بيروت - عمر حبنجر
جمع الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى اوراقه وغادر بيروت امس عائدا الى القاهرة بخفي حنين بعد اصطدامه بعبثية الواقع اللبناني المحكوم لاعتبارات تتخطى طاقته الذاتية.
وقد عكس موسى بنفسه انسداد الافق امام الحل العربي الجديد بقوله ان الحل لم ينضج بعد، محذرا من خطورة الوضع اللبناني.
وتردد ان موسى سيعود الى بيروت الاربعاء المقبل لاستئناف مهمته، لكن لا يبدو هذا الموعد محسوما في ضوء ما سبق ان ذكر عن عزمه زيارة ايطاليا في ذلك اليوم عينه، اي في 16 الجاري.
ويتضمن جدول اعمال موسى زيارة العاصمة السورية في 18 الجاري، اي قبل ثلاثة ايام من الموعد الجديد الذي ضربه رئيس المجلس نبيه بري لانعقاد البرلمان من اجل انتخاب الرئيس، وهدف الزيارة رعاية مشروع دمشق عاصمة للثقافة العربية.
وضمن مخططات موسى فتح الخط باتجاه السعودية لتقييم الموقف من المبادرة العربية. وعدم نجاح مهمة موسى ترجم بتأجيل جلسة مجلس النواب التي كانت مقررة امس لانتخاب رئيس جديد الى 21 الجاري.
وردت الامانة العامة لمجلس النواب هذا التأجيل الى الاخذ بالاعتبار المساعي الحثيثة التي بذلها ويبذلها الامين العام للجامعة لتنفيذ مقررات الوزراء العرب.
بدوره، ادرج الرئيس بري التأجيل الجديد بالسعي لوضع مقررات الوزراء موضع التنفيذ الفعلي «أملا ان نصل قريبا الى هذا الهدف».
مبارك
في غضون ذلك، دعا الرئيس المصري حسني مبارك امس الى تنفيذ المبادرة العربية لحل الازمة السياسية اللبنانية، محذرا من انه في حال فشلها فإن «الكل سينفض يده» عن لبنان.
وقال مبارك، في تصريحات للصحافيين على هامش زيارة يقوم بها لمحافظة قنا في صعيد مصر، انه من المهم «العمل على تنفيذ المبادرة العربية» الخاصة بلبنان، مؤكدا انها «صادرة عن قناعة من كل الدول العربية بلا استثناء». وحذر من انه «اذا لم يتم تنفيذ هذه المبادرة فإن الكل سينفض يده عن لبنان، ويمكن ان يضيع هذا البلد ولا يدري احد كيف سيكون مستقبله». واضاف انه لا الجهود الاميركية ولا الاوروبية نجحت في تسوية الازمة السياسية اللبنانية «ولم تبق سوى المبادرة العربية، واذا لم يعمل اللبنانيون على انجاحها فإن الموقف سيكون خطيرا جدا بالنسبة للبنان وللمنطقة حوله».
موسى وقبل مغادرته بيروت التيٍ التقى شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن في دار الطائفة في بيروت حيث اكد ان المبادرة العربية ستنجح.
وتحدث عن المزيد من الاتصالات والمشاورات حول نقاط محددة، رافضا الربط بين جولة الرئيس الاميركي في المنطقة وتعثر مهمته في بيروت بداعي ان دمشق وطهران لا تريدان حلحلة الامور اللبنانية مادام الرئيس بوش في المنطقة.
وامتنع موسى عن طمأنة اللبنانيين، وقال ردا على سؤال: ليس الامر بالانذار، انما يجب ان ندرك ان التدهور مسؤولية كبيرة جدا، والذي يقوم بذلك يتحمل المسؤولية والنتائج.
المبادرة مستمرة
وقال موسى ان المبادرة مستمرة وليست لدينا نية حتى الآن لايقافها، وما تقوم به الدول العربية الآن هو انقاذ لدولة شقيقة مهددة بالانهيار، ولن نقف مكتوفي الايدي حيال ذلك.
وردا على سؤال حول ما اذا كان حصل على ضمانات ضد التصعيد، قال: كل لبنان يتجنب التصعيد.
وقيل لعمرو موسى: هناك من ينصح بذهابك الى دمشق وطهران للمجيء بالحل، فأجاب: مخطئ من يظن ان المبادرة اخفقت، ودعا الى مواصلة الامل، وقال ردا على سؤال آخر: لا امل ولا يأس، واشعر ان المهمة لم تنته بعد، وعلينا تجنب التفكير السلبي، وسنواجه اي تفكير كهذا، لكنه لم يجب على اصل السؤال وهو الذهاب الى دمشق وطهران.
