دولية باتجاه المنطقة، ابرزها جولة الرئيس الاميركي جورج بوش الذي بدأ العراك السياسي بين المعارضة والموالاة حول زيارته الى لبنان حتى قبل ان يعلن وضعه على جدول جولته.
وكان بوش استبق جولته برسالة حمل فيها دمشق مسؤولية عرقلة الانتخابات الرئاسية في لبنان. وقال بوش، في تصريحات نشرت امس، ان الملف اللبناني سيكون ضمن جولته التي ستركز على عملية السلام الفلسطينية - الاسرائيلية، مشددا على اهمية عزل سورية التي قال انها «ستستمر مادامت تحبط مسير اللبنانيين وتعرقل الانتخابات الرئاسية» فيه. واضاف «يؤسفني ان الرئيس لم ينتخب بعد، واعتقد فعلا ان النفوذ السوري يمنع هذا الانتخاب».
وقال «من الضروري ان نوجه رسالة واضحة الى السوريين: تستمرون معزولين، وتستمر النظرة اليكم على انكم دولة تعرقل ارادة الشعب اللبناني».
اما رسالة لبنان الى المؤتمر فقد لخصها وزير الخارجية بالوكالة طارق متري، قبيل اقلاع طائرته من مطار بيروت، في الدعوة الى تسهيل اجراء الانتخابات الرئاسية، ولاحظ ان هناك تعاطفا عربيا مع لبنان، وقد التقى متري وزير الخارجية المصري احمد ابوالغيط.
مذكرة الأكثرية
الى ذلك، زار وفد من نواب الاكثرية النيابية ضم النواب مصطفى علوش وانطوان زهرا وجواد بولس امس سفراء الاردن واليمن ومصر وسلمهم نسخة عن مذكرة نواب الاكثرية النيابية اللبنانية الموجهة الى وزراء الخارجية العرب والامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، تضمنت عرضا مفصلا لواقع التطورات في لبنان ومسلسل التدخل والممارسات التي تقوم بها سورية لضرب المقومات الدستورية الكاملة للدولة اللبنانية وصولا الى منع انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وطالبت المذكرة الاجتماع الاستثنائي لمجلس جامعة الدول العربية باتخاذ الاجراءات الرادعة بحق تدخل النظام السوري في الشؤون الداخلية اللبنانية ومساعدة لبنان على انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية بعد اجراء التعديلات الدستورية اللازمة وحماية اتفاق الطائف كاطار متكامل للوفاق الوطني اللبناني وتشكيل حكومة وفاق وطني تشارك فيها جميع الكتل النيابية بشكل منصف على ان يكون لرئيس الجمهورية الصوت الوازن فيها ويكون الضامن لتطبيق الدستور والحكم بين الجميع.
وفضل وزير العدل شارل رزق تعريب الحل اللبناني على تدويله، الا انه لا يتوقع الكثير من اجتماع وزراء الخارجية العرب بسبب الانقسام الاقليمي من خلال طرفين لكل منهما مرجعيته الدولية.
العريضي يحذر من الاغتيالات
وزير الاعلام غازي العريضي اعتبر ان مسلسل التشكيك والتخوين يحمل تحريضا خطيرا ويشحن النفوس، وقال: يخطئ من يعتقد ان بامكانه الوقوف بوجه الفتنة اذا ما اندلعت، مناشدا السيد حسن نصرالله الامين العام لحزب الله المساهمة في لجم هذا المناخ وهذا الاسلوب في التعاطي، لأن ما شهدناه بالامس من اتهامات جزافية (ضد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وضد النائب وليد جنبلاط) يذكر بما شهدناه قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري، حيث وجهت اليه اتهامات خطيرة بتعابير لم نألفها، وباتهامات كانت اكبر بكثير مما كانت تحتمله الخلافات السياسية.
الصفحة في ملف ( pdf )