وذكرت مصادر ان موسى سيجري اتصالات عربية مكثفة خلال عودته الى القاهرة، وردا على الحديث عن مفاوضات مع الاطراف اللبنانية اكدت المصادر ان الامين العام للجامعة في مهمة تنفيذية في لبنان وليس في مهمة تفاوضية، وبالتالي ان مهمته ستنتهي الى ثلاثة تقارير ترفع الى القمة العربية بواسطة وزراء الخارجية والى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون والى الممثل الاعلى للسياسة الخارجية الاوروبية خافيير سولانا.
وبعد زيارته شيخ العقل، التقى موسى وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ ثم رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري، وفي المطار عقد مؤتمر صحافي مع الوزير صلوخ الذي قال ان المبادرة مستمرة وان زيارة الامين العام الى لبنان ستستأنف ونحن ندعو له بالنجاح ان لم يكن في هذه المرة ففي المرة المقبلة ان شاء الله.
موسى تحدث عن حصيلة جولاته فقال: لقد اعدنا الحياة للعمل السياسي لحلحلة ثم حل الموقف، واعتقد اننا حققنا الحلحلة كخطوة نحو الحل، وانا مغادر الآن ومعي حصيلة كبيرة، وسأعود خلال ايام لاستئناف المساعي، ولم يكن ممكنا ان اعود لو لم تكن المرحلة تمت بهذا الزخم.
دور سورية إيجابي
وردا على سؤال، قال: نعم يستحق الوضع اللبناني وجود الوزراء العرب في بيروت، وتحدث عن تطورات ايجابية، ورد على سؤال مكرر حول ما اذا كانت سورية لعبت دورا ايجابيا، فقال: سورية جزء من المبادرة العربية وطبقا للمبادرة العربية انا اقرأه ايجابيا، وسنستمر في التواصل مع سورية ومع المملكة العربية السعودية ومع قطر وعمان.
وسئل: هل ستزور دمشق، فأجاب: ان شاء الله، وعما اذا كان يتوقع انتخاب رئيس للبنان قبل 27 الجاري (موعد اجتماع الوزراء العرب)، قال: ان شاء الله. وبسؤاله عن كيفية تشكيل الحكومة، قال: هذا من شأن رئيس الجمهورية.
وكان موسي قد اجتمع ليل الجمعة «السبت» بالمعاون السياسي للامين العام لحزب الله الحاج حسين خليل بحضور مساعديه هشام يوسف وطلال الامين، كما التقى المسؤول السياسي في التيار الوطني الحر جبران باسيل. وجرى تداول فكرة دعوة هيئة الحوار الوطني مجددا، لكن التحفظ كان غالبا في ضوء التجارب السابقة غير المشجعة، آخذا بعين الاعتبار تلميح رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون الى رفض الفكرة نهائيا.
تحييد سلاح المقاومة
وقالت مصادر الاكثرية انها طلبت من موسى ابلاغ السيد حسن نصرالله امين عام حزب الله ان سلاح المقاومة ليس عنوانا مطروحا على اي حوار وطني بحسب جريدة «السفير».
وسألت «السفير» موسى ما اذا كانت هناك فرصة امام المبادرة العربية، فأجاب: اكتبوا بالخط العريض على لساني: لسة، وبالعربي الفصيح: ليس بعد، واضاف: الجميع يرغب في الحل، لكن لا احد يتزحزح من مكانه.
من جهته، اوضح النائب السابق غطاس خوري ردا على سؤال حول اجوبة قدمتها الاكثرية الى موسى جوابا على ثلاثة اسئلة وجهها اليها والى المعارضة، فقال ان هذه الاجوبة دعت الى تعديل الدستور عبر الحكومة لانتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا واعطاء الاكثرية نصف اعضاء الحكومة على الاقل واعتماد القضاء كدائرة انتخابية فيما لم تعط المعارضة ردا واضحا على هذه الاسئلة.
تأجيل زيارة رئيس حكومة قطر
كل هذه المعطيات دفعت رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني الى تأجيل زيارته التي كانت مقررة امس الى بيروت، حيث كان يتعين ان يلتقي العماد سليمان ثم ينتقل توا الى دمشق.
وربطت المصادر المتابعة تأجيل الزيارة باتصالات سيعاودها الجانب القطري مع دمشق.
الصفحة في ملف ( pdf